اقتربنا كثيرًا.. فاستمروا
الكثير من المهاجرين من دول الشرق الأوسط بصفة عامة ومن مصر تحديدًا، يرتبط ارتباطًا تامًا بكل ما يحدث في الوطن الأم، فهو إن كان قد ترك وطنه "مكانًا" لكنه ما زال يرتبط به "كيانًا"، وبصفة خاصة في السنوات الأخيرة بعد أن فاق تتابع الأحداث مداه، والأحوال تتغير في أيام بل في ساعات، رئيس يسقط، وحكومة تتغير، وحاكم يُحاكم خلف القضبان.
خوف وقلق وترقب يحمله المهاجر القادم من تلك الدول الخوف على الآباء والأصدقاء في الوطن الأم ولا يخلو من خوف على الأبناء في الوطن الجديد، يخشى على وطنه الأول من حكم المتطرفين، ويخشى على وطنه الثاني من إنتشار فكرهم.. يُصيبه القلق بعد مذبحة شمال سيناء، ويصيبه الفزع بعد حادثة أوتاوا.. يدعم ثورة 30 يونيو في مصر ثم يملأ كندا صراخًا بأنها كانت ثورة شعب وليست انقلابًا، يُطالب بالحريات المطلقة ويدعم الأحزاب الليبرالية ويطالب بفصل الدين عن الدولة في وطنه الأصلي، بينما يخشى على أولاده من الحريات المطلقة في الوطن الجديد ويدعم أحزابًا أكثر تمسكًا.
يعيش في تورنتو وفانكوفر ومونتريال وعقله في سيناء والقاهرة والمنيا، يريد أن يرى وطنه الأول والثاني في أفضل حال، ولا يعرف كيف يؤثر في صناعة القرار من أجل ما هو أفضل لكل من هنا وهناك، ويريد أن يعرف.. كيف؟؟
الأمر والحل في يد السياسيين، فالسياسي يُغير العالم، السياسيون هم من ينهضون بأوطانهم بقراراتهم، وهم ومن يقضون عليها برؤيتهم، سياسيون أمثال "فرانكلين روزفلت" و"كمال أتاتورك" و"لويس دا سيلفا" و"جويس باندا" نقلوا بلادهم إلى المجد، بينما سياسيون أمثال "الكسندر لوكاشينكو" و"كيم شونج أونج" و"بول كاغامي" و"رجب أردوغان" قضوا على أوطانهم وعادوا بهم إلى الخلف.
فالسياسي هو حجر الزاوية في أي تغيير، والسياسي الكندي مؤثر في كندا وفي مصر أيضًا، فبدون أن نحدث أنفسنا كثيرًا، الحل في أن يكون لنا سياسيون من بين أبنائنا وأفكارنا وقضايانا، نريد سياسيا كنديا من أصول مصرية نثق في كفاءته، يملك أدواته جيدًا في التعبير عن أفكاره وأفكارنا، من لغة وتعبير وأسلوب وقدرة، والأهم من هذا كله أن نرى نحن فيه تلك الصفات قبل أن يراها هو في نفسه.
وربما عام 2014 شهد بوادر لتلك الشخصيات التي تمنيناها، فالأول هو "فريد واصف" مرشح حزب المحافظين لبرلمان أو نتاريو عن منطقة "ماركهام - أوك ريدجيز"، والذي تجاوز عدد الأصوات التي حصل عليها في انتخابات يونيو الماضي، الثلاثين ألف صوت، وهو عدد من الأصوات فاز بها مرشحون آخرون في دوائر أخرى ولولا توجهات سياسية واعتبارات خاصة بالأحزاب لفاز "واصف"، ولتحقق حلمنا بوجود مرشح من أصل مصري في هذا المنصب المهم.
والثاني هو السيدة "غادة ملك" والتي ترشحت على منصب مستشار لمدينة مسيسوجا الدائرة رقم 6، غادة ترشحت في شهر يونيو الماضي بعد أن طالبها عدد كبير بالترشح لمنصب سياسي، وتفرغت للحملة في منتصف شهر يوليو، ومع ذلك استطاعت أن تحصل على المركز الثاني في انتخابات تلك الدائرة بعد المرشح الأول الأكثر استعدادًا لتلك الانتخابات والفائز بها في دوراته السابقة، ومتجاوزة المرشحة الثالثة والتي كان يتوقع لها الكثيرون بالمدينة النجاح لقوة حملتها وكثرة مؤيديها، غادة حصلت على عدد أصوات أكثر من الأصوات التي حصل عليها "دل محمد"، المرشح الثالث على منصب المير للمدينة بأكملها، وبعدد أصوات قريب من عدد الأصوات التي حصلت عليها "غادة" فازت "كارين رأس" بالمنصب عن الدائرة الثانية، ولهذا استحقت "غادة" احتفال أنصارها بها ومطالبتهم لها بالترشح المرة القادمة وهم على ثقة بالفوز.
إذن نحن وجدنا ضالتنا في شخص السياسي الذي بحثنا عنه في مدى سنوات طويلة، ويبدو أننا اقتربنا أكثر وليس أمامنا إلا الاستمرار، القرار والحلم للمرشحين، والعمل والجهد لنا نحن الناخبين، سواء كنا أصحاب أعمال أو أفرادًا أو مؤسسات، حتى نحصل على منصب سياسي تأخرنا فيه كثيرًا، وسبقتنا في جنسيات أوربية وآسيوية وأفريقية. فلنعمل على مدى السنوات الأربع القادمة على ذلك الأمر، من أجل مصر ومن أجل كندا.