رئيس التحرير
عصام كامل

تباين آراء الخبراء حول تأجيل القمة الاقتصادية.. الفقي: لتوضيح تطور الاقتصاد المصري وطمأنة المستثمرين.. فهمي: من مصلحة مصر إنهاء الخريطة الاستثمارية قبل المؤتمر.. النجار: حجة غير منطقية.. محمد: "كارثة"

الخبير الاقتصادي،
الخبير الاقتصادي، الدكتور فخري الفقي

تباينت آراء خبراء الاقتصاد حول أسباب تأجيل مؤتمر القمة الاقتصادية، والذي تم تأجيله إلى منتصف مارس؛ بسبب قرب الموعد الذي تم تحديده سابقًا في شهر فبراير مع رأس السنة الصينية.


قال الخبير الاقتصادي، الدكتور فخري الفقي، المستشار السابق بصندوق النقد الدولى، إن إرجاء القمة الاقتصادية إلى منتصف مارس بدلا من 22 فبراير المقبل، يرجع لثلاثة أمور منها إعطاء فسحة من الوقت للقوى والأحزاب السياسية كي تتآلف وتتصالح فيما بينها كخطوة نحو الانتهاء من الانتخابات البرلمانية قبل انعقاد القمة، لافتًا إلى أن الاستقرار السياسي يشكل محورًا أساسيًا لجذب الاستثمارات إلي أي دولة.

وأضاف الفقي أن الأمر الثاني متعلق بتزامن القمة الاقتصادية مع رأس السنة الصينية، الأمر الذي يحول دون حضور الدول الآسيوية وعلى رأسها الصين، ومن الممكن أن يؤثر سلبًا فى أهداف المؤتمر، أما الأمر الثالث، فمتعلق بتقييم صندوق النقد الدولي للوضع الاقتصادي في مصر، لأنه من المتوقع أن تبدأ بعثة الصندوق مشاوراتها في مصر لمراجعة المادة الرابعة لمراجعة السياسات الاقتصادية الكلية الخاصة بالمالية العامة والشئون النقدية وأسعار الصرف وتقييم مدى سلامة النظام المالي في 11 نوفمبر الحالي، مشيرًا إلى أنها زيارة تستغرق أسبوعين، وبعدها يكتب التقرير ويرسل إلى مجلس إدارة الصندوق، ومن ثم مناقشته وهو ما يستغرق حوالي شهر أو شهرين ليكون متاح للدول والمستثمرين، وبالتالي فإن تأجيل المؤتمر يعطي فرصة لظهور النتائج وطرحها على الجهات المعنية، كما يعطي فرصة أيضًا للإعلان عن معدلات النمو الاقتصادي في الربع الثاني من العام المالي، ومن ثم توضيح التطور الذى يشهده الاقتصاد المصرى خلال المؤتمر وطمأنة المستثمرين حول مستقبل الاقتصاد المصرى.

وأكد المستشار السابق بصندوق النقد الدولى، أن هذه الخطوة بمثابة ترتيب البيت من الداخل وتحقيق الاستقرار الذي بدوره يسهم في جذب الاستثمارات، مستنكرا الحديث حول وجود آثار سلبية فى جذب الاستثمارات بعد قرار التأجيل.

وقال صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إنه لا ينبغي الاستهانة باتجاه الحكومة لتأجيل مؤتمر مصر الاقتصادي، لتزامنه مع رأس السنة الصينية، مؤكدًا أن مستثمري دول شرق آسيا يمثلون قوة مؤثرة في الاستثمارات الخارجية، إذ تبلغ الاستثمارات الصينية في أمريكا فقط 400 مليار دولار سنويًا.

وأشار فهمي إلى أن تأجيل المؤتمر لشهر واحد لا يعني فشله أو هروب الاستثمارات كما يردد البعض، خاصة أن أغلب البنوك الوطنية أعلنت دعمها الكامل لهذا المؤتمر المهم، موضحًا أن تأجيل المؤتمر أمر طبيعي لمزيد من الإعداد، وحتى لا نفقد عددًا كبيرًا من المستثمرين والمشاركين، الأمر الذي قد يؤثر سلبًا فى أهداف المؤتمر، في ظل حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعوة جميع بلدان العالم بدلًا من دول بعينها في خطابه بالأمم المتحدة، للاستفادة القصوى من هذا الحدث المهم.

وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أنه من مصلحة مصر أن تنتهي من خريطتها الاستثمارية بشكل نهائي قبل عقد المؤتمر، كذلك من مصلحتها أيضًا أن تكون قد انتهت من الإصلاحات الاقتصادية، والتعديلات التشريعية لقوانين الاستثمار، بالإضافة لتحقيق الاستقرار السياسي من استكمال خارطة الطريق وإجراء الانتخابات البرلمانية، وبالتالي فإن تحقيق الاسقرار يضمن جذب المزيد من الاستثمارات لمشروعات قومية كبري كـ"محور تنمية قناة السويس" و"الساحل الشمالى" و"المثلث الذهبي" و"إقامة طرق بإجمالى 3 آلاف كيلومتر" و"استصلاح وزراعة 4 ملايين فدان"، لطرحها خلال مؤتمر شركاء التنمية، وهو أمر منطقي لا ينبغي أن يثير القلق.

وفي السياق ذاته أكد الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، أن إرجاء مؤتمر مصر الاقتصادي الذي كان من المقرر عقده في شرم الشيخ خلال شهر فبراير المقبل، لتزامنه مع رأس السنة الصينية، حجة غير منطقية.

وأرجع النجار أن هذا الأمر قد يرجع لمواءمات سياسية، لحين الانتهاء من الانتخابات التشريعية وانتخاب مجلس تشريعي، مستبعدًا أن يكون الأمر بسبب عدم انتهاء الجانب المصري من الخريطة الاستثمارية المفترض عرضها خلال المؤتمر على الدول المشاركة، وعلى المستثمرين.

وأوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها أن مصر تمتلك العديد من الإستراتيجيات والخرائط الاستثمارية، خاصة تلك المتعلقة بالمشروعات الكبرى وعلى رأسها مشروع تنمية محور قناة السويس، لافتًا إلى أن المشكلة التي يواجهها الاقتصاد المصري هي التمويل وليس المشروعات الاستثمارية.

وتوقع النجار نجاح المؤتمر الاقتصادي حال تم انعقاده بعد انتخاب مجلس تشريعي بشكل ديمقراطي، إذ أن هذا الاتجاه سيحدد خارطة مصر السياسية التي بناءً عليها تحدد الرؤية الاقتصادية، وهو ما يبحث عنه المستثمر سواء في الداخل أو الخارج.

وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها أن المستثمر بطبيعة الحال يبحث عن الاستقرار، الأمر الذي سيحققه الاتجاه للاستقرار السياسي، أما الوضع الراهن وقبل تشكيل مجلس تشريعي، فهو بمثابة مشهد ضبابي بالنسبة لأي مستثمر.

وعلى الجانب الآخر وصف الدكتور يوسف محمد، مدير منفذ المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر التابعة للهيئة العامة للاستثمار، أن تأجيل انعقاد مؤتمر قمة "شركاء مصر" بـ"الكارثة"، محذرًا من انسحاب بعض المشاركين، إذ أن مصر بهذا القرار تعطي انطباعًا سلبيًا للمستثمرين بأنها لم تنجح في تحديد احتياجاتها ومن ثم تقديم خريطة استثمارية واضحة الملامح لشركاء التنمية، كما يشكك في قدرات الجانب المصري على خلق بيئة مناسبة للاستثمار.

وأوضح أن المستثمر يبحث دائما عن الاستقرار في المنطقة التي يقرر أن يضخ فيها رءوس أمواله، وتراجع مصر عن انعقاد المؤتمر يعطي انطباعًا بعد استقرار الأوضاع، وهو ما يفقد المسثمرين الثقة في السوق المصرية، لافتًا إلى أن رأس المال "جبان"، وهذه المرة ليست المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل مؤتمر القمة الاقتصادية.

وطالب مدير منفذ المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر، المجموعة الاقتصادية بحكومة "محلب" بتقديم استقالتها في أسرع وقت، وذلك لفشلها في عدة مرات في تحديد ميعاد وخريطة استثمارية في مدة تقترب من العام، مؤكدًا أن المبادرة جاءت من العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، لدعم مصر من حكومات أجنبية ومستثمرين من القطاع الخاص ومنظمات مانحة ودول، وبالتالي فلا يعقل أن تقابل هذه المبادرة بهذا الاستهتار، لتحرج الرئيس وتُضيّع على مصر فرصًا لإحياء اقتصادها القومي.
الجريدة الرسمية