تباين الآراء حول استهداف الحكومة لأكثر من مشروع قومي..«الششتاوي»:تضغط على الموازنة العامة وتربك متخذي القرار..«فهمي»:اتجاه سليم لتحريك الاقتصاد القومي.. و«النشرتي» يرى أن
تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول اتجاه الحكومة الحالية لتنفيذ أكثر من مشروع قومي، البعض يري أن أكثر من مشروع يضغط على الموازنة العامة، ويؤدي لإرباك متخذي القرار، فيما يري آخرون أنه اتجاه سليم لإنعاش الاقتصاد القومي..
وما بين هذا وذاك كان لـ"فيتو" هذا التحقيق..
بداية.. قال الدكتور مجدي الششتاوي، المستشار الاقتصادي السابق بالولايات المتحدة الأمريكية، إن اندفاع الدولة نحو تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية الكبري، أمر يضغط علي الموازنة العامة للدولة، الأمر الذي ينعكس سلبا علي الاقتصاد القومي نظرا لاستنزاف السيولة المالية وإحداث أزمة بها، مطالبا ضرورة تنفيذ هذه المشروعات بشكل تدريجي وفقا للأولويات الاقتصادية.
وأوضح أن الدولة ينبغي أن تكتفي بمشروع تنمية محور قناة السويس في الوقت الحالي، علي أن تطرح المشروعات الأخرى للمشاركة مع القطاع الخاص، مشيرا إلي ضرورة تحسين مناخ الاستثمار في الفترة الحالية، حتي تتمكن الدولة من النجاح في أهدافها التنموية، وجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية.
وأكد "الششتاوي"، أن البنك المركزي ملزم في الوقت الراهن مع اقتراب الوفاء بفائدة شهادات الاستثمار علي تجميد المبلغ للالتزام بـ 12% فائدة بحساب المستثمرين بمشروع حفر القناة الموازية لقناة السويس، خاصة وأن عائد المشروع لم يحقق بعد، الأمر الذي يدفع الدولة للاعتماد علي الإيرادات الفعلية للقناة لتحقيق هذا الهدف.
وأضاف المستشار الاقتصادي السابق بالولايات المتحدة الأمريكية، أن هرولة الدولة لتنفيذ أكثر من مشروع ستؤدي لإرباك متخذي القرار وعدم قدرتهم علي تمويل هذا الحجم الضخم من الاستثمارات، حال فشل الدولة في جذب الاستثمارات من القطاع الخاص، مؤكدا علي أهمية إعداد دراسات جدوي من قبل متخصصين توضح الإيرادات المتوقعة والتكلفة الحقيقية وغيرها من الأمور الأخرى لضمان نجاحها وحتى لا تتكرر تجربة توشكي الفاشلة مرة أخرى.
ولفت إلي أنه حال اللجوء لشهادات الاستثمار مرة أخرى ينبغي أن تؤجل الفوائد لحين تحقيق الأرباح والعوائد حتي لا تتحمل الدولة أشياء فوق طاقتها.
وقال صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن اتجاه الدولة لتنفيذ مشروعات قومية كبرى جديدة، هو اتجاه سليم لتحريك الاقتصاد المصري، وإخراجه من الأزمة الحالية.
وأوضح أن تنشيط الاقتصاد القومي يعتمد بشكل أو بآخر على الإنفاق، لافتا إلى أن الإنفاق نوعان، الأول استهلاكي والثاني استثماري، والدولة تتجه نحو الإنفاق الاستثماري لرفع معدلات النمو خلال السنوات القادمة.
وأشار فهمي إلى أن العائد على الاقتصاد المصري لن يظهر بشكل مباشر، إذ يستغرق عددا من السنوات، مؤكدا أن زيادة الإنفاق في الوقت الحالي لا يصاحبها عائد، وهو الأمر الذي يؤدي إلى رفع معدلات التضخم ومن ثم ارتفاع الأسعار، ولكننا لا نملك البدائل.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن هذا الإنفاق سيؤدي على المدى البعيد، وبعد تجاوز فترة الإبطاء، لرفع القيمة المضافة ومواجهة البطالة التي تجاوزت الــ 13%، لافتا إلى أن ظاهرة التضخم ستتراجع تدريجيا مع تحسن الأوضاع الاقتصادية.
وأوضح أن هذه المشروعات القومية تمول من خلال الودائع بالبنوك أو الفائض المحقق من أرباح المشروعات الاقتصادية القائمة، أو طبع النقود، أو من خلال شهادات الاستثمار مثلما حدث مع مشروع حفر القناة الموازية، وهو ما ينعكس في صورة تضخم، مشيرا إلى أن الشعب مستعد لتحمل هذا الارتفاع البسيط في الأسعار مقابل تحسن الأوضاع المعيشية وتشغيل الشباب.
لا ضغوط على الموازنة العامة
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور مصطفى النشرتي، وكيل كلية الاقتصاد بجامعة مصر الدولية، إن مشروعات التنمية لا تمثل أي ضغوط علي الموازنة العامة للدولة، إذ تتولي تنفيذها شركات قطاع الأعمال العام، من خلال قروض محلية أو قروض ومساعدات من مؤسسات التمويل الدولية، أو يكون التمويل ذاتيا من خلال أرباح الشركات الرابحة.
وأوضح أن مشروع حفر قناة السويس الجديدة، تم تمويله بالكامل من المدخرين بواسطة شهادات الاستثمار التي نجحت من خلالها الدولة في جمع ما يزيد عن 60 مليار جنيه.
وأشار النشرتي إلي أن أهم الأمور التي ينبغي أن تراعيها الدولة في تنفيذ تلك المشروعات هي إعداد دراسات جدوي لضمان تحقيق الأرباح والإيرادات، بما يحفز الاقتصاد المصري ويحقق معدلات نمو مرتفعة، ومن ثم تحسين مستوى معيشة الأفراد ومن ناحية أخرى ضمان سداد القروض.
وتوقع وكيل كلية الاقتصاد بجامعة مصر الدولية، نجاح مصر في جذب الاستثمارات الخارجية خلال الفترة القادمة، خاصة بعدما تم تصنيف الاقتصاد المصري بأنه مستقر، لافتا إلي أن البنك الدولي قدم 1.5 مليار دولار لتمويل مشروعات الإسكان الاجتماعي، يعكس ثقة عالمية بالاقتصاد المصري، وتبشر بنجاح مؤتمر القمة الاقتصادية في تحقيق أهدافه وعلي رأسها جذب الاستثمار.
ومن ناحيته... قال الدكتور صلاح الجندي، أستاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة، إن استهداف الدولة لمشروعات قومية كبرى يستهدف جذب الاستثمارات سواء الداخلية أو الخارجية، لزيادة الإنتاج وانتعاش الاقتصاد المصري من خلال استهداف زيادة التصدير للخارج وتوفير فرص عمل جديدة للشباب، لافتًا إلى أن استهداف تلك المشروعات من المستحيل أن يحدث نقصا بالسيولة.
وأوضح أن الدولة تعتمد في تلك المشروعات بنسبة كبيرة على القطاع الخاص وبالتالي فإن الاعتماد على الموازنة العامة للدولة في تنفيذ تلك المشروعات سيكون بنسبة ضئيلة للغاية، مشيرا إلى أن الدولة تستهدف 340 مليار جنيه استثمارات، الحكومة لديها منها 58 مليارًا فقط، أي أن 280 مليار جنيه سوف تأتي من القطاع الخاص، إلى جانب وضع الدولة خططا للاعتماد على مشاركة القطاع الخاص في عدد من المشروعات، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي بدورها توفر العملة الصعبة من النقد الأجنبي للبلاد.
وأضاف "الجندي"، أن استهداف الدولة للمشروعات القومية الكبرى يأتى كخطوة أساسية نحو الخروج من الأزمة الاقتصادية الحالية وتحسين مستوى معيشة الأفراد، من خلال تحقيق التنمية الشاملة، لافتا إلى أهمية مشروع مثل استصلاح المليون فدان في تحقيق التنمية الزراعية، إلى جانب المشروعات الأخرى.