رئيس التحرير
عصام كامل

ثورات وجيوش ورؤساء.. ولعب عيال!


لماذا يقوم الجيش وحده بالانقلاب في كُل دول العالم؟ والجيش هو التابع أو بالأوضح هو أساس وزارة الدفاع، لماذا لا تُنفذ الشرطة (وزارة الداخلية) الانقلابات في أي مكان في العالم؟ لماذا لا تقوم بذلك وزارات المالية، أو الصحة، أو الخارجية، أو الإعلام؟ أو حتى الرى؟!

هل يبدو السؤال ساذجًا حقًا؟ أم أن الحقيقة والإجابة معروفة ولا تحتاج للطرح كاستفسار أصلًا؟ مَن يمتلك الجيش، فقد امتلك البلاد، ولو راجعنا تواريخ الانقلابات في كُل سنوات التاريخ وأجزاء الجغرافيا، سنجد أن الكلمة العُليا دائمًا كانت للجيش، سواء في الانقلابات الصريحة، أو في الانحياز لثورة أو حراك أو حتى سُخط شعبى، باختصار.. مَن يمتلك الجيش، يمتلك القرار، ويمتلك الحُكم!

لماذا رحل (مبارك) عن عرش الرئاسة؟ لأن الجيش اختار الوقوف في صفوف المتظاهرين، وانحاز للثورة عندما أصبح الوقت لازمًا للانحياز، لا للحياد، لو تضامن الجيش وقتها مع النظام، لكان عليه أن يرتكب بعض الحماقات التي ستصل لحل من اثنين، إما مذابح جماعية، وإما انشقاقات في الجيش، لذا فقد احتفظ الجيش بنفسه وبالوطن، فلو ارتكب مجازر جماعية لتحوَّلنا إلى ليبيا، ولو حدثت الانشقاقات لتحوَّلنا إلى سوريا، ولا يخفى على حضرتك الحال في الدولتين السابقتين الآن، فلا دولة هُناك في الشمال الشرقى، ولا في الغرب، وإنما حروب عصابات، وأسلحة بكُل أنواعها في أيدى ميليشيات ومجموعات ومرتزقة ومُجاهدين وعيال صغيرة لسَّه لا مؤاخذة بتعملها على نفسها!

وماذا أيضًا؟ الجيش اختار الوقوف بجوار الشعب مُجددًا في ثورة يونيو، وإلا لسالت الدماء أنهارًا على أيدى بلطجية الإخوان وميليشياتهم باسم الدفاع عن الرئيس الشرعى والإسلام أيضًا، والبروفة كانت موجودة في مذبحة الاتحادية، وفى أحداث مكتب الإرشاد، ومن الأول ومن بدرى أوى في جُمعة كشف الحساب، مَن يُعارض (مُرسى) ولو بشوية ميَّه فسنرشه بالدم على رأى (صفوت حجازى) قبل ما يهرب من الاعتصام الإجرامى، ويجيبوه من الصحرا ويشربوه الميَّه والعصير، فلا يرُد بدم ولا بماء، وإن كانت سحنته أكثر تعذيبًا لنا بالتأكيد!

طيب لو قامت ثورة بجد يوم 25 يناير القادم كما يدعو لها الإخوان وبعض المجموعات المشبوهة والمُخربين من أمثال 6 أبريل، والاشتراكيين الثوريين، والجربانين الشماليين، والمعضعضين في الشريعة، والتيار التقدمى التحدُفى اللى جاى من ورا، وأمثالهم، وبغض النظر عن أن مجموع كُل هؤلاء كأعداد في الحشد لن يتخطى 50 ألفا أو بالمُجاملة 100 ألف، وبكده لا يُمكن وصف هذا التهريج بالثورة، فإن الجيش لا يُمكن أن ينحاز لأمثال هؤلاء، خاصةً بعدما ثبتتت عليهم الخيانة والتخابر، وتم تسجيل وفضح المُكالمات والمُراسلات والتمويل الأجنبى.. إلخ، فهل يبيع الجيش الوطن؟ وهل يتحرَّك الجيش من أجل هؤلاء رغم أن أعدادهم لا يُمكن أن تُمثّل 10% من أعداد المُتظاهرين في 25 يناير 2011، ولا 1% من أعداد المُتظاهرين في 30 يونيو 2013؟ الإجابة طبعًا لأ!

وهُناك أمر آخر لا يُدركه الحمقى المُنادون بثورة ستكون في كُل الأحوال فاشلة، حتى لو حشدوا لها من الهند والصين وفلسطين، لو لم ينحز الجيش للمطالب ويُساعد في الإطاحة بالرئيس، فهى حركة أو انتفاضة أو مظاهرة أو ثورة فاشلة، وبغض النظر عن موقف الغالبية العُظمى من الشعب حاليًا ومستقبلًا حتى سنوات عديدة للأمام، ورفضها للتهريج باسم الثورة كُل شهرين من أجل المزيد من الخراب في البلد، والقضاء على حلم الاستقرار الذي صار أهم من الأكل والشرب نفسهم، فطالما كان الجيش مع الرئيس فلا يُمكن أن تفلح مثل هذه المحاولات، ومَن امتلك الجيش فقد امتلك البلاد بالفعل، خاصةً وهو يحظى بظهير شعبى حقيقى، ويعتبره مُعظم المصريين بطلًا، بغض النظر عن مُنظرى الفضائيات، ومُشيرى الفيس بوك عمَّال على بطال، اللى عمالين يشيَّروا على نفسهم ليل ونهار!

إن الجيش الذي فقد العشرات من جنوده وضباطه على أيدى خونة متآمرين، وباسم الإسلام، وبعد تهديدات صريحة من الجماعة الإرهابية والمسخ المُسمى بـ(محمد البلتاجى) ما لا يدع مجالًا للشك في كون مُجرمى الجماعة هُم المُتسببون مع حلفائهم في الداخل والقادمون من أنفاق حماس من الخارج، هُم قتلة جنود الجيش والشرطة، هذا الجيش لا يُمكنه أن يسمح بتسليم السُلطة مُجددًا لعصابة وضيعة حتى لو أراد الشعب ذلك، فما بالك والشعب نفسه بيلعن سلسفيل جدودهم، على اليوم اللى شوفناهم فيه؟!

إذن الحكاية من أولها لآخرها تضييع وقت، ودعوات كاذبة (لإسالة المزيد من الدماء فإثارة المزيد من مشاعر الرفض والاستفزاز) هذه الدعوات لن تتحول إلى أمر واقع لثورة أو حتى انتفاضة بسيطة، تمامًا كما حدث الجُمعة الماضية عندما كان عدد المُحتشدين للثورة الإسلامية المزعومة أقل من عدد رُكاب سيارة تاكسى، وسيبقى الأمر دائمًا لعب عيال، مادام كان خارجًا عن أي إطار أو تأييد شعبى، ومش كويس أبدًا الاستجابة لدعاوى العيال في هذا الصدد، فالمشى ورا العيال له خواطر جسيمة، وإن كان من الواضح أن بعضهم يعشقها، ويحترفها كمهنة!
الجريدة الرسمية