رئيس التحرير
عصام كامل

براءة لمبارك وإدانة لنظامه!


للمرحبين والرافضين للحكم القضائي الذي أصدره المستشار محمود كامل الرشيدي في القضية التي أسماها الإعلام محاكمة القرن أقول قبل الترحيب أو الرفض افحصوا هذا الحكم جيدا فقد يخفف ذلك من فرحتكم أو غضبكم!

فهذا الحكم لم يقتصر فقط على براءة حبيب العادلي ومساعديه من تهمة قتل المتظاهرين وانقضاء الدعوى بالنسبة لمبارك في هذه التهمة وبراءته هو وحسين سالم في اتهام تصدير الغاز، ورفض دعوى اتهامه بالاشتراك في قتل المتظاهرين، وانقضاء الدعوى الخاصة بولديه..

إنما تضمن هذا الحكم في حيثياته أربعة أحكام قضائية أخرى شديدة الأهمية التي تساهم في كتابة تاريخ مصر في السنوات الماضية منذ أواخر حكم مبارك وحتى الآن.

الحكم الأول هو حكم إدانة سياسية لنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك للترهل الذي أصابه لطول عمره وتمسك أقطابه بمقاعدهم مما سمح بانتشار الفساد.

أما الحكم الثاني فهو أول حكم قضائي يقضي بأن ما حدث في ٢٥ يناير هو ثورة شعبية انتفض فيها الشعب طالبا العيش والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.. ولعل ذلك ينهي الجدل الدائر الآن وسط النخبة السياسية حول هذا الأمر.

بينما كان الحكم الثالث هو أيضا أول حكم قضائي يقضي بأن ما شهدته البلاد في ٣٠ يونيو كان ثورة شعبية انتفض فيها الشعب ضد استبداد وفاشية الإخوان.. وهذا يعد أبلغ رد على الذين ما زالوا يشككون في هذه الثورة ويعتبرونها انقلابا عسكريا.

ويتبقي الحكم الرابع وهو حكم قضائي بشرعية الحكم الجديد الذي تشكل بعد الثالث من يوليو والذي جاء برئيس منتخب بأغلبية كاسحة ودستور تم إقراره بأغلبية ضخمة للناخبين.

وكل هذه الأحكام القضائية الأربعة هي في تقديري أهم من بقية الأحكام الأخرى سواء الخاصة بقتل المتظاهرين أو بتصدير الغاز والتربح منه، لأنها تقدم ردا قضائيا على كثير من الأسئلة التي أثيرت وما زالت مثارة في بلدنا، والأهم يفسر قضائيا حقيقة أحكام البراءة التي حكم بها المستشار الرشيدي طبقا للقانون.. وهذا ما يتعين أن يستوعبه جيدا الفرحون بهذه البراءة والغاضبون منها.
الجريدة الرسمية