رئيس التحرير
عصام كامل

"صلى ع النبى" يا دولة..استهدوا بالله يا إخوان!


لا أحب الأحكام القاطعة في الأمور السياسية، السياسة مُتغيّرة بطبعها، بالبلدى كده السياسة وعالمها ودهاليزها لا تختلف كثيرًا عن أغنية (عدوية) الشهيرة حبَّة فوق وحبَّة تحت، أهى السياسة دايمًا ترقًص على الأغنية دى، بحبَّة فوق، وحبَّة تحت، وشويه يمين، وشويه شمال، لازم ليونة ورشاقة ومناورة ومحاورة والحطة والبطة كمان، ما دام ذلك سيُحقق المصلحة للسياسي أو للمسئول!

لكن السياسة كمان لازم ترتبط بمبادئ صارمة وقوية، وغير قابلة للنقاش أو التفاوض، زى عدم التفريط في حق الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، علشان كده تم التشديد على الكلمة دى في القسم الرسمى لأكبر مسئول في الدولة، وما يليه من مسئولين أصغر منه لكنهم كبار برضو، يعنى السياسي مُمكن يلعب ويرقَّص (لاحظ التشكيل بفتح الراء والقاف، مش يرقُص بضم القاف رغم إنها برضو مُمكن) أعداءه أو حلفاءه أو حتى قطاع كبير من الشعب أحيانًا، من أجل الوصول لأهداف أبعد أو أسمى، بشرط الوضع في الاعتبار دائمًا المصلحة العُليا للوطن وللشعب في النهاية!

كمان السياسة لعبة مصالح من الدرجة الأولى، والشاطر هو اللى يقدر يحقق مصلحته الشخصية، مصلحة الوطن، مصلحة الجماعة، مصلحة ناس تانيين لمُجرَّد إنه يسترزق من وراهم، والنوع الأخير ده اللى هو البنى آدم الأنوى اللى قرفنا بمُبادرات الصُلح مع الإخوان كُل شويه، لا لوجه الله، ولا لوجه الوطن، لكن لوجه السبوبة، والانتشار الإعلامي اللى بيحقق المزيد من الإمعان في السبوبة، ولوجه الإخوان حتى تتحقق السبوبة على الوجه الأكمل وتدخُل موسوعة جينيس ريكورد لأكبر سبوبة.. وواحد يقول لى: يعنى إنت شايف الإخوان مشتاقين للصلح بجد، واللا عاوزين التصعيد يظل مُستمرا إلى ما لا نهاية، من أجل إنهاك الدولة، وامتلاك المزيد من أوراق الضغط، لا من أجل إعادة رئيس معتوه، أصبح زيّه زى حلة الملوخية الحامضة اللى متسابه في عز حر أغسطس ست شهور، أقول له اتفضل حضرتك خُد نفسا عميقا وتعال لى في الفقرة الجاية!

مُجرد طرح أو التفكير في مُبادرة لما يُسمى الصُلح بين الدولة والإخوان هو جريمة سياسية متعمدة مع سبق الإصرار والترصُد لإهانة الدولة، وبالتالى شعبها الذي اختار رئيسًا بانتخابات تَلَت ثورة شعبية حقيقية غصب عن عين التخين والإرهابى والمتآمر والأهبل كمان، وعندما تُحدثنى في أمر المُبادرة فإن المُبادرات أو الصلح تكون بين طرفين يُمثل كُلٌ منهما ندًا للآخر، لا بين دولة كاملة بأجهزتها وحكومتها وشعبها، وبين عصابة إرهابية وضيعة وموضوعة تحت بير السلم!

المُبادرات الخبيثة ليس المقصود منها دائمًا أن يتم الصُلح، لكن الأهم هو تقزيم الدولة، ووضعها في صورة الكيان المُتأزّم، غير القادر على التعامُل مع شويه رعاع قبيضة أو مُغرر بيهم، وبالتالى يلجأ لطاولة مفاوضات وهمية، ونقعد عليها بعد ما تتساوى الروس، ويبقى حاميها زى سفاحها، وييجى واحد من أصحاب المُبادرات الخبيثة يعمل فيها كبير القعدة، وصلى ع النبى يا دولة، واستهدوا بالله يا إخوان، وكُل طرف ييجى على نفسه شويه؛ علشان نقدر نحل المُشكلة اللى بينكم، ونقول كُل واحد زعلان من التانى في إيه، ومُمكن نقوم نبوس على رأس بعض، وكمان لازم كُل واحد يقدِّم شويه تنازُلات، يعنى مثلًا الدولة تسيب الإخوان وأتباعهم يعيثوا فسادًا في الأرض، والإخوان يرحمونا من سحنة أهاليهم ومؤيديهم وذيولهم شويه، وبكده تبقى الصفقة قال إيه كسبانة للطرفين!

طيب ماذا يحدُث عندما يطول أمد المفاوضات، وتنقل كُل الصحُف والمواقع والقنوات المحلية والعالمية هذه المُباحثات والمحاورات، وتفتح أستوديوهات التحليل للمُبادرة، ما لها، وما عليها، والمُتوقَّع منها، والنتائج والمؤشرات الأولية، وماذا سيتحقق لاحقًا، وموقف المصريين مع أم ضد المزيد من التمزُّق المُجتمعى، لمُجتمع اهترأ وشبع تقطيع منذ ثورة يناير وحتى يومنا الغامق هذا، وقد تنتهى المفاوضات بين الدولة والعصابة بعد أن تساوت الروس، بكلمة حكيمة من صاحب المُبادرة الذي يستعد لقبض ثمن مجهوده على داير المليار، عندما يلتقط نفسًا عميقًا وعلامات الملل ترتسم على وجهه، قبل أن يُلقى على أسماع الطرفين المتناحرين المتساويين بالحل المُخطط له سلفًا قائلًا وكأنه وجد التايهة: خلاص.. مبدهاش.. نقسم البلد نُصين!

الجريدة الرسمية