رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد سراج لـ"يوسف زيدان": المحارب لا ينسحب

الشاعر أحمد سراج
الشاعر أحمد سراج

وجه الشاعر أحمد سراج رسالة للروائي يوسف زيدان، بعد استقالته من عضوية اتحاد كتاب مصر وإعلانه اعتزال العمل السياسي.

وقال سراج في رسالته: "قرأت أنك قررت اعتزال العمل الثقافي، وقدمت استقالتك من اتحاد الكتاب، فاسمح لي أن أرسل لك هذا الخطاب".


نحن لا نملك خيار التوقف، نملك كل الخيارات عداه.. لماذا؟ لأنه ليس من حقك أن تحرم أحدًا مما وهبته وقُدِّر لك أن تقدمه للناس، ولئن كان خيار التوقف موجودًا فما من كاتب حقيقي إلا وسُخِر من كتابته وهوجم وافتتن فما فتن، تلك علامتنا: أن نحارِب ونحارَب، وتلك آيتنا: "ألا ننكسر.. ألا نتوقف".

ترى الوضع مأساويا باختيار سراج الدين مستشارًا ثقافيًّا، فكيف كان الوضع حين جاء عصفور ومجاهد وآلاف غيرهم في مختلف القطاعات، ومنهم من يفوق سراج الدين فيما فعل؟ ألم تقرأ مقال الألمعي "حمى الله مبارك" ثم مهاجمته لمن دعا له ووصمه بنظام المخلوع الذي وضع المصريين في القبور؟ أعلمك أن هذا الألمعي نال كل المناصب.

ترى أن اتحاد الكتاب تقاعس وشرع فيما لا علاقة له به؛ هل رأيت هذا الآن؟ ألم ترَ الاتحاد وهو يتوجه لزيارة السيسي وهو مرشح انتخابي ولا يفعل ذلك مع غيره؟ ألم تر فيمن ذهبوا إلى السيسي أستاذًا جامعيًّا أحيل إلى التأديب بتهمة سرقة كتاب السكاكي، وهذا الشخص هو أمين صندوق اتحاد كتاب مصر الآن؟

إن كنت تراهن على نخبة؛ فيدك والأرض، وإن على إعلام؛ فانظر لنجوم الإعلام المصري وموضوعاته وعناتيله.. أما إن كنت تراهن على تدخل الكبار؛ فهذا ليس طريقنا، واسمح لي بهذه الحكاية: حين وقف طه حسين يتسلم جائزة الدولة، شكر الرئيس ووزراءه، وظل يكرر جملة: "يا صاحب الأمر" بعدها نال العقاد الجائزة نفسها، لكنه لم يوجه التحية لمسئول وحين سئل عن سبب ذلك قال: "هذه الجائزة أخذتها من الشعب على يد الحكومة". فيما تقول رواية أخرى: لقد رد العقاد على بعض من سأله: "سيكتب التاريخ عني مئات الصفحات وربما ذَكَر أحدَ هؤلاء بسطر".

نأتي أيها السيد إلى جوهر الأمر: "الكاتب قائد وعي، رأس رمح، شعلة نور ونار" فهل يجوز لمن كان هكذا أن يخذل أهله ومحبيه وقراءه، أن يتراجع عن محاربة الفساد، ما الفرق بيننا وبين الفاسدين إذن؟

لعل هذه أول مرة تقرأ باسمي، ولعلك لا تعرف أنني حوِّلت للتحقيق لاعتراضي على طريقة أداء الاتحاد، لكنهم أرادوا إثبات ولائهم للنظام، فاخترعوا شيئًا لم يكن موجودًا، وذهبت لأحدد مطالبي وأصررت على أن تكون في بداية التحقيق وفي نهايته، ولكن الأمر يسير كما أيام المخلوع وأسوأ.

المصيبة يا سيد، ليست في وجود اللصوص، بل في وجود رجال قانون فاسدين– وإن كانوا قلة - ومثقفين فاسدين ودعاة فاسدين وفرسان فاسدين، المصيبة في مجتمع صار الفساد قانونه، وهذا لا ينتهي إلا بالكتابة الحقيقية المخلصة.

لك أن تترك الأمر، لكن عليك أن تدرك أنك تنسحب انسحابًا مخزيًا من معركة لن تتأثر كثيرًا بانسحاب أحد، كل ما هنالك أن دربًا كنت تنيره سيظلم قليلًا، أن فكرة كنت تحملها ربما تتأخر.

يقولون إن جابر بن حيان أحرق كتبه، وإن ابن رشد أحرقوا كتبه، وإن المغول ألقوا بكتب دار الحكمة في النهر، وقتلوا العلماء وألقوهم في النهر ذاته، يقولون إن قيصر أحرق مكتبة الإسكندرية، فأي كتاب من هذه الكتب لم يصل إلينا؟ وأي عالم من هؤلاء العلماء حُجِز عنا علمه؟

الكتابة ليست خيارًا، والمقاومة هي الوسيلة، عد، واكتب، وقاوم.. فلربما أرهبت كتابتك فاسدًا فتراجع، أو كشفت قوادًا فاحترق، اكتب؛ فالكلمة دواء، الكلمة نور، اقرأ هذه الجملة جيدًا ثم قرر: "لا بأس ألا يكون معي سيف، ما دام معي قلم".

الجريدة الرسمية