عائشة عبد الرحمن "بنت الشاطئ".. رحلة نضال من أجل الحرية والتعليم
"وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا" بيت شعري قاله أمير الشعراء أحمد شوقي لا يعرف قيمته أو يعمل به إلا القليلون، ولكن من يعمل به يصل لأرقى المراتب ويحقق أمنياته، كما فعلت عائشة عبد الرحمن المعروفة بـ"بنت الشاطئ".
بدأت عائشة عبد الرحمن كفاحها ونضالها منذ طفولتها، عندما رفض والدها خروجها من المنزل وذهابها للمدرسة للتعليم، وذلك وفقا لتقاليد العائلة التي تعيب على البنت الخروج من منزلها، ولكنها أصرت على التعليم وحاربت من أجل ذلك بمساعدة والدتها وجدها لوالدتها حتى أكملت تعليمها في المنزل وتفوقت على قريناتها رغم اعتمادها على نفسها في المذاكرة.
وتطورت بنت الشاطئ واستمرت في نضالها ومناداتها بحقوقها وحقوق المرأة في كل مكان، فأصبحت أول امرأة تلقى محاضرات في جامعة الأزهر، وألقت المحاضرات كأستاذ في اللغة العربية وآدابها في العديد من الجامعات منها الإمارات وبيروت والجزائر والخرطوم والرياض.
ومن التدريس إلى منبر الصحافة، حيث أصبحت عائشة عبد الرحمن قدوة للنساء في مصر بعد أن صارت ثانى امرأة تكتب في الصحافة المصرية وخاصة جريدة الأهرام بعد الآنسة مي زيادة، وكانت عائشة تكتب باسم مستعار وهو "بنت الشاطئ" ومن هنا أطلق عليها هذا اللقب الذي نتذكرها به حتى الآن، وجاء اللقب من حبها الشديد لشاطئ دمياط الذي نشأت وترتعرت به.
تزوجت أستاذها بالجامعة الأستاذ أمين الخولي صاحب الصالون الأدبي والفكري الشهير بمدرسة الأمناء، وأنجبت منه ثلاثة أبناء، وواصلت مسيرتها العلمية حتى نالت رسالة الدكتوراة عام 1950م وناقشها عميد الأدب العربي دكتور طه حسين.
تركت بنت الشاطئ وراءها أكثر من أربعين كتابا في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، وأبرز مؤلفاتها هي: التفسير البياني للقرآن الكريم، القرآن وقضايا الإنسان، تراجم سيدات بيت النبوة، وكذا تحقيق الكثير من النصوص والوثائق والمخطوطات، ولها دراسات لغوية وأدبية وتاريخية أبرزها "نص رسالة الغفران للمعري، الخنساء الشاعرة العربية الأولى، مقدمة في المنهج وقيم جديدة للأدب العربي"، ولها أعمال أدبية وروائية أشهرها "على الجسر.. سيرة ذاتية" سجلت فيه طرفا من سيرتها الذاتية، وكتبته بعد وفاة زوجها أمين الخولي بأسلوبها الأدبي، وكتاب "بطلة كربلاء"، وهو عن السيدة زينب بنت على بن أبي طالب، وما عانته في واقعة عاشوراء سنة 61 بعد الهجرة، ومقتل أخيها الحسين بن على بن أبي طالب، والأسر الذي تعرضت له بعد ذلك، ومن مؤلفاتها سكينة بنت الحسين، مع المصطفى، مقال في الإنسان، نساء النبي، أم الرسول محمد..آمنة بنت وهب، أعداء البشر، أرض المعجزات ورحلة في جزيرة العرب.
ويبدو أن اليوم 1 ديسمبر، هو يوم المرأة، ففى اليوم الذي نحتفل فيه بذكرى ميلاد قاسم أمين "محرر المرأة"، تتصادف ذكرى وفاة عائشة عبد الرحمن الملقبة بـ"بنت الشاطئ" المناضلة من أجل حقها في التعليم والعمل أولا، ثم حقوق باقي النساء في التعليم والعمل والحياة بحرية ومساواة مع الرجال.