ندوة عن رواية "المرحوم" بـ"ألسن عين شمس".. "كمال": المجتمع المصري يعاني عدم قبول الآخر وإنكار الواقع.. المناخ العام يشجع على التعصب.. والرواية ناقشت الطائفية والطبقية وغياب مفهوم التدين الحقيقي
أكد الروائي الدكتور حسن كمال مؤلف رواية المرحوم التي حققت أفضل مبيعات في 2013 أن هناك إشكالية تكمن في عدم تقبل الآخر.
وأضاف أن كثيرا من المصريين وليس الأغلبية يرفضون قبول من يختلفون معه، مؤكدا أن المناخ العام حاليًا أصبح مشجعًا على المزيد من التعصب لاسيما في ظل النزاعات السياسية التي ظهرت خلال السنوات الثلاث الماضية.
وأشار إلى أن الحل يكمن في تقبل الآخرين على اختلافاتهم وتجنب إصدار الأحكام على معتقدات الآخرين وآرائهم، مؤكدا أن أزمة المجتمع المصري تتمثل في الميل إلى إنكار الواقع وهذا لا ينتج عنه سوى تفاقم المشكلات.
وأضاف كمال خلال ندوة "في حضرة المرحوم" التي عقدها قسم اللغة الإنجليزية بكلية الألسن جامعة عين شمس، أن التحدي الحقيقي للكاتب هو تقديم كتابات ذات قيمة فنية عالية وفي نفس الوقت تحقق رواجًا لدى الجمهور، وتساءل: "كم من روايات عظيمة لا تجد من يقرؤها؟ وذلك نتيجة للفشل في تحقيق تلك المعادلة".
الطائفية والتعصب
وتحدث عن رواية المرحوم مشيرًا إلى أنها تناولت عدة موضوعات ذات أبعاد عميقة تمس المجتمع المصري منها الأزمات الطائفية والطبقية وغياب مفهوم التدين الحقيقي وتسلط بعض رجال الأمن، وتميز أسلوب كتابتها بالفصحى البسيطة التي لا يستعصي على القارئ فهمها.
وعن تناوله ظاهرة التدين الظاهري في رواية المرحوم أوضح "كمال" أنه قدم الشخصية المتدينة الحقيقية الحافظة لنصف القرآن في مقابل الشخصية الأخرى التي كانت تهتم بقشور الدين ولكنها نجحت في اجتذاب الناس حولها وانتهى المطاف إلى أن وقع المتدين الحقيقي تحت تأثير المتدين الظاهري وأصبح من أتباعه، كما قدمت الرواية نموذجًا لكيفية حدوث الفتنة الطائفية والتي تبدأ بوجود اضطهاد فردي وعنصرية من بعض المسلمين تجاه المسيحيين والعكس.
ويرى كمال أن أسلوب الكاتب يجب أن يتميز في السرد عن رجل الشارع، موضحًا أنه لا يحبذ اللجوء إلى لغة السباب العامية لأن الكاتب الذكي يمتلك أدوات أسلوبية تمكنه من التعبير عن السباب دون ذكر اللفظ صراحة، مبديًا رفضه الحجر على الإبداع بمختلف أنواعه ولكنه دعا إلى ضرورة التنويه عن المحتوى حتى لا يتم تضليل الجمهور.
وردًا على اتهامه بتقليد أسلوب الكاتب أحمد مراد قال: "إن المتخصصين في النقد يؤكدون أن أسلوب الكاتبين على النقيض من بعضهما"، مشيرًا إلى أن وجود موضوعات مشتركة يتناولها الكتاب الشباب حاليا يرجع إلى أنها مستمدة من الواقع الحالي ولكن رؤية الكاتب هي التي تختلف، وما يميز كاتب عن آخر هو تمكنه من جعل القارئ يطرح الأسئلة أثناء القراءة، كما يجب على القارئ أن يميز بين أنماط الشخصيات هل هي مقلدة أم جديدة.
وأضاف أن كثيرا من كتاب هذا الجيل مظلومون رغم جودة ما يكتبونه إلا أنهم لم ينالوا الشهرة المطلوبة ومنهم على سبيل المثال " الطاهر شرقاوي ".
وعن عمله بالطب أوضح كمال أن دراسة الطب ساعدته على تقديم الشخصيات في الكتابات الأدبية بشكل أفضل، مشيرا إلى أن الطب يطغى على الأدب بالنسبة له فهو في المقام الأول طبيب ويعمل في المركز القومي للبحوث وهذا يشغل الجزء الأكبر من وقته بينما يخصص وقتًا للعمل على إنجاز الكتابات الأدبية.
وتحدث كمال عن أعماله موضحًا أن قصة " وكان فرعون طيبًا " تتناول مرضا نفسيا شهيرا هو متلازمة ستوكهولم وتعني تعاطف الضحية مع الجاني، وتناولت القصة شخصية فرعون بصفته أكثر الحكام تسلطًا في التاريخ المصري لكن تم توظيف الفكرة في إطار تهكمي ساخر يدعو للتعاطف معه بدلا من كرهه.
وأضاف أن معظم أعماله تُرجمت إلى اللغة الألمانية ومنها قصة "كشري مصر" والتي حصل بها على جائزة ساويرس والتي ساعدت في إكسابه مزيدا من الشهرة، مشيرًا إلى أنه حصل قبلها على جائزة ساقية الصاوي للقصة القصيرة ثلاث مرات متتالية عن قصصه "دفاع غير شرعي عن النفس"، و"رائحة غير نفاذة" و"آثار على الزجاج".