وزير السلطان!
"الدعوة للعصيان المدنى حرام شرعا".. قالها– ولم يخجل- الشيخ طلعت عفيفى، وزير الأوقاف.. قالها ليؤكد أنه ليس فقط وزير السلطان، ولكنه أيضا فقيه ومُفت من أجل الرئيس وحده، أينما يوجهه يصدر الفتاوى فى حماه، غير عابئ بأنه كالراعى يوشك أن يقع فى الحمى.
يا معالى الشيخ الوزير، ألم تسمع أو تقرأ قول النبى صلى الله عليه وسلم: " أن الحَلالَ بَينٌ وأن الحَرَامَ بَينٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَات لاَ يَعْلَمُهُن كَثِيْرٌ مِنَ الناس، فَمَنِ اتقَى الشبُهَاتِ فَقَدِ استبْرأَ لِدِيْنِهِ وعِرْضِه، وَمَنْ وَقَعَ فِى الشبُهَاتِ وَقَعَ فِى الحَرَامِ كَالراعِى يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أن يَقَعَ فِيْهِ...."؟
يا معالى الفقيه المفتى، لماذا نسيت، أو بالأدق تناسيت وتجاهلت، بحثك العلمى الرائع عن "منهج الإسلام فى معالجة دوافع السلوك الإنسانى"، والذى حصلت بموجبه على درجة الماجستير، أم أن الوزارة أمارة، لا بد أن تقدم بين يديها ما تطلب، حتى لو كانت فتوى خالصة لوجه السلطان، القاطن قصر الاتحادية، المستقوى بأهله وعشيرته؟!
يا وزير، لا تكن من فقهاء السلاطين، فلم نعرف فقيها للسلطان احترمه التاريخ، ألم تقرأ دعوة العديد من الإسلاميين إلى العصيان المدنى السلمى قبل الثورة، باعتباره آلية للتغيير السياسى، كان أبرزهم المستشار طارق البشرى؟!.
يا صاحب المعالى، هل حرام أن يحتج الناس على الظلم والقهر وإغلاق الرئيس لعينيه وأذنيه وشفتيه، وكأنه ما عاد يسمع أو يرى أو يتكلم؟.. هل الامتناع عن العمل والاحتجاج السلمى والتظاهرات أصبحت حراما بعد أن استخدمها الإسلاميون "حصانا أسود" وصلوا به إلى الحكم؟!.
يا شيخ "الأوقاف" وإمامها، لماذا أصدرت فتواك بكفر الميادين؟.. هل من الإسلام الذى ترتضيه أن يعيش الناس فى الغلاء، ويعم الفساد، وينهار الأمن، دون أن يحرك الرئيس وجماعته ساكنا؟.. هل من الدين– أى دين – قتل المتظاهرين فى الشوارع، وسحلهم؟.. هل صار العذاب والتعذيب شريعة الأرض لا السماء؟
.. أجبنا يا وزير، قبل أن تلقى وجه رب كريم، سنقف جميعا بين يديه، فمنا- يومئذ - شقى وسعيد.