التطور الحضاري في ظل الديمقراطية
ما هو الهدف من الديمقراطية وإثبات الصحة لفكرة إنشاء نموذج عربي خاص بمجتمعنا العربي.. وبيان الخطأ في أن نأخذ قواعد الديمقراطية وحقوق الإنسان من الغرب.
أولا نبدأ بمعرفة الهدف من الديمقراطية ومن حقوق الإنسان ومن جميع المسميات والشعارات الديمقراطية أو الحقوقية مثل (الحرية.الكرامة.العدالة الاجتماعية. المساواة. التخلص من الجبابرة. التخلص من الطغاة. الثورة)، فالديمقراطية والحرية والمساواة وغيرها من جميع المسميات السالف ذكرها هي مجموعة من الأفعال المعينة التي ينبغي على الشعب الالتزام بها، وعلى القانون والدستور حفظها وتشريعها.. وهنا نرى الارتباط بين كل تلك الغايات وبين الشعب أي المجتمع الذي أفرز السلطة والذي أفرز القانون.
والآن دعنا نسرد بعض تلك الغايات ونرى ما هو الهدف منها، فبالنظر إلى حرية الرأي والتعبير عنه، سنجد أن الهدف العملي منها والأساسي هو إرساء حقوق الفكر والابتكار والاختراع في شتى المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ من أجل أن نبرز الأفكار والاختراعات التي من الممكن أن تقود المجتمع إلى المزيد من التقدم والرقي والحياة الكريمة للفرد وللمجتمع بأثره.
وبالنظر إلى المساواة والعدالة الاجتماعية، سنجد أن الهدف منها هو محو الأضغان والأحقاد بين أفراد المجتمع، وأيضا سنجد أن بتحقيق المساواة يتم بالتالي المساعدة في القضاء تماما على الظاهرة الإجرامية في المجتمع، كما سنذكر فيما بعد كيف أن الجريمة تعتمد اعتمادا أساسيا على الوراثة والعامل النفسي والاجتماعي، وأن أهم تلك العوامل هو العامل النفسي والظروف الاجتماعية.
فبتحقيق المساواة لن نجد مثلا الرشوة أو الوساطة وغيرها من شتى أنواع الجرائم الإفسادية والجنائية أيضا.. هذه واحدة، أما الأخرى هي تقدم المجتمع وارتقاؤه حضاريا وتطوره؛ حيث إن بالمساواة سيجد من لديه الخبرة مكانه الصحيح الذي يجب أن يكون به، وسيرى نفسه فعلا في المكان المناسب الذي يظهر خبرته ومهاراته دون أن يأخذ غيره ممن هو أقل منه كفاءة وخبرة هذا المنصب أو المكان.
فنسطيع القول إن هدف المساواة أيضا هو الارتقاء بالمجتمع نحو التقدم والرقي الحضاري، مثل ما هو حال الهدف من إرساء حقوق التعبير عن الرأي؛ حيث إن كلاهما يهدف إلى النهوض بالمجتمع والتقدم الحضاري له.
وبالنظر إلى العدالة الاجتماعية سنجد أيضا أنها تقوم على تفعيل الموازنة بين الطبقات داخل المجتمع؛ ما يجعل المجتمع يرتقي فكريا واقتصاديا، وهنا أيضا نلمس أن الهدف الرئيسي من العدالة الاجتماعية هو النهوض والتقدم الحضاري للمجتمع وتطوره نحو الأفضل.
وهكذا بالنسبة لجميع المسميات الديمقراطية والحقوقية، فكلها تأتي لهدف رئيسي وهو إثراء المجتمع وتدعيمه والنهوض به وتطوره تطورا حضاريا.
وكما ذكرنا أن هذه المسميات لأفعال معينة لابد لها من سلطة تنفذها وشعب يلتزم بها، وقانون وتشريعات يقرها وينظمها، وأنها ترتبط ارتباطا أساسيا بالمجتمع؛ لأنها أتت أصلا من أجل تقدم هذا المجتمع والنهوض به، وإقامة حضارته بين البشرية الآن.