رئيس التحرير
عصام كامل

رواية "1984" وراء القبض على طالب جامعة القاهرة.. "أورويل" يجسد القمع بسلطة الأخ الأكبر.. الديكتاتورية ترفع شعار "الحرب سلام والحرية عبودية والجهل قوّة"..و"التايم" تختارها ضمن أفضل 100 رواية إنجليزية

فيتو

ألقت أجهزة الأمن بالجيزة، القبض على طالب في محيط جامعة القاهرة اليوم الأحد، بتهمة حيازة رواية "1984" للكاتب جورج أورويل، ووصفتها بأنها تتحدث عن الأنظمة العسكرية الفاسدة التي تحكم البلاد بديكتاتورية.


وتستعرض "فيتو"، أهم ما جاء في رواية 1984 للكاتب جورج أورويل.

"1984" والحكم الشمولي
"لن يكون هناك أي ولاء غير الولاء للحزب، ولن يكون هناك حب غير الحب للأخ الأكبر، إن كل ما يعتبره الحزب حقيقيًا هو حقيقي، ومن المستحيل إدراك الواقع دون النظر عبر عيون الحزب، تلك هي الحقيقة التي يتعيّن عليك أن تتعلمها يا ونستون، إنها تستلزم فعلًا انتحاريًا، تصميمًا واعيًا، أنّ عليك أن تهزم نفسك قبل أن يصبح بإمكانك أن تكون سليم العقل".

هذه هي صورة الحياة في العالم الذي تنبأ أورويل بقيامها في المستقبل، في روايته الشهيرة 1984 التي صورت أنظمة الحكم الشمولية، راسما فيها بشاعة العالم الذي انقسم إلى ثلاث قوى عظمى، أهمها وأكبرها "أوقيانيا" أو الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن ابتلعت كل ممتلكات الإمبراطورية البريطانية، وأوراسيا التي هي روسيا بعد أن ضمت إليها كل أوربا، وقوة ثالثة اسمها "أياستاسيا"، أما سكان أفريقيا والشرق الأوسط والهند وإندونيسيا فهم مجرد عبيد لـ "أوقيانيا".

ويستعرض أورويل الحديث عن أوقيانيا التي يحكمها حزب واحد، وتضم حكومتها أربع وزارات رئيسية، هي "وزارة الحقيقة" وتعنى بالإعلام والتعليم والفنون، و"وزارة السلام" المتخصصة في شئون الحرب، و"وزارة الوفرة" التي تهتم بالنواحي الاقتصادية، و"وزارة الحب" ومهمتها تطبيق القانون وحفظ النظام!

الأخ الأكبر
مثل أورويل سياسات القمع والاستبداد في الأنظمة الشمولية خلال روايته، بالفئة التي تحكم تحت ستار"الأخ الأكبر" باسم حماية الوطن والعامة والطبقة الكادحة، التي تزيف الحقائق والتاريخ بما يتناسب وما تريده السلطة.

ويوضح أورويل، كيف يمكن للسلطة أن تقنع عامة الشعب بالشيء ونقيضه في نفس اللحظة بما يسمى بالتفكير الازدواجي، وكيف يتم تشويه المعارضة وجعل مشهد القتل والإعدام والتعذيب للمعارض شيئا طبيعيا بل يحتفل به العامة ويعتبرونه انتصارا، وكيف يتم فرض سطوة الحكم تحت تأثير الحماية من عدو يهدد الدولة دائما، وطريقة استخدام الإعلام في تحقيق ذلك.

شرطة الفكر
وأبدع أورويل عندما جسد قمع العقول والحريات بـ "شرطة الفكر"، التي تحارب جريمة الفكر ومحاسبة وتعذيب كل من يحاول أن يفكر حتى في كره الفئة الحاكمة والأخ الأكبر أو تغيير ولائهم له، فالمجتمع بأكمله مراقب بكاميرات خفية تنقل فورًا إلى الأجهزة الأمنية كل ما يصدر عن الشعب.

"الحرب سلام، الحرية عبودية، الجهل قوّة"
ورفعت دولة "الداروينية الاستبدادية"، ثلاثة شعارات تطالع الشعب في كل مكان وهي "الحرب سلام، الحرية عبودية، الجهل قوّة".

وتخلص الأخ الأكبر من نقاط ضعفه التي تطيح به عادة، وأيضًا بمرور الوقت يعزّز أوجه قوته كي يكسب أعضاءً جدد يسيطر بهم على العامة وعلى الثورات والانقلابات المحتملة؛ فأفكار الأخ الأكبر في هذه الرواية تختلف تمامًا عن الأفكار الاستبدادية التقليدية، فهو يتعامل مع الشعارات والهتافات والتسميات بطريقة مختلفة، ويتعامل مع الثوار والمنشقين بطريقة مختلفة، ويتعامل مع طبقات المجتمع والحروب والثروات والتقنية بطريقة مختلفة، بل إنه يفهم فكرة "السلطة" وغايتها وتطبيقها بشكل مختلف.

ونجح أورويل في وصف تحول القيم البشرية بشكل دقيق إلى أشياء هامشية، ومن ثم سطوة الأحزاب السلطوية والشمولية على الناس والشعوب ليكونوا مجرد أرقام هامشية في الحياة بلا مشاعر ولا عواطف وليس لديهم طموحات أو آمال، ويعملون كالآلات خوفا من الأخ الأكبر، ولينالوا رضاه لأنه يراقبهم على مدى الساعة.

كما كانت هذه الرواية في وقت من الأوقات، تعد ثورية وخطرة سياسيًا مما أدى إلى منعها من المكتبات في عدد من الدول، التي كانت محكومة بحكومات شمولية كروسيا وحتى غيرها من الدول.

واختارت مجلة "التايم"، الرواية كواحدة من أفضل مائة رواية مكتوبة بالإنجليزية منذ عام 1923 وحتى الآن، وتمت ترجمتها إلى 62 لغة.
الجريدة الرسمية