رئيس التحرير
عصام كامل

احذروا الـ" إف فشينج"


حصلت بعض الجمعيات العالمية لحقوق الإنسان على اعتراف من شركة ألمانية يؤكد قيامها ببيع برنامج كمبيوتر من ابتكارها اسمه «إف فشينج» إلى عدد من دول العالم ومنها مصر، وأن هذا البرنامج اشترته مباحث أمن الدولة فى عهد الرئيس مبارك واستخدمته ضد عدد كبير من الأفراد، وأن هذا البرنامج لا يزال يستخدم فى مصر وفى معظم الدول الأخرى التى اشترته من الشركة الألمانية، بالإضافة إلى برنامج آخر مصنوع فى الولايات المتحدة الأمريكية يستخدم فى نفس الغرض بإمكانيات متطورة.


وتتركز استخدامات برنامج فيشنج على مراقبة الأفراد عبر تليفوناتهم المحمولة بصورة خاصة، ونحن نحرص على تسميتها بأجهزة التجسس ــ وليس التنصت ــ لأنها لا تتنصت فقط على أصوات ضحاياها، وإنما تتجاوز ذلك بكثير، فهى تستطيع أن تنقل صور ما يحيط بجهاز التليفون المزود بعدسة تصوير ومقاطع فيديو لما يدور داخل المكاتب والسيارات، والبيوت أيضًا، بما فى ذلك غرف النوم وما يجرى فيها ــ بالصوت والصورة ــ وهو ما يجب ستره. وأفادت شركة سويسرية بأن هذه البرامج مزودة بخاصية استخدام شريحة التليفون المخترق فى إرسال رسائل إلكترونية إلى أى هاتف آخر فى العالم ويتوهم المتلقى أن الرسالة تأتيه من صاحب الشريحة التى تم اختراقها بواسطة هذا البرنامج الجهنمى.

وأكدت هذه الشركات أن الهدف من هذه البرامج هو تزويد السلطات التى تشتريها وأجهزة المخابرات بوسائل مشروعة لمراقبة العملاء والجواسيس، وأن الدول التى تستخدم هذه البرامج التجسسية تلتزم بالقواعد القانونية والأخلاقية التى تقتضى الحصول على إذن قضائى من المحكمة أو النيابة العامة يتضمن تحديد الأشخاص الذين تجرى مراقبتهم ومدة هذه المراقبة، ومبررات ذلك. ونحن نعلم أن ذلك ما تنص عليه القوانين المصرية التى لم تعد موضع احترام.

وتحركت جمعيتان من جمعيات حقوق الإنسان فى مصر بعد أن تابعت اعترافات الشركة الألمانية وطالبت السلطات المصرية بالكشف عن الجهات التى تستخدم برامج التجسس المعلن عنها، ولم تتلق ردًا. لكن أحد المتطوعين زودها بوثيقة تسربت من داخل جهاز أمن الدولة ــ يوم تم اقتحام مقر لها فى مدينة نصر ــ تفيد قيام هذا الجهاز بشراء برنامج فيشنج واستخدامه ضد الكثيرين، ونحن لسنا منهم.

ومما سبق نجد من واجبنا أن نحذر الجميع من وجودهم تحت سيطرة برنامج «فيشنج» وأن أجهزة التليفون المحمول تنقل صوت وصورة كل من يحملها أو يتواجد بالقرب ممن يحملها، والعجيب أنها يمكنها القيام بذلك وهى مغلقة طالما كان بداخلها بطارية مشحونة، والأعجب أن شركات التليفون تعرف ذلك وتشير إليه فى العقود المبرمة معها.

وبمراجعة عقد التليفون الذى أحمله وجدت نصًا يقول إن الشركة غير مسئولة عن التسجيلات والاتصالات والأعمال غير المرخص بها والمخالفة للقوانين واللوائح، وهذا النص يشير صراحة ــ أو ضمنا ــ إلى أعمال التجسس بالصوت والصورة وكل أشكال التجسس الأخرى، الصريحة وغير الصريحة.

ويبدو أن أحدًا فى مصر لم يعد يستطيع النجاة من التجسس بعد أن أصبح المحمول فى بيت وجيب كل مصرى ــ ونحن منهم.

ونسأل الله السلامة والعافية..

الجريدة الرسمية