رئيس التحرير
عصام كامل

اليمن على حافة كارثة جديدة رغم تشكيل الحكومة.. الذاري: "البحاح" لم يتعامل بحكمة في اختيار الوزراء.. الحوثي وعبد الله صالح أبرز الرافضين.. الحراك الجنوبي: الجنوبيون يطالبون بالانفصال

الرئيس اليمني على
الرئيس اليمني على عبدالله صالح

تعيش اليمن حالة سياسية ملتبسة على كافة الأصعدة، يسودها الصراع، والرفض بين مختلف الأطراف وبالرغم من الإعلان الأخير عن تشكيل الحكومة الجديدة، والتي كان من المنتظر أن يكون خروجها للنور وسيلة لإخراج اليمن من أزمته إلا أن الحكومة برئاسة خالد محفوظ بحاح لاقت رفضا كبيرا.


لا سيما من التيارين البارزين على الساحة الممثلين في جماعة الحوثي، وحزب الرئيس السابق على عبد الله صالح الذي يعد من أبرز التشكيلات السياسية على الساحة، إضافة إلى موقف الحراك الجنوبي الذي أصبح اليوم يعيش حالة من الرفض لكل ما يأتي من الشمال ويتحدث عن فك الارتباط، وإعادة دولتهم القديمة، بل يسعون بكل الطرق للانفصال عن اليمن وإعادة دولتهم القديمة.

وفي هذا الإطار يأتي القرار الأممي الذي وجه عقوبات للرئيس اليمني على عبد الله صالح، واثنين من جماعة الحوثي، الأمر الذي يعد بمثابة إشكالية أخرى تعيشها اليمن.

وفيما لا زالت جماعة الحوثي تسيطر على مقادير سياسية وعسكرية في العاصمة صنعاء، تأتي حالة الحرب غير المباشرة القائمة بين جماعة الحوثي وتنظيم القاعدة، ومن خلفهم الإصلاح الذي أصبح يحارب الحوثيين من خلف هذا الستار.

خلال شهرين
وقابل المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والإقليمية خبر تشكيل الحكومة بالترحاب، خاصة أن رئيس الحكومة خالد بحاح استطاع تشكيل حكومته بعد ما يقارب من الشهرين منذ بدء الأزمة، التي بدأت بتحركات جماعة أنصار الله، وتمكنها من منافذ حيوية في العاصمة اليمنية، خاصة رئاسة الوزراء ووزارة الدفاع وغيرها، الأمر الذي انتهى بتوقيع كافة الأطراف السياسية لاتفاق الشراكة الوطنية، وغاب الإصلاح عن المشهد، بفعل أنصار الله.

انقسام داخلى
الأمر في الداخل قوبل بحالة كبيرة من الرفض فأعلن حزب المؤتمر الشعبي العام، والذي يرأسه الرئيس السابق على عبد الله صالح فور إعلان تشكيل الحكومة عن عدم مشاركته أو أحد أعضائه وممثليه في الحكومة، عقب اجتماع للجنة الدائمة للحزب، بل أعلنوا فصل الرئيس هادي منصور من منصبه داخل الحزب، كما أعلنت جماعة الحوثي هي الأخرى رفضها الحكومة، وأكدت أنها لا تتسق مع ما تم الاتفاق عليه.

حول هذا الموقف يؤكد الباحث والمحلل السياسي اليمني زيد الذاري، والقريب من أنصار الله، في تصريحاته لـ"فيتو" أن الرفض من جانب جماعة الحوثي ليس رفضا كليا إنما جاء اعتراضا على من سماهم البعض أنهم لا يتمتعون بالمعايير التي تم الاتفاق عليها.

وأضاف: "أما فيما يتعلق بحزب الرئيس على عبد الله صالح، "المؤتمر" فقد أعلن عدم مشاركتهم كليا، وهم أعلنوا موقفهم من ذلك، ومن جانبي اعتبر الطريقة التي تم بها تشكيل الحكومة بعيدة عن الأطر المتعارف عليها، وذلك بدء من إعلان رئيس الوزراء عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، وطلبه من الجمهور أن يقدم له مرشحين لشغل الوزارات بصورة عجيبة تحدث لأول مرة دلت على خفة في التعامل مع الموضوع".

وأوضح أن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل إن كثير ممن تم اختيارهم لم يجري التشاور معهم أصلا مما وضعهم في حرج، إذا تعذر البعض عن عدم المشاركة، وهذه أمور دلت على حالة من عدم الإدراك لطبيعة الظرف الذي تمر به اليمن، وبالتالي جاءت بهذا الحجم من المشاكل الذي لم نكن بحاجة إليه".

ويلفت الذاري أيضا إلى أنه إضافة إلى كل ذلك يأتي الطلب مجلس الأمن بإدراج الرئيس السابق واثنين من أنصار الله، على قائمة العقوبات الدولية، ويعجب أن يحدث ذلك مع اثنين من الكيانات السياسية اليمنية اللذان يعدا أكبر مكونين على الساحة الآن، الأمر الذي يراه بمثابة تعقيد كبير للمشهد اليمني، ويدل على طبيعة المأزق الذي تعيشه الدول الكبرى في تعاطيها مع المشهد اليمني وليس العكس.

كارثة محققة
على الجانب الآخر يرى الباحث اليمني عبد الله الدهشمي بأن ما يجري في اليمن بالغ التعقيد وينذر بكارثة محققة قد تجري على أرض اليمن التي أصبحت تتجاذبه أطراف متعددة، وأصبح مهددا بتفكك كامل.

محذرا من أن اليمن تشهد حربا متعددة الجهات والجبهات، وأن استمرار الوضع بهذا الشكل سيكون أزمة كبرى سيدفع ثمنها اليمنيين.

وعلى جانب آخر فيقول العميد "بجاش الأغبري" عميد الأسرى الجنوبيين في تصريح خاص لـ"فيتو" أن الحكومة الجديدة في الشمال لا تمثلها كجنوبيين حتى وإن كان رئيسها خالد بحاح هو جنوبي بالأساس، وبالرغم من وجود أربع وزراء جنوبيين فيها، مؤكدا على أن مطلبهم هو استعادة دولتهم ولن يقفوا عن نضالهم حتى ينالوه.

وأوضح الأغبري والذي عاد للقاهرة قبل أيام من عدن، أن الجنوبيين يسعون الآن بكافة الطرق لاستعادة دولتهم، لافتا إلى أنهم اتخذوا من يوم ٣٠ نوفمبر الجاري موعدا لانطلاقة وتحرك كبير في الجنوب من أجل استعادة دولتهم.

ويؤكد الأغبري أنه حتى لو كان رئيس الحكومة جنوبي ورئيس الدولة أيضا إلا أنهم كجنوبيين لم يحققوا شيئا على أرض الواقع وأن وحدتهم مع الشمال أصبحت أمر محال الاستمرار خاصة في ظل ما عاناه الجنوبيين على مدى سنوات طويلة.

ودعا الأغبري الدول العربية ودول العالم بالالتفات إلى مطالبهم العادلة باسترداد دولتهم، ليكون للجنوبيين حضورهم السابق، وحتى لا يظلوا في حالة التغييب المستمرة، لافتا إلى أن نضالهم سينتهي بالتأكيد إلى تصويت على حق تقرير المصير الأمر الذي يعني انفصالهم الكامل عن اليمن، وهو الأمر الذي يناضلون من أجله.

دعم الجامعة
يأتي هذا فيما جدّدت الجامعة العربية تأكيدها على التضامن مع جهود الرئيس عبدربه منصور هادي والحكومة اليمنية الجديدة، واستعدادها لتوفير كل ما يحتاجه اليمن من دعم ومساندة في مواجهة التحديات الراهنة واستكمال تنفيذ متطلبات المرحلة الانتقالية، وفقًا لما نصت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية في هذا الشأن، وبما يضمن تحقيق تطلعات الشعب اليمني الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية.

وهو الأمر الذي أكده الدكتور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية خلال اتصال هاتفي برئيس الحكومة اليمنية الجديد خالد محفوظ بحاح، هنأه فيه على تولي مهامه وتشكيل حكومة الكفاءات الوطنية، والتي جاءت تنفيذًا لاتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تم التوصل إليه بين مختلف القوى السياسية اليمنية تحت رعاية الأمم المتحدة.

ترحيب عربى
وكان العربي رحب بتشكيل الحكومة بعد حلفها اليمنين الدستورية، واعتبرها خطوة إيجابية خاصةً في هذه المرحلة الحساسة والمضطربة التي تشهدها الجمهورية اليمنية، معربا عن أمله بأن تتمكن الحكومة الجديدة من التغلب على التحديات الكبيرة التي تواجه اليمن في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية.

وناشد العربي كافة القوى السياسية اليمنية الالتزام بتنفيذ تعهداتها بموجب اتفاق السلم والشراكة الوطنية، داعيا إياها إلى إعلاء المصلحة الوطنية العليا للجمهورية اليمنية، كما حذّر من أية محاولات تستهدف عرقلة سير العملية السياسية في اليمن أو تعمل على تقويضها، مشيرًا أن ذلك يتعارض مع مطالب الشعب اليمني ويُمثّل عملًا غير مسئول يضرّ بأمن البلاد واستقرارها.
الجريدة الرسمية