رئيس التحرير
عصام كامل

المقاطعة وإعادة دور المعارضة (2- 2 )


للمقاطعة أبعاد أخرى وأهم من مجرد حرمان هذا النظام القمعى من شرعية شكلية، يسعى لها ليبرر للعالم أجمع بعد ذلك قمعه وتنكيله ليس فقط بالمعارضين له بل أيضا بكل قوى الشعب من خارج التنتظيم، إن المقاطعة هى فى كينونتها بلاء لهذا النظام واختبار جدى لقدراته الضئيلة والمتردية التى لن تقدر على إدارة بلد غارق فى الفوضى والظلم الذى صنعه تنظيمه، ومفتقد للأمن الذى قضى عليه عمليا باقتحامه للسجون وأقسام الشرطة من قبل تمكينه، ما جرأ الخارجون على القانون على الاستهانة بمؤسسة الأمن فأصبحت والعدم سواء إلا عند استخدامها كذراع تنكيل فى يد النظام فستلقى مقاومة لن تستطيع تحملها ولن يرضى بها رجال الشرطة أنفسهم خوفا على حياتهم ورفضا لأن يتحولوا لكبش فداء للجماعة.

الأهم من ذلك هو الغياب الفعلى لدولة القانون والاستهزاء الذى مارسه رموز النظام بالتعاون مع ميليشياتهم ضد محاريب العدالة، وهى المحاكم فأصبح كل فرد يرى فى نفسه الحكومة والدولة وله فى ذلك أسوة سيئة من رموز النظام!
من إذن يستطيع فرض سيطرته على مجتمع بهذه السيولة المقيتة، حيث أصبحت الدولة ذكرى للماضى يتندرون عليها ويتحسرون أيضا! إذن لن تقدر الجماعة على فرض سطوتها مهما أقرت من قوانين سيئة السمعة ضد كل من يعارضها وبخاصة الشباب الذى يحرص على الموت فى سبيل حريته أكثر من حرص الجماعة على الحياة والتمكين والسيطرة.
يحدث هذا يوميا الآن وسيتزايد مع سرطان الفقر والخراب الاقتصادى الذى تقوده الجماعة بفشل ذريع، مُصرة بغباء وحماقة على إشعال حياة الفقراء بالضرائب وبتدليل رجال الأعمال وتمكينهم من العمالة الفقيرة وتشريدها، حيث يؤمن هذا التنظيم بالرأسمالية المتطرفة وبقوة المال فى يد مجموعة بعينها تكون سندا له فى قمعها ولتكتفى بالإحسان على من يرتضى هوانها، فتكون الصدقات هى مشروعها الأساسى لأفراد المجتمع حتى يبقوا سجينى إحسانها!
ومن هنا يجب أن تلعب المعارضة دورها بفاعلية من خلال التواجد فعليا فى الشارع بالاحتجاجات المستمرة، مذكرة الناس بحقهم فى الحياة وفى ثروات بلادهم التى تذهب لحفنة من رجال الأعمال الذين يتصالحون يوميا مع الجماعة مكونة ما سيعرف بنظام مرسى – مبارك بيزنس، القائم على تسخير مقدرات الدولة لرجال بعينهم يتخمون ماليا ثم ينضمون للحزب والجماعة ليكونوا سندا لها وممولا ذاتيا إن عز التمويل الخارجى لأى إعوجاج فى قواعد التحالفات الدولية مع عملاء أمريكا وإسرائيل من دول الخليج.
وسط هذا الإظلام الحياتى للشعب فى أغلبيته يجب على المعارضة برموزها ألا تترك الشارع مكتفية بحديث الفضائيات أو الفضاء الافتراضى من فيس بوك وتويتر، التواجد الفعلى فى الشارع يخلق زعامات يلتف حولها الشعب مساندا ومطمئنا لقوة نخبوية لصيقة به، حتى إذا ازداد الضغط الشعبى على النظام وتدخل الجيش يوما وجد قوى شعبية ونخبوية متحدة فعليا فى الشارع فيعرف حدود دوره جيدا مؤسسا لدولة الشعب وليس الجماعة وهذا ما افتقدناه بعد 25 يناير 2011.
الجريدة الرسمية