رئيس التحرير
عصام كامل

لكننا لم نبدأ بعد!


يوجد فارق كبير بين أن تحيا وتؤثر أو أن توجد فقط في تلك الحياة. يملأ الحياة والساحة الإعلامية كثير من الهتيفة، الذي من الصعب بل يكاد يكون من المستحيل أن تحدد لهم هوية أو اتجاها محددا، يتبين على أساسه من هو ذاك الشخص وما هو التأثير الذي يبحث عنه، وهل ذلك التأثير سوف يساهم بشكل فعال في حل أية قضايا مطروحة. ويظهر في الفضائيات بعض الشخصيات بصورة كثيفة، حتى يمل الكثير من ظهورهم ومن رتابة الأفكار المقدمة.


و لنتأمل قليلًا في بعض القضايا من حولنا، وبعض من يؤثر فيها. لقد رحل عن عالمنا الكاتب والمفكر والأكاديمي الفلسطيني إدوارد سعيد في عام 2003 وهو له العديد من الكتب التي تتناول القضية الفلسطينية بشكل تحليلي ومنطقي ويصعب على أي واعِ بالقضية الفلسطينية بكافة أن يتجاهل دوره. فقد أثر في الرأي العام الغربي بدرجة كبيرة، ومازالت كتبه تدرس لطلبة العلوم السياسية في جامعات أمريكية وإنجليزية.

و لابد أن ندرك مدي أهمية وجود تأثير وتفاعل مع المجتمعات الأخري سواء غربية أو شرقية. وقد تختلف أو تتفق مع طرح إدوارد سعيد للقضية الفلسطينية، لكن تظل قدرته على التواصل وطرحه للأفكار محل تقدير. أن تكون لديك أعظم الأفكار لن يجدي إن لم تستطع أن توصلها لمعظم الأطراف الفاعلة.

و حين نقارن ما يقدمه إدوارد سعيد بما يقدمه الحمساويون، ندرك مدي الانحدار الفكري وعدم القدرة على التواصل مع الآخر، والصياغة العدائية لأفكارهم تضعهم دائمًا في خانة الفصيل الإرهابي. وحماس فصيل لديه كم هائل من المعونات المادية، لا يعرف أحد كيف يتعاملون معها، ولديهم قدرات عسكرية محدودة ومتواضعة، وخطاب به من المبالغات غير المعقولة مما يجعله مسارًا للسخرية والتهكم، لا يكفي أن تكون قضيتك عادلة حتى يتسنى لك وجود حلول واقعية وعملية قد تنجو بها وينجو معها شعبك.

ينسحب نفس الشيء على الواقع السياسي المصري. حيث نتكلم أكثر مما نعمل. ونخطب ونعظ ولا نفعل. لم يعد أداء المحليات الحالي يتناسب مع دولة بحجم مصر. ومن الواضح للعيان مدي تواضع الأداء وافتقاره لأبسط قواعد التنظيم والإدارة. لقد آن الأوان أن يسعد المصريون ببعض من التنظيم، فلا السيسي أو الحكومة الحالية أظهروا قدرًا من الرؤية والابتكار في التعامل مع المشاكل اليومية للمواطن.

فمازالت حوادث الطرق في مصر من أكثر معدلات الطرق في العالم، وما زال التعليم المصري مشوها بدرجة هائلة. فالتعليم في القاهرة غير الصعيد من حيث الإمكانات والبنية التحتية، وفي المدارس الخاصة والجامعات الخاصة والحكومية به من التباين ما يجعلك في حيرة ممن يقومون على إدارة الدولة. فمن الواضح أنهم ليس لديهم فكرة عن ما يسمي التخطيط. ومن البين أيضًا أنهم لا يطرحون أسئلة مهمة مثل لماذا وكيف وماذا نعلم. ومدي ارتباط التعليم بالواقع، ومدي قدرة التعليم على حل مشاكل الواقع.

لن ينجح السيسي أو غيره في النهوض بالدولة المصرية إلا عن طريق المواطن المصري. وفي الوضع الحالي وبالشكل الحالي للدولة من الواضح وجود عدم قدرة على الاستفادة بالطاقات الهائلة للشعب المصري. حين استقدم السيسي الخبرات العلمية المصرية استبشرنا خيرًا، لكن ما أشبه الليلة بالبارحة.
الجريدة الرسمية