رئيس التحرير
عصام كامل

الضمير قبل القوانين أحيانًا


اعتاد البعض من أصحاب الصوت العالي في الإعلام عند كل حادث أو أزمة تتعرض لها مصر توجيه سهام النقد الذي يصل في الكثير من الأحيان إلى حد التجريح في«الرئيس» واتهامه بالتقصير، وكأن المطلوب منه في المدة القصيرة التي تولى فيها حكم البلاد أن يمتلك عصا سحرية أو خاتم سليمان للتغلب على كل ما تعانيه الدولة من مشاكل متراكمة منذ عقود طويلة، وأن يتحمل وزر أنظمة سابقة ويدفع فاتورة إرث من الفساد نخر كالسوس في الجهاز الإداري والخدمي للدولة.


أكتب ليس دفاعًا عن الرئيس فهو ليس بحاجة لمن يدافع عنه، ولا دفاعًا عن الحكومة بل بالعكس لا أعفيها من المسئولية والتراخي في التعامل مع الأزمات والبطء في اتخاذ القرارات وعدم تفعيل القوانين وتطبيقها بكل حسم وصرامة، لكن مسئولية في حدود الإطار الزمني الذي تحملت فيها عبء إدارة البلاد وليس لنا أن نحملهما ما لا طاقة لها به، وأقصد هنا الإصرار على مسألتها عن خطايا من سبقوها في الحكم ومحاسبتها على طرق ومنشآت تم تنفيذها منذ سنوات بشكل لا يتطابق مع المواصفات القياسية وتتسبب في وقوع العديد من حوادث السيارات وانهيارات المباني.

الحوادث والمشكلات في الغالب تقع نتيجة أخطاء بشرية واستهتار البعض بحياة الآخرين والاستخفاف بالقوانين وغياب الوعي والاعتماد على شغل «الفهلوة» الذي يشتهر به المواطن المصري المُصر دائما على التدخل فيما لا يعنيه والإفتاء بما لا يفهم ويظن نفسه جهبذا في كل أنواع المعارف الاقتصادية والسياسية والعسكرية،بالإضافة لتسليط سيف الذم والقدح على رقبة الدولة
دون أن يأخذ هو زمام المبادرة لتعديل سلوكه والتصرف بإيجابية ومعاونة الحكومة في إيجاد حلول للقضايا مكتفيا بإلقاء اللوم على كل مسئول.

نعم مطلوب أن تكون هناك رقابة وتفعيل للقوانين وأن تؤدي الحكومة دورها في تذليل الصعاب ومعالجة الأزمات لكن قبل ذلك مطلوب من الشعب وقفة مع النفس وعمل ثورة على كل القيم السلبية والعشوائية والكف عن التمادي في الغلو والتطرف الانفعالي وإعمال العقل والضمير لأنه دون ضمير لن تكون هناك أي فائدة لما تقوم به الدولة من مجهودات للعبور بمصر من عنق الزجاجة.

دعونا نفكر بشيء من المنطق بعيدًا عن مشاعر الغضب التي تعمي أبصارنا وتطفئ نور عقولنا وتحرمنا من التفكير المنضبط وتجعلنا أسرى للانفعالات العاطفية وإطلاق الأحكام المعممة مع كل حادث،ونعترف أن المشكلات التي تواجهنا من الصعب حلها في بضعة أشهر وأنها تحتاج لوقت وتفكير غير تقليدي للتعامل معها وأن هذه المشكلات القديم منها والحديث ليست من صنع الأنظمة وحدها بل من صنع الشعب أيضا.

فـإذا سلمنا بحقيقة فساد وفشل الحكومات علينا التسليم كذلك بسوء سلوكيات السواد الأعظم من الشعب ومنها على سبيل المثال عدم احترام القوانين وعدم الحفاظ على الممتلكات العامة وتسهيل عمليات الرشوة ومن هذا المنطلق فإن المسئولية مشتركة بين الحاكم والمحكوم ولا يجوز أن يلقي كل طرف بالمسئولية على الآخر أو يتنصل من دوره في موجهة التحديات والظروف الصعبة التي تمر بها مصر فلن تنجح الدولة وحدها بأي حال من الأحوال في بناء مصر إن لم يعرف المواطن واجباته ويؤديها على النحو الأكمل ومن ثم يكون له الحق في محاسبة الحكومة إن هي قصرت في أداء الدور المنوط بها.

الجريدة الرسمية