"قاسم أمين" نصير المرأة الذي دعمه "زغلول" وهاجمه مصطفى كامل
ارتبط اسمه بالمرأة والحرية والعمل والحياة، وفي المقابل هناك من ينتفض ويثور ويصرخ "فاسق، منحل وعميل الغرب" بمجرد سماع اسمه، هو الذي تمسك بمبادئه ولم يهتم مطلقا بما يُثار ويُقال عنه مادام يحارب من أجل قضيته وفكره، لم يلتفت إلى الشكل فكان كل ما يهمه هو الجوهر، فهو القائل "ليس من المهم أن تكون محجبة إنما المهم في طريقة مشيتها وتصرفاتها".
إنه قاسم أمين، أول رجل ينادي بتحرير المرأة في مصر والثورة على الجهل والتعنت الذي يُمارس ضدها، فكان يرى أن تربية النساء هي أساس كل شيء، وتؤدي لإقامة المجتمع المصري الصالح وتخرج أجيالا صالحة من البنين والبنات، فعمل على تحرير المرأة المسلمة، وذاعت شهرته وتلقى بالمقابل هجوما كبيرا فاتهمه مهاجموه بالدعوة للانحلال.
ولد قاسم أمين في مثل هذا اليوم 1 ديسمبر عام 1863، واهتم منذ بداياته بالإصلاح الاجتماعي فأصدر كتاب "أسباب ونتائج وأخلاق ومواعظ"، ومر هذا الكتاب مرور الكرام، ولكن بدأ الصراخ وأصابع الاتهامات تتجه نحو قاسم بعد إصداره كتاب "تحرير المرأة" عام 1899.
الكتاب صدر بدعم من محمد عبده وسعد زغلول وأحمد لطفي السيد، وترجمه إلى الإنجليزية ونشره في الهند والمستعمرات الإسلامية، وناقش في الكتاب حجاب المرأة، مشيرا إلى أن التخلي عنه ليس خروجا على الدين وليس سفورا، واستنكر العزلة بين الرجل والمرأة لأنها – بوجهة نظره - ليست من الشريعة، ووجه الدعوات الصريحة للمرأة للتحرر والخروج للعمل وللشارع، والاطلاع على شئون الحياة مثل الرجال.
وكان هذا الكتاب بداية لوابل من الاتهامات والهجوم على قاسم أمين، وكان من أشهر من هاجموه الزعيم الوطني مصطفى كامل، الذي ربط أفكاره بالاستعمار الإنجليزي واتهمه بأنه ينفذ مخططات الإنجليز، واتفق مع كامل في موقفه رجل الاقتصاد المصري طلعت حرب، الذي قال إن رفع الحجاب من أمنيات الغرب، أما الزعيم الوطني محمد فريد فرد عليه بكتاب "المرأة المسلمة" الذي يؤكد فيه على فرض الحجاب والعزلة بين الرجال والنساء.
ولكن قاسم أمين لم يلتفت لكل هذا الهجوم، ولم يتراجع عن مبادئه بل استمر في الدفاع عن أفكاره، وفي عام 1901 أصدر كتابا جديدا بعنوان "المرأة الجديد"، أكد فيه على الأفكار ذاتها التي جاءت بكتاب "تحرير المرأة"، وأهدى الكتاب لصديقه وداعمه الزعيم سعد زغلول.
توفى قاسم أمين 23 أبريل عام 1908م، وهو في الخامسة والأربعين من عمره، ورثاه عدد من الشعراء مثل حافظ إبراهيم وخليل مطران وعلي الجارم، وندبه الزعيمان سعد زغلول باشا وفتحي زغلول، وحتى الآن ظل اسمه مرتبطا بتحرير المرأة، وإذا تحدثت أي امرأة مصرية عن حريتها فلن تنس فضل قاسم أمين في ذلك.