رئيس التحرير
عصام كامل

اندهش مع الإخوان ..


راحت عليكى يا زوزو.. الإخوان اكتسحوا ساحة الإبداع فى ابتكار الجديد ورسم الدهشة على وجوه المصريين، فهل كان هناك أروع من أداء الإخوان فى الحوار الوطنى التاريخى يوم الثلاثاء الماضى بقيادة الرئيس محمد مرسى؟!


كانت لحظة تاريخية إعلامية فى مصر عندما ظهر الرئيس ومعه 13 حزبا وعدد من الشخصيات العامة المنتقاة بعناية فى حوار علنى على الهواء، حيث حاول الرئيس وبطانته أن ينتجوا للشعب المصرى حلقة تمثيلية تظهر مدى الديمقراطية العظيمة التى نعيشها.

رسمت المخرجة باكينام الشرقاوى ومعها الدكتور المفوه أيمن على سيناريو الحلقة إلا أنهما لا يعرفان شيئا عن مدى خطورة الإذاعة المباشرة لأن جميع أعضاء منظومة الإعلام العبقرية بالرئاسة من أهل الثقة لا يفقهون شيئا عن مهنتنا وأنه مهما كنت حريصا فالهواء له أحكام أخرى لا يمكن أن تتوقعها فما بالك إذا كان بين الممثلين يونس مخيون الذى جاء بدور كتبه هو لنفسه، أو حتى المستشار محمود الخضيرى أحد رجال القانون والذى مهما حاول حفظ دوره كممثل جديد سوف يخرج بالتأكيد عن النص ويخطئ، وهو ما حدث أيضا من غالبية الممثلين باستثناء القدير "أبوالعلا ماضى" وأيضا "حاتم عزام" وآخرين لا أذكرهم لأن أداءهم جاء باهتا لكن الأخطاء تعددت.

الخطأ الأول فى السيناريو هو استفزاز يونس مخيون رئيس حزب النور بتعمد وضعه فى الجزء الثانى من الحوار لكى يهرب مرسى من مواجهة كلمة مخيون على الهواء ولكى يتم تهميش دوره فى التمثيلية لأن سذاجة واضع السيناريو جعلته يعتقد أن مخيون سوف يرضى بدور الكومبارس متناسيا أنه رئيس ثانى أكبر حزب فى مصر.

الخطأ الثانى لم يكن محسوبا نهائيا وجاء بنيران صديقة من المستشار محمود الخضيرى الذى تحدث عن قانون الانتخابات وطالب بإعادته لمجلس الشورى وصدرت منه عبارة مرعبة وهى أنه يحذر من أن إقامة الانتخابات بالقانون الحالى يعرض مجلس النواب القادم للحل مرة ثانية ولن يكون ذلك بأيدى المحكمة الدستورية لكن عن طريق الطعن أمام محكمة النقض، مؤكدا أنه يمكن أن تقضى المحكمة ببطلان عضوية جميع أعضاء مجلس الشعب الجديد، ثم قدم للرئيس تصورا للصيغة المقترحة للقانون المقترح منه ومن عدد من خبراء القانون.

ولا أى اندهاش من مرسى والإخوان، فمرسى خبير القانون الأول رد على "الخضيرى" بكل ثقة معتمدا على جهابذته من مستشارى الإخوان بأن "الشورى" راعى كل شىء فى القانون ولا توجد أى خطورة على مجلس الشعب القادم (تكبييير) فقط أريد أن أذكّر الجميع أن انتخابات مجلس الشعب المنحل كلفت المصريين نحو مليار و300 مليون جنيه!!

الخطأ الثالث فى تمثيلية الحوار الوطنى الممتع كان بنيران صديقة تماما من الدكتور يسرى حماد، أحد قادة حزب الوطن وأحد المقربين للإخوان، يكفى أن نذكر لحماد فقط أسفه على عدم قدرة الرئاسة فى احتواء المعارضة وتحذيره من أن الانتخابات القادمة لن تحقق أى استقرار لمصر طالما غابت المعارضة عنها.

الخطأ الرابع والأهم والذى أصاب بطل التمثيلية مرسى وكل مساعديه بالغضب جاء على يد يونس مخيون رئيس حزب النور، مخيون كاد ينسحب من الحوار عندما تأكد أن مرسى سوف يفلت بفعلته ضد حزب النور ومبادرته لإنقاذ الوضع فى مصر إلا أن تهديد مخيون جعل مرسى يذعن له ويعطيه الكلمة ليبدأ مخيون فى توجيه الطلقات، أول طلقة كانت فى اتهام الرئاسة بإجهاض مبادرة حزب النور حيث وعد مرسى الحزب بمناقشة المبادرة فى أول جلسة حوار لكنه حنث بوعده وها هى أول جلسة حوار لكنها مخصصة فقط لمناقشة نزاهة الانتخابات وفرض أمر واقع يقضى على أى محاولة أو مبادرة لحل الأزمة.

ثانى الطلقات لمخيون تأكيده أنه لا يمكن أبدا أن نتحدث عن نزاهة الانتخابات وهناك فصيل عيّن آلافا من أتباعه فى مؤسسات الدولة وهو ما يؤدى إلى عدم الحيادية وأعلن مخيون أنه يقدم للرئيس ملفا كاملا بأسماء المعينين من هذا الفصيل (بالطبع الفصيل هو الإخوان والحزب هو الحرية والعدالة) وطالب مخيون بتغيير الحكومة غير المحايدة وإن لم يكن هذا ممكنا فعلى الرئيس الذى يعلن أنه مستعد لتقديم كل شىء لضمان نزاهة الانتخابات أن يغير عددا من الوزراء الذين يتولون وزارات خدمية تتصل بالمواطن مباشرة لأنه أكد مرارا أنه لا يوجد حزب لديه أغلبية الآن.

الغريب أن مرسى رد على مخيون وقال له: مبادرة حزب النور ما زالت مطروحة للحوار (حاول ألا تندهش.. راحت عليكى يا زوزو)

ختامه مسك على أيدى الرئيس الموازى محمد سعد الكتاتنى عندما حاولت المخرجة باكينام أن تقدم فاصلا من احتواء المعارضين والذين طالبوا بتأجيل الانتخابات وتغيير الحكومة وتعديل القانون ورغم أن كل هذا لن ينفذ ولن يتكبد الإخوان عناء الرد عليه فقطارهم يسير نحو مصير محتوم يؤمنون هم أنه سوف يوصلهم للسيطرة على حكم مصر ويعلم الله وحده أى منقلب ينقلبون إلا أن باكينام قالت إن التقرير سوف يحتوى على كل التوصيات حتى تلك التى لم يتم التوافق عليها وفى هذه اللحظة نسى الكتاتنى الرئيس الموازى أنها تمثيلية وصدق نفسه وغضب وهاج وماج وعنف باكينام بشدة وكادت السيدة تقبّل رأسه لكنه أصر ألا يتضمن التقرير أى شىء سوى ما اتفقت عليه الغالبية من كومبارس الحوار.

الطريف أن مخيون كان هو من ختم الحوار باعتراضه مجددا على فرض موضوعات معينة للحوار ورفض أسلوب إدارته لتنهى باكينام تمثيلية الحوار التاريخى قبل أن تتفاقم الأمور لكن بالتأكيد مرسى وإخوانه ندموا كل الندم على إذاعة هذا الحوار على الهواء إلا أننا نشكر جهابذة إعلام الرئاسة الذين أشاروا بهذه الفكرة التى كشفت التمثيلية المعروفة باسم الحوار الوطنى والتى يتشدق بها الإخوان منذ عدة أشهر حتى صدقها البعض وعاتبوا كل من يرفض المشاركة فيها.

يا رب يغلطوا تانى ونشوف حلقة جديدة ممتعة من تمثيلية الحوار الوطنى.


الجريدة الرسمية