الانتخابات البرلمانية واستراتيجية قـفـز الحواجز
هناك استراتيجية واضحة ينتهجها الإخوان ومن يدور فى فلكهم، وهى القفز فوق الحواجز. والمراقب يتبين ملامح هذه الاستراتيجية بسهولة ويسر منذ صدور الإعلان غير الدستورى ـ باعتبار أن الرئيس المنتخب ليس ســـلـطـة تأسيسية ــ فى نوفمبر 2011 م. فهذا الإعلان قد أثار العديد من الزوابـــــع لما ينطوى عليه من انقلاب على دولة القانون.
وبدلاً من التراجع عنه فإذا بهم يقفزون فوقه ويتجاوزونه، فلما اشتد الضغط الشعبى وظهرت فى الأفق ملامح جبهة الإنقاذ، واشتد احتجاج القضاة حدث تراجع ظاهرى عن الإعلان بإلغائه بإعلان آخر مع الإبقاء على آثاره، إذن فلا معنى للإلغاء سوى التراجع الشكلى الذى يخدر الرأى العام ويوهمه بالتراجع وقد بقى النائب العام فى منصبه رغم ما شاب تعيينه من عوار، وتحصن مجلس الشـــــورى وكـــذا الجمعية التأسيسية المطعون على شرعيتهما دستورياً.
وجاء سلق الدستور بليل وتسليمه وإعلان موعد الاستفتاء عليه لينشغل الناس بالدستور وما تبخر من وعود رئاسية بشأن الحوار المجتمعى حوله، وثار جدل واسع حول الأمر حتى قيل إنه ستجرى مناقشة المواد مثار هذا الجدل بعد الاستفتاء، وكل شىء قابل للنقاش والحوار. والنية المبيتة هى قفز هذا الحاجز، بعدها يكون هناك شأن آخر.
وما إن تم إقرار الدستور بأغلبية الأقلية جرى تصدير آلية تغـــيير الدستور المنصوص عليها دستورياً فى مواجهة من يطالب بما تم التوافــــق حوله، وإذا بالحوار الوطنى ينزلق من مناقشة مواد الدستور إلى مناقشـــــة قانون الانتخابات الذى تعهدت الرئاسة بضمان نفاذ نتائجه، وعـنـد عــــرض مشروع القانون على مجلس الشورى أطاح رئيسه بما تم الاتفاق علــيـــه، وتعهد الرئيس بضمان إنفاذه رغم أن الحوار الــــوطنى الذى دار بشــــأنــه أشبه بحوار النفس الداخلى فى أحلام اليقظة.
وجرى تمرير القــــانون إلـــى المحكمة الدستورية لإصدار قرار بشأن مدى دستوريته، فى إطار الرقابــــة السابقة المخولة لها دستورياً، وأعادت المحكمة المشروع مشفوعاً بقـــرار عدم دستورية عشر مواد، تجاوز المجلس المواد الجوهرية وعدل البــــــعض الآخر ومرر المشروع للرئيس للتصديق عليه، وبعد أن أصدر الرئيس قـراراً بفتح باب الترشح قبل نشر القانون فى الجريدة الرسمية أرسل نسخة للمحكمة للإحاطة وفقط وتم تجاوز العقبة.
وانقسم الشارع السياسى بين مشترك فى الانتخابات ــ ترشحاً وتصويتاً ــ وبين غير مشترك فيها، والواقع أن الانتخابات ما هى إلا حلقة من حلقات قفز الحواجز وتجاوزها فى سباق محموم نحــــــــو ابتلاع الدولة المصرية والهيمنة على مقدراتها، وهناك دواع عديدة تحول دون المشاركة فى هذه الانتخابات منها دواعى دستورية وقانونية وتتمثل فى:
الاتفاق على مواد الدستور التى تحتاج إلى تعديل مع توفير الآليـــــــــة التى تكفل على نحو قاطع الالتزام بها، وكذا الالتزام المطلق ـــ معناً ومبناً ــ بملاحظات المحكمة الدستورية. وتغيير الحكومة أو على الأقل الوزراء ذوى الصلة بالعملية الانتخابية، وكذا إقالة من تم تعيينهم فى الجهاز الإدارى للدولة بعد تولى الرئيس مرسى مع توافر كل ضمانات النزاهة والشفافية الدولية، مع اتخاذ ــ كموقف أخلاقى ومبدئى ــ كل الإجراءات اللازمة لمحاسبة قتلة الشهداء وإنهاء حالة الاحتقان فى الشارع السياسى المأزوم على نحو غير مسبوق.
بالطبع لن تستجيب جماعة الإخوان لهذه المطالب، وكذا من يدور فى فلكها وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً.
الأمر فى حاجة إلى تحرك القوى السياسية الممانعة على مستوى الشارع لإقناعه بأسبـاب المقاطعة حتى يقف الفصيل المناوئ للمطالب الشعبية فاقداً لشرعيته.