رئيس التحرير
عصام كامل

مبارك والسيسي.. أيهما سيختفي من الحياة السياسية؟


مخطئ من يتصور أن مبارك وأنجاله سوف يخرجون ليمكثون في قصورهم.. مخطئ من يظن أن مبارك الذي شغل الصفحات الأولى للصحف سوف يكتفي فقط بقراءتها.. مخطئ من يتصور أن جمال مبارك الذي تم إعداده على مدى أربعة عشر عامًا، منذ أن بدأ جمعية المستقبل عام 1997، سوف يشغل يومه بلعب الإسكواش أو بالمضاربة بالبورصة بعد عودة أمواله إليه.

مخطئ من يتصور أن سوزان مبارك ستقضي يومها بالحديث مع سيدات مجتمع، بعد أن كانت صديقة لقرائن الرؤساء، هل تصدق أن أحمد عز سيكتفي بالذهاب إلى مصنعه في الصباح والعودة بالمساء، ينظر اللافتات الانتخابية لمرشحي البرلمان الذي يجيد تمامًا لعبة الوصول له.

هل يقبل رجال حبيب العادلي بمحمد إبراهيم بعد خروج رجلهم بريئا براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. السياسة تقول إن كل شيء ممكن، فمن كان يصدق أن نرى شخصا مثل "مرسي" في الحكم، من كان يؤمن أن السيسي ذلك اللواء الذي عرفناه منذ عامين فقط، أصبح رئيسًا للبلاد بنسبة تأييد خلال انتخابات عادلة لم يصل لها عبد الناصر بانتخابات مزورة.

مبارك وجمال والعادلي وعز ليسوا صفوت الشريف وزكريا عزمي وفتحي سرور، الذين خرجوا ولم نسمع عنهم شيئا.. ولهذا ربما الأيام والشهور القادمة ستشهد ظهور نجوم جديدة واختفاء أخرى، فمصر والمصريون لا يعترفون بوجود رئيسين ونجمين.

السيسي هو الخاسر الأكبر من براءة مبارك حتى لو على صعيد الشعبية والحضور، فبالتأكيد كل مؤيدي مبارك هم من مؤيدي السيسي، ولكن ليس كل مؤيدي السيسي هم من أنصار مبارك، ومع شعب بعضه لا يؤمن بانفصال الأحكام القضائية عن الظرف والتوجه السياسي في كل مرحلة.. تكون براءة مبارك لها تأثير على شعبية السيسي لا محالة. 

ناهيك عن أن أنصار مبارك يرونه رئيسًا شرعيًا، فبعد موجة تخوين وشيطنة ثورة يناير لتتحول إلى مؤامرة يكون كل ما بعدها باطل.. وأحيلك إلى ما قاله أنصار مبارك بعد براءته على غرار "إن مصر عادت اليوم فقط"، و"إن مبارك هو الزعيم"، ونحن دولة وشعب لا نعترف بوجود زعيمين.

الشهور المتبقية ستشهد مقارنات ليست في صالح السيسي، فإذا كان ملف الأمن والاقتصاد هما أهم ملفين لمصر والمصريين، فإن الكفة تميل إلى مبارك الأب في ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، بينما تميل الكفة إلى مبارك الابن في ملف الاقتصاد، فحينما قدموه لنا قدموه على أنه الحاصل على ماجستير إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية ورئيس فرع بنك "أوف أمريكا" بلندن لسنوات.

وعن التيارات الدينية، فأعتقد أن خصومتهم مع السيسي أكبر من مبارك، فضلًا عن أنها تيارات ليس لها ولاء إلا لمصالحها فقط، ومبارك ونظامه لهم تاريخ طويل في التعامل معهم.

أما عن رجال الأعمال، فبالتأكيد أن الأفضل لمحمد أبو العينين وحسين سالم وبهجت وغيرهم التعامل مع مبارك أبا وابنًا عن السيسي، فمبارك يتعامل مع رجال الأعمال بنظام أقرب إلى الرأسمالي وهي الأفضل لصاحب المال، بينما السيسي يتعامل بطريقة اشتراكية عبد الناصر والتبرعات وجمع الأموال لإدارة الدولة.

أما عن الإعلام، فيكفي أن ترى ما فعله "أحمد موسى" في مكالمته الهاتفية مع مبارك بعد براءته بدقائق، يكفي أن تسمعه وهو ينادي مبارك بـ "سيادة الرئيس"، يكفي أن تقرأ مانشيت جريدة "اليوم السابع" الرئيسي في الأول من ديسمبر الحالي تحت عنوان "الترتيبات بدأت الآن لترشح جمال مبارك رئيسًا في 2018".

أشفق على السيسي من الأخطبوط القادم نحوه الذي يحتم عليه التعامل معه إما بمواجهته أو بالتحالف معه، وإن كانت النتيجة واحدة ومؤكدة في كلا الأمرين.. ومن الآن إذا وجدتم هجومًا على السيسي فليس شرطًا أن يكونوا إخوانًا يريدون إسقاطه، أو ثوارا لم يجدوا فيه الحلم، ولكن هناك تيار ثالث قادم.

ومتى وجدتم الإعلام يردد "أن مبارك كان أفضل في هذا أو ذاك"، أو مقالات وبرامج تتحدث عن عقلية "جمال مبارك" الاقتصادية، أو حتى أن الشعب فقط هو صانع ثورة الثلاثين من يونيو وعزل مرسي، وأن انحياز "السيسي" لها لم يكن اختيارا وإلا لعُزل معه مثل غيره، فاعلموا أن صيف "السيسي" قريب.
الجريدة الرسمية