الإرهاب والجبهة الداخلية!
كل مصري وأشدد على كلمة مصري اعتصر الألم قلبه من الإرهاب الذي حدث في العريش، الغضب الذي جعل البعض يخرج عن شعوره ويتصرف بقدر من الانفعال هو أمر طبيعي ومبرر، لكن على البعض في مثل هذه الأوقات أن يؤكدوا دور العقل والحكمة في مواجهة الإرهاب، وأن يدقوا نواقيس الخطر في الاتجاه الصحيح، بالشكل الذي يُمَكِّن البلاد من الفوز في معركتها وليس العكس، هذا الموقف الحساس رغم ما به من حزن عميق إلا أنه يحتاج عزيمة صلبة، وقوة إرادة، وجبهة داخلية قوية كالصخر لا تلين في مواجهة محاولات الإرهاب الأسود.
علينا أولا أن نعرف أن كل جندي تفقده مصر هو استمرار للثمن الباهظ الذي دفعناه وندفعه لتحرر مصر من ظلام الإسلام السياسي وعلى رأس هرم هذا الظلام قيادات الإخوان المحبوسة في السجون الآن، والهاربة أيضا خارج مصر، ومن بعدهم التنظيم الدولي وتنظيمات أخرى وبضع دول.
قد يكون من نفذ هذه العملية ليس لديه رقم في دفاتر مكتب الإرشاد، وليس عضوا في أسرة أو كتيبة إخوانية وليس له مسئول إخواني مباشر، قد يكون أجنبيا، قد يكون حسن النية أيضا، كل هذا وارد، لكنه في النهاية، مثله مثل كل من يرفع شعارات عودة مرسي، كلهم تحت بند ما تحدث عنه البلتاجي من أن ما يحدث في سيناء رد فعل على الإطاحة بالإخوان من الحكم، نحن نعي تماما الآن ومع كل قطرة دم تراق كم كان قرار الجماهير المصرية وفي ظهرها قواتها المسلحة وشرطتها بخلع هذا الفصيل من الحكم، قرارا صائبا تماما، تخيلوا ماذا يمكن لهذا الإرهاب أن يفعل وهو لديه ضوء أخضر من السلطة، ضوء أخضر تمثل في أشهر مقولة في تاريخ مصر: احرصوا على سلامة الخاطفين والمخطوفين.
هذا الوعي هو النواة الأولى لتماسك الجبهة الداخلية، وفي الوقت نفسه، معرفة كيفية تقديم المقترحات والنقد في هذا التوقيت الحرج، هذا التوقيت الذي يحتاج لتضافر الجهود، وتلعب فيه الجبهة الداخلية دورا قويا ومحوريا، نحتاج لأن نظهر معدن المصريين عندما يتعرضون للشدائد.
إن المصريين الذين هزموا التتار والمغول والصليبيين وكانوا أداة لتحرر الشعوب من الاستعمار الحديث، ثم اجتياز أصعب مانع مائي في تاريخ الحروب العسكرية، لهم بالتأكيد قادرون على أن يكونوا على قدر مسئولية اللحظة الراهنة، وأن يدحروا هذا الإرهاب الأسود.