رئيس التحرير
عصام كامل

درء المفاسد مقدم على جلب المصالح


في البداية دعونا نتفق على كل ما يجمعنا باختلاف انتماءاتنا، فهناك دائما من يتربصون بنا ويركزون بكل جهودهم وتمويلهم على ما نتفرق فيه؛ لأنه يشكل لهم الفرصة السانحة التي تحقق لهم ما يريدون بدون أي تكلفة، والأحداث حولنا كفيلة بتقديم الدليل الواضح لذلك.


فالتركيز على إشعال نار الحروب بين الطوائف والعقائد والمناطق والمذاهب، وذلك بلمس مشاعر الأنانية والتخلي عن النزعة الوطنية والولاء له، يتصاعد كل يوم منهم بمسميات عدة، وللأسف يوجد من لديه القابلية لبلع الطعم وللأسف لا تفيق منه الناس إلا بعد ثأر وثأر مضاد حتى يقضي على الأخضر واليابس.

وهذا ما تناولته بالنقاش مع المتحدث باسم وزارة الخارجية لإحدى الدول الغربية على شاشات إحدى القنوات الفضائية الشهيرة على الهواء، قبل ما أسموه "الربيع العربي"؛ حيث قلت إن هذه المفاهيم هي مفاهيم تثار فقط على الدول التي عليها الأنظار للنيل منها ويتم تجاهلها في دول أخرى.

هذا لا يوجد إلا في المنطقة العربية التي يتصارع عليها الجميع لفرض السيطرة دون تكلفة، ولن يكون هناك سيطرة ما لم يوجد هناك تفرقة وعليه فهم يقومون بنفخ الكير في إفشاء التطرف والكره والعدوانية والتركيز على مفهوم حقوق الإنسان التي تختلف وفقا لكل مكان وزمان.

إن حقوق الإنسان للأسف لا يمكن أن تكون هدفا؛ لأنها عامل تابع تترتب على عامل آخر وهي أثر له، والعامل المستقل لها هو البحث عن تحقيق النهضة التي تضمن للشعوب الحياة الكريمة بعيدا عن الجدل، حينها ستوجد حقوق إنسان لأنه بالعقل وبالمنطق إذا كانت الدولة أساسا ليس لها حقوق أمام العالم وتنتظر المعونة فكيف يكون لشعبها حقوق؟

ومن هذا المنطلق، فالجدل لن يسمن ولن يغني من جوع، فتفسير أحكام القضاء بالبراءة أو الإدانة للرئيس الأسبق هو لفت الأنظار إلى الدخول في مرحلة جدل جديدة تقضي على ما تبقى من بلادنا وهذه هي الحلقة الأخيرة التي يريدها أعداؤنا لتودي بما أمامهم من قوة مصر والإضرار بالتوازن الإقليمي.

فطالما كان هناك قانون تم الاستناد إليه وطالما ارتضينا منذ البداية بالمحاكمة، فعلينا بقبول النتائج، ويقول المذهب الفقهي: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.. وهو الذي يضمن وجود وطن.. كان في مهب الريح.
الجريدة الرسمية