رئيس التحرير
عصام كامل

الدستورية وموقعها من الإعراب

فيتو

لا يوجد عاقل فى مصر يسعى إلى إفشال الإخوان، لأن إفشالهم فى هـــذه المرحلة الدقيقة التى تمر بها مصر سيحصد نتائجه الجميع شوكاً وحنظلاً .

فمن زرع حصد مرغماً لا اختياراً. إلا أنه فى ذات الوقت لا يمكن القول بأن من ينتقد الأداء الإخوانى يسعى إلى إفشالهم حتماً، ولا يتعين أن يكون انتقاد الفاشل مسوغاً لاستمراره فى إدارة المزيد مــن الفشل، أياً كان هو، وأياً كان توجهه لأننا بصدد إدارة دولة، فإذا كان من الواجب على من ينتقد أن يقدم بدائل للحلول المتاحة للخروج بالبلاد من وهدتها ، فإنه يتعين على المنتقـــد قبول ذلك، بفتح القاف ـ وعدم ممارسة الإقصاء حيال الآخرين .

وفى هذا الإطار ورغم تحفظاتى العديدة على الجمعية التأسيسية تشكيلاً وآداءً ومنتجاً منحازاً ، إلا أننى لم أكن أتصور أن يكون المنتج على هذا النحو . فقد تبين من خلال أول احتكاك بالواقع بأنه ليس أعظم وثيقــــــة دستورية فى العالم على نحو ما تم ترويجه. بحيث لا تتــــــاح لمن يريـد الدفاع عنه فرصة لذلك ، ولا لمن يريد انتقاده مبرراً للسكوت .

ونسجــاً على ذات المنوال جرى إعداد قانون الانتخابات البرلمانية رغم أنه قــــد توافرت له أسباب النجاح الباهر والتى من بينها أن مجلس الشـــــورى فى أغلبيته الساحقة تيار إسلامى على رأسه الإخوان، ومن جاء بالتعيين فى أغلبيتهم الساحقة من الجمعية التأسيسية. إذن لابد أن يكون المنتج عالى الجودة فى ذاته ، وفى اتفاقه مع أحكام الدستور.

ولا عذر البتــــة فى إخراج قانون يتصادم فى بعض نصوصه مع أحكام الدســـــتور، فـما العـــذر فــى إخراجك قانوناً يتصادم مع دستورك ؟

طبـــــعاً التيار الإسلامى يعلم بأن الدستور كان لابد وحتماً أن يكون محل حــــــوار مجتمعى موسع بحــيث يأتى توافقياً  وكذلك قانون الانتخابات البرلمانية، وقـــــد جرى الحــوار بالفعل إلا أنه كان حواراً ديكورياً، وعندما امتنعت بعض القــــــوى عــن المشاركة لهذا السبب قيل لها : " بركــــة يا جـــامع " ، وهى جمــلـــــة يقولها من لا يرغب فى الصلاة مخاطباً الجامــــــع المغلق . زد عــلى ذلك أن مجلس الشورى قد تجاهل نتائج الحــــــوار . أحيل مشروع القانون للمحكمة الدستورية إعمالاً للرقابة السابقة الـتــــى أقرها الدستور على خلاف الأصل الذى يقول بالرقابة اللاحقة وذلك لقطع الطريق على الطعن عليه بعدم الدستورية حال مخالفة بعض أحكامه لبعض أحكام الدستور. ولا ننسى أن نشير أن المحكمة الدستورية قد تم تطهيرها وتهذيبها واختزالها فى الدستور الجديد . وبعد الدراسة أعادت المحــــكـمـة المشروع لمجلس الشورى مشفوعاً بأكثر من عشرة مواضع مخـــالــفـــة للدستور ويتعين تلافيها تجنباً لعدم الدستورية .

عدل مجلس الشورى البعض وترك البعض ورفع المشروع لرئاسة الجمهورية لإقراره ، ولا تدرى لماذا ؟! إنه منطق من يريد أن يفشل، ومبرره فى ذلك أن الدستور لا يلزمــــــــــه بإعادة القانون للدستورية، هذا صحيح، ولكنك بالتعديل قد وضـــعــــت نصوصاً جديدة فى حاجة إلى المطابقة مع الدستور، بخلاف التأكد من إجرائك التعديلات وفقاً لمقتضى المطلوب دستورياً من عدمه . وهذا فى صالحك وصالح المجتمع واستقراره وبث روح الثقة المفقودة بين أطراف المشهد السياسى . وإلا لماذا وجدت المـــحكــــمـــة ؟ وما موقعها من الإعراب فى أى جملة مفيدة ؟

الجريدة الرسمية