رئيس التحرير
عصام كامل

المحلل السياسي اليمني "فؤاد الصلاحي": تشكيل الحكومة بداية للمشكلات.. الحوثيون وصالح اجتمعا على معارضة "هادي".. الأمريكيون ليسوا جادين في مسألة العقوبات.. الرئيس السابق يملك نفوذًا داخل الشرطة والجيش

فيتو

تزامنت العقوبات التي فرضت على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح مع تأدية الحكومة اليمنية الجديدة لليمين الدستورية.

وللحديث عن هذه العقوبات وفرص نجاح الحكومة الجديدة في اليمن حاورت DW عربية الخبير اليمني فؤاد الصلاحي.

أدت الحكومة اليمنية الجديدة، برئاسة خالد بحاح الأحد، اليمين الدستورية في القصر الجمهوري، دون أن يكون لذلك أي تأثير على ما يبدو، لرفض الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق على عبدالله صالح للتركيبة الحكومية.

وكان الحوثيون رفضوا السبت التشكيلة الحكومية، باعتبارها "مخالفة لاتفاق السلم والشراكة الوطنية". وبدوره، دعا حزب المؤتمر الشعبي العام أعضاءه إلى الانسحاب من الحكومة، وهو الأمر الذي لم يحصل.

ويأتي حدث تشكيل الحكومة اليمنية بعد يومين من فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات ضد الرئيس السابق على عبد الله صالح، الذي يُتهم بإعاقة التسوية السياسية في اليمن.

ونص القرار الصادر عن مجلس الأمن على أن تمنع كافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة منح تأشيرات دخول لكل من صالح والقائدين العسكريين الحوثيين عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيي الحكيم مع تجميد أصولهم المالية.

وللحديث عن الحكومة الجديدة في اليمن وفرص نجاحها، حاورت DW عربية المحلل السياسي اليمني فؤاد الصلاحي، الذي تحدث أيضا عن نفوذ ودور الرئيس السابق على عبد الله صالح في الأزمة السياسية اليمنية.

رغم رفض الحوثيين للتشكيلة الحكومية الجديدة في اليمن ودعوة حزب المؤتمر الشعبي العام أعضاءه للانسحاب منها، أدت الحكومة اليمنية الجديدة برئاسة خالد بحاح اليمين الدستورية دون اعتراض منهما؟ هل يعني ذلك بداية الخروج من الأزمة السياسية التي عمّرت طويلًا؟

فؤاد الصلاحي: بشكل مختصر، الاتفاق على تشكيل الحكومة لا يعني انتهاء المشكلات في اليمن، بل هو بداية لمشكلات جديدة وإعادة إنتاج المشكلات القديمة، وهذا يعكس طبيعة المشهد في اليمن الذي يتجلى منذ سنوات طويلة في أن الحكومة أو السلطة تحاول أن تدير الأزمات لا أن تخرج منها.

إذ لم تستطع الحكومات السابقة الخروج من الأزمات بل كانت تريد دائما التحكم في الأزمات الراهنة. وهذا ما ذهب إليه الرئيس عبد ربه منصور هادي في تشكيل الحكومة الجديدة، لأن أطراف الصراع الأساسية لم تحسم خلافاتها النهائية ولا تثق في بعضها البعض وكل طرف يريد تصفية حساباته مع الطرف الآخر مستغلا ترتيبات سياسية معينة.

وأعتقد أن موافقة الحوثي والمؤتمر الشعبي العام على الحكومة هي خطوة للتواجد في السلطة، وربما نشهد تحالف واسع الآن بين الحوثي وعلي عبد الله صالح في المرحلة الراهنة، لأنهما يجتمعان في معارضتهما للرئيس عبد ربه منصور هادي. ولا أعتقد أبدًا بأن هذه الحكومة ستحل الأزمة لأن المشكلات أكبر من حجمها.

ما هو نوع هذه المشكلات التي تتحدث عنها؟

المشكلات تتجلى في ثلاث قضايا رئيسية لا تستطيع الحكومة حلها، أولًا: الفوضى الأمنية التي يعيشها البلد، وهذه يوجد حلها بيد أطراف الصراع الكبيرة وليس بيد الحكومة.

ثانيًا: الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد، ففي ظل عدم وفاء أصدقاء اليمن بالتزاماتهم المالية، فإن الحكومة الجديدة شأنها شأن الحكومة السابقة لا تمتلك أي فكرة عملية أو إستراتيجية لإنعاش الوضع الاقتصادي.

ثالثًا: إعادة الاعتبار للدولة. فالآن هناك ميليشيات وقوى خارج الدولة تمارس مهام الدولة. ولا يستطيع لا الرئيس ولا الحكومة أن يلعبا دورا فاعلا في رد الاعتبار لمؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية.

على ذكر الميليشيات المسلحة. ألا تتوقع أن ينسحب الحوثيون من صنعاء وباقي المناطق التي يتواجدون بها بعد تشكيل الحكومة؟

لا لن ينسحبوا قريبا لأن مشروعهم السياسي لم يتبلور بالكامل. فهم لهم أهداف أكبر من مجرد الدخول إلى المدن.

ما هي هذه الأهداف؟

أهداف ترتبط بحضورهم السياسي بشكل فاعل والتواجد في مختلف دوائر صناعة القرار الرئيسية. كما أن هناك أهدافا أخرى ترتبط بالحلفاء الذين يدعمونهم. فكما نعلم، فإن المشهد السياسي في اليمن هو معطى إقليمي وحله هو معطى إقليمي ودولي وليس محلي.

ومن ثم فإن الترتيبات السياسية الناتجة عن المباحثات التي تتم في دول الجوار حول اليمن والمباحثات التي تُجرى مع الولايات المتحدة الأمريكية هي التي ستحدد ما إذا كان اليمن سيشهد بعض الاستقرار أم ستزيد من إشعال الوضع السياسي.

لكن الرئيس هادي لن يسمح ببقاء هذه الميلشيات المسلحة في صنعاء بعد بدء الحكومة في ممارسة مهامها. أليس كذلك؟

وماذا عساه أن يفعل؟ فهم دخلوا صنعاء وهو موجود فيها. وكان بيده، كما كنا نتصور، بعض أوراق الضغط من القوى الأمنية والعسكرية، ولكننا فوجئنا بأنها سلمت المدينة جهارا نهارا. إذن، فنحن كنا أمام لعبة سياسية وهو أحد الأطراف فيها. فعبد ربه منصور هادي وعلي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي كانوا يريدون إخراج بعض القوى السياسية من الساحة والتحالف مع قوى أخرى. أي إعادة تشكيل الخارطة السياسية والحزبية وفق مصالح براغماتية تخدم رئيس البلاد من جهة وعلي عبد الله صالح والحوثي من جهة أخرى.

ما هي هذه المصالح البراجماتية المشتركة بين عبد ربه منصور هادي وعلي عبد الله صالح، ونحن نعرف العلاقة المتوترة بينهما، والتي وصلت الآن إلى درجة القطيعة مع إقالة حزب المؤتمر الشعبي العام لهادي من قيادة الحزب، بعدما اتهمه بأنه كان وراء فرض مجلس الأمن عقوبات على صالح؟

أولا هذه العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على صالح تأخرت كثيرًا، ولم يعد لها أي دلالة في الواقع اليمني.

كما قلت هذه العقوبات تأخرت كثيرًا حتى تمكن الرئيس السابق وكل من قامت الثورة ضدهم من تسوية أمورهم المالية في بنوك إقليمية ودولية بحسابات وهمية أو عبر أصدقاء وشركاء آخرين، وبالتالي فهذه العقوبات لن تجدي نفعًا. أما بالنسبة لتحركاتهم الداخلية أو الخارجية، فأعتقد أن الأمريكيين ليسوا جادين في تنفيذ هذا البند أبدًا.

لكن واشنطن أعلنت للتو أنها فرضت عقوبات مالية على صالح واثنين من قادة المتمردين الحوثيين المتحالفين معه؟

هم كانوا يعلمون منذ شهور عدة خروج مليارات من اليمن. كان هناك طائرات تنقل أوراقًا نقدية وكانت السفارة الأمريكية مطلعة وموافقة على هذا الأمر.

ومن جهة أخرى، الرئيس السابق على عبد الله صالح يملك ملفات سرية خاصة بمكافحة الإرهاب والدور الأمريكي والسعودي في ذلك، مما يمكنه من ابتزازهم وهم يلعبون مع بعضهم بهذه الطريقة. وأعتقد أن الأمريكيين ليسوا جادين على الإطلاق في مسألة العقوبات لأن مصلحتهم تقتضي بالدرجة الأولى البراجماتية والمرونة مع من قدم لهم خدمات.

الأمريكيون لا يحتكمون للمعايير الأخلاقية في سياستهم حتى يتعاملوا بجدية مع مصالح الشعب اليمني، وإلا لكانوا دعموا الثوار في 2011 لإبعاد النخبة السياسية القديمة.

العقوبات التي فرضت على الرئيس السابق والقائدين العسكريين الحوثيين عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيي الحكيم تم تبريرها بإعاقة التسوية السياسية في اليمن. كيف يعيق صالح التسوية السياسية وما هو الدور الذي يلعبه؟

صحيح أن على عبد الله صالح خرج من المشهد السياسي اليمني، لكن لازال يؤثر فيه، فهو له نفوذ داخل أجهزة الأمن والجيش والقبيلة ولديه قوة مالية كبيرة جدًا تمكنه من شراء الولاء السياسي، كما أن لديه قوة عجيبة في تجديد تحالفاته حتى مع خصومه السابقين مثلما حصل مع الحوثيين، مع العلم أن التحالفات في اليمن ذات طبيعة انتهازية وليست براجماتية.

هل أفهم من كلامك أن على عبد الله صالح حليف الحوثيين اليوم يمكن أن ينقلب عليهم في الغد؟

أسرع مما تتصور، فهو يسمي القوى التي يتحالف معها كُروت. سبق وتحالف مع الإخوان ومع الاشتراكيين وتحالف مع تيارات قبلية، لكنه كان يطيح بحلفائه بعد خروجه من الأزمات التي دفعته للدخول معها في تحالفات.

صحيح أنه تعرض لضربة قاضية، لكنه الآن في مرحلة ثأر سياسي مع الجميع. وعلى الرغم من أن مشروعه السياسي غير واضح، لأنه لم يطور حزبه ولم ينجح في إظهار نخبة سياسية ذات مصداقية وقبول شعبي، إلا أنه الآن يترنح ليجد طريقة للعودة إلى الظهور، وسيحاول على الأقل إفشال هادي وحكومته.

رغم تشكيكك في العقوبات التي فرضت على صالح وجدواها. ألا تعتقد أن بإمكانها المساعدة، ولو بشكل رمزي، في التخفيف من حدة الأزمة السياسية في اليمن؟

أتصور أن هذه العقوبات ستزيد في تعقيد الأزمة وليس تخفيفها، خاصة وأن هناك مباحثات سرية كانت بين بن عمر والحوثيين والرئيس السابق على عبد الله صالح قبل فرض هذه العقوبات، بأن الترتيبات السياسية لن تستثنيهم وسيكون هناك وضع مميز للحوثيين في طبيعة وشكل السلطة الجديدة وفي إعادة النظر في تقسيم الأقاليم مما سيمكنهم من مطالبهم السياسية. الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم العصا والجزرة في ترتيباتها السياسية. وهذه العقوبات هي العصا في انتظار الجزرة التي ستقدمها لنفس النخبة التي تحالفت معها لسنوات طويلة.

هذا المحتوى من موقع شبكة ارم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية