رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى محمد محمود.. حكاية جيل بلا أحلام!


مع الساعات الأولى من صباح 19 نوفمبر عام 2011، يستيقظ الشباب على دعوات بضرورة التوجه لميدان التحرير لإنقاذ مصابي الثورة، من الاعتداء عليهم وفض اعتصامهم، وبالفعل يهب الشباب لنجدة المعتصمين فيحدث الاشتباك، نعم إنه شارع محمد محمود، أحد أهم وأكبر الأحداث الثورية التي شهدها جيلنا.


ذلك الجيل الذي كتب عليه أن يعيش معظم أيام العام في ذكريات، ما بين ذكرى ماسبيرو وذكرى محمد محمود1 و2 وذكرى أحداث مجلس الوزراء وذكرى استاد بورسعيد، بل ذكرى 6 إبريل، وأول مرة يتم فيها إسقاط صورة مبارك في عام 2008 بمدينة المحلة، إلا أن القاسم المشترك ما بين كل تلك الذكريات، ليس الفرح وإنما ذكرى فقدان أصدقاء ما بين شهيد وجريح ومحبوس، نعم فنحن الجيل الذي أصبح يميز أيام العام بذكرى استشهاد رفاقه وزملائه، والذكرى الوحيدة التي احتفل فيها هذا الجيل، ولم يكن يعلم أنها ستصبح بعد ذلك ذكرى مؤامرة هي 11 فبراير، يوم تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك.

لكننا لم نكن نعلم أننا سنفقد الإحساس بالفرح من بعد ذلك، لم نكن نعرف أننا سنتهم بالخيانة، لم نكن نعرف أننا شركاء في مؤامرة على هدم الوطن كما يقال علينا الآن، كان هدفنا هو خلق حياة أفضل ومستقبل أفضل، لكن الثمن كان باهظًا ولم نحقق ما نريد، ذلك الجيل الذي كانت كل وسائل الإعلام تحتفي به أصبح جيل المؤامرة، وأصبح الجيل الذي لا يعرف مصلحته ويدمر وطنه، ذلك الجيل الذي رفع الآن شعار الإحباط، ذلك الجيل الذي أصبح ممنوعا حتى أن يتذكر أصدقاءه الشهداء، خوفًا من أن يتهم بالإرهاب أو الوقوف ضد مصلحة الدولة التي تخوض الحرب على الإرهاب، ونسي الجميع أن من وقف أمام الإخوان كان هذا الشباب المحبوس بالسجون والمحبوس بالمنازل، والمحبوسة أصواتهم بالصدور، وتريد الصراخ، ولكن أصبح حتى الصراخ ممنوع.

نحن ضد الإرهاب، ولكن الإرهاب بكل أنواعه، وليس التفجيرات واستهداف الجنود فقط، فإحباط جيلنا إرهاب، منعنا من التعبير عن رأينا إرهاب، القول إن الوقت غير مناسب للحديث عن الحريات، تحت ادعاء أن لا صوت يعلو فوق صوت المعركة إرهاب، قتل الحلم بداخلنا إرهاب.

ويظل السؤال متى تنتهي حملات تخوين هذا الجيل؟، هل كنا على خطأ حين حلمنا بمستقبل أفضل، هل يظل مكتوبا على هذا الجيل الحزن على أصدقائه المحبوسين والحزن على أصدقائه الشهداء، وألا تنزل دموع الفرح بالقصاص ممن قتل وأفسد.. أم أن باب الحلم أغلق، وباب الكلام أغلق، ولم يبق سوى باب الهجرة، وكما قال السابقون "اللي مش عاجبه يروح كندا"، ويردد الموجودون نفس الكلام.
الجريدة الرسمية