النقل الثقيل.. ترخيص بالقتل خارج المدن !
للناس كما للحكومة تجربة مريرة فاشلة مع سائقي الديناصورات المفصلية، النقل ومقطوراته وسنينه وبلاويه، ناس وحكومة ما قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، وناس وحكومة ما بعدها، حتى السبت الماضي، الذي نفذت فيه حكومة محلب قرارها العجيب بإطلاق المخدرين والمجانين، والبلطجية، والمعاتيه، من سائقي النقل الضاري علينا في الطرق السريعة.
لحكومة نظيف، أيام مبارك، قرار مماثل، صدر بعد تسبب مقطورة في استشهاد عدد كبير من جنود الأمن المركزي، عادة يا ولداه هم مرشحون لابتلاءات الإرهاب والإهمال، ومع بدء التنفيذ، تمرد السائقون، وتراجعت الحكومة، وأعلنت عن موعد انتقالي بعد ثلاث سنوات، يتخلص فيها أصحاب النقل من ذيولهم الإسطوانية الأخطبوطية، ويكفون عن مطاردتنا، نحن الفئران، المواطنين، على الطريق الصحراوي أو الزراعي !
لم نتفاءل، الحقيقة، بقرار محلب، لسببين، أولهما أنه جاء من نفس رحم القرارات السابقة، رحم الكوارث، يعني هوجة وحمقة وشدة غربال، وبعدها نهمد وتهمد الحكومة، والسبب الثاني، أنه قرار عجيب، نص على حظر سير الوحوش المعدنية المخدورة والمغيبة والمفتونة بأحجامها، من السادسة صباحا حتى الحادية عشرة مساء. قلنا "خير"، غير أن القرار اقتصر على الحظر داخل المدن، أما خارجها، حيث المجال الخارجي للقتل والعربدة، فمفتوح ومتاح ومباح، وانطلق يا وغد يا شمام كالأسد الهصور، واهرس ودوس وروع المواطن - الفأر وعياله - داخل سيارته.
هؤلاء السفلة المجرمون صارت بحوزتهم حاليا، وبقرار محلبي، رخصة للقتل والمجون، والتمايل يسارا ويمينا، على صحراوي مصر إسكندرية، وصحراوي مصر الإسماعيلية، وزراعي القاهرة المنصورة، وطنطا البحيرة، ولن يردعهم أحد ولن يجرؤ. لقد أفرغت الحكومة القرار من مضمونه، وترددت، بعدما رصدت تحريضا من الجماعة الإرهابية الخائنة لدى السواقين، لإعلان العصيان والإضراب. ما معنى حظر وحش شرس، يشتهي إراقة دماء الأبرياء، داخل المدن، وإطلاقه عليهم، خارج المدن.
كأنما تقول لهم. هم حلال عليك في الصحراوي، وحرام عليك في طرقات القاهرة والمدن الأخرى. هم مستفزون، ينتهكون القانون، ولا يكترثون بحكومة، ولايزالون يحتكرون يسار الطريق، ويزنقون الناس في الوسط أو أقصى اليمين، أو يرفعون الضغط ويحرقون الدم والسكر، حين يسدون عليك خط الأفق، في سيارتك الصغيرة، وحشان عملاقان، ويتوازيان، بل ويتسامران عبر النوافذ، أو يتبادلان الفكة أو سيجارة محشوة.
إننا نموت كمدا وغيظا كل يوم، ولقد سلمتنا لهم حكومة محلب تسليم طريق.. لن يكتفي الوحش بضحايا الزراعي والصحراوي،. هو ذاق الدم، ودم سكان المدن أزكى وأشهى.
تصفيق حاد للحكومة !