رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مرسى والجنرال


بعد ستة أشهر من إطاحة مرسى بقيادات الجيش، وأبرزهم المشير حسين طنطاوى والفريق سامى عنان، وتعيين الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزيرًا للدفاع، يبدو أن جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة عادوا لتحدى الرئيس المكروه بشكل متزايد، وربما يضعون الأساس لعودة مصر إلى الحكم العسكرى.


كان من المفترض أن يكون السيسى فى الأساس متعاطفاً مع القيادة الإسلامية المنتخبة حديثاً، وربما كانت معارضته للسياسة الخارجية الأمريكية فى إحدى كتاباته فى الماضى، أو ارتداء زوجته للحجاب، سبباً فى ذلك، لكن القول بأن ترقى ضابط بالجيش متعاطف مع الإخوان المسلمين إلى رتبة لواء فى عهد حسنى مبارك يعنى تجاهلاً بعقود الخصومة والعداء الطويلة بين الديكتاتور السابق والإسلام السياسي.

إن أول خطوة قام بها السيسى بعد تعيينه وزيراً للدفاع هو تراجع تكتيكى وسحب الجيش بعيداً عن المجال السياسى واستعادة مكانته التى فقدها خلال المرحلة الانتقالية المضطربة، ومن هنا، كان للسيسى وجهة نظر مريحة يستطيع من خلالها مراقبة تراجع جموح الإخوان المسلمين، ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى بدأ العرض وظهرت الانشقاقات بين السيسى وجماعة الإخوان من جديد خلال الشهر المضطرب الذى تلى الإعلان الدستورى المثير للجدل فى نوفمبر الماضى، وغضب مرسى وجماعته من الجيش لرفضه إرسال قوات لحماية منشآتهم التى تعرضت للهجوم، وكان رد الفعل ضغوطًا من الإخوان على مرسى لرفض عرض من الجيش للحوار مع المعارضة السياسية، ما ساعد على ذلك رفض السيسى لمبادرة الرئيس مرسى والتى تسمح لقطر بشراء أراض فى سيناء لبناء منتجعات سياحية، وهو ما مثل تحدياً علنياً لسلطة مرسى وإظهاراً لضرورة إعادة ضبط التوازن بين الجيش والإخوان.

وكان قرار مرسى بفرض الطوارئ وحظر التجول فى مدن القناة، بعد أحداث بورسعيد فى يناير الماضى، فرصة ممتازة للسيسى للوقوف بجانب سكان مدن القناة ضد الرئيس، حيث وافق على نشر قواته لكنه أصدر أوامر بحماية القناة بدلًا من تضييق الخناق على الجماهير الغاضبة، وسرعان ما أدت الصور القادمة من مدن القناة، والتى أظهرت تحدى حظر التجول، إلى تهامس بتأييد انقلاب عسكرى فى القاهرة.

فى هذه الأثناء، قوى السيسى من موقفه فى سيناء مع واشنطن على حساب مرسى، وتمثل ذلك فى حملة هدم وإغراق أنفاق التهريب بين سيناء وغزة، وحرص الجيش على التأكد من نشر كل الإجراءات التى قام بها فى هذا الأمر، فى إساءة مباشرة لتعهدات مرسى بدعم حماس فى غزة، واستمر السيسى فى نفى أى نوايا للسيطرة على السلطة ما لم يطلب الشعب ذلك، وهو مصطلح ضبابى أثار مخاوف من حدوث انقلاب داخل الإخوان.

لكن يبقى أنه فى الوقت الراهن لا يستطيع الرئيس أو الفريق السيسى أن يكون فى وضع يمكن أحدهما من التغلب على الآخر، ومع عدم قدرة المعارضة العلمانية على أن تكون بديلاً لقيادة مرسى المتعثرة، فإن الجيش الذى يحظى بالثقة يظل هو الكيان الوحيد الذى يملك النفوذ والتنظيم المطلوب لإبعاد مصر عن حافة الانهيار.

* نقلاً عن وول ستريت جورنال

Advertisements
الجريدة الرسمية