رئيس التحرير
عصام كامل

هاغل يهزم عصابة الشر


وجود الثلاثى باراك أوباما وجون كيرى وتشاك هاغل فى إدارة واحدة مطمئنٌ، فهم لا يريدون مغامرات عسكرية خارجية، ولا يعتبرون الولايات المتحدة شرطى العالم، ولا يتحدثون عن «استثنائية» أميركية تبرر بها عصابة الحرب فرْضَ قِيَم أميركا على بقية العالم.


قضيت أسابيع فى متابعة جلسات تثبيت تشاك هاغل -السناتور الجمهورى السابق من نبراسكا- وزيراً للدفاع، ولاحظت أن أعنف حملات عليه كانت إما من دعاة الحروب، مثل السناتور جون ماكين، الذى أسِرَ فى فيتنام حيث نال كيرى وهاغل أعلى الأوسمة، أو من السناتور لندسى غراهام، وهو من الثلاثى الإسرائيلى فى الكونغرس الذى يضم معه ماكين وجو ليبرمان، أو السناتور تيد كروز من تكساس، يعنى «كاوبوي».

الجمهوريون عطلوا التصويت على تثبيت هاغل وزيراً للدفاع، إلا أنهم فشلوا فى النهاية، وأصبح وزيراً رغم أنوفهم، فأيده 58 عضواً فى مجلس الشيوخ مقابل 41 معارضاً، وهو أقل تأييد يحصل عليه وزير للدفاع منذ إنشاء المنصب سنة 1947، إلا أنه كافٍ جداً.

هاغل تراجع عن تصريحات له وعدَّل تصريحات أخرى، إلا أننى كنت أستمع إليه وأتذكر خطاب الرئيس أوباما من على درجات مبنى الكابيتول فى 21 من الشهر الماضي، فهو لم يُشِرْ إلى عملية السلام بأكثر من سطر واحد فى خطاب من 15 دقيقة، وتحدث بإسهاب عن توافق وطنى يعرف الرئيس تماماً أنه لن يحصل عليه، وعن حماية الضمانات الاجتماعية والصحية، وعن الترحيب بالمهاجرين، وحقوق أحاديى الجنس، وأجور متساوية عن العمل نفسه للرجال والنساء، والاهتمام بمصادر طاقة متجددة.

ما سبق يأتى فى مركز متقدم ضمن سلم أولويات الرئيس، إلا أن عملية السلام مثلها، وإن كان الرئيس تجاوز أى تفاصيل أو تركيز فالسبب أنه لا يريد أن يعطى عصابة الحرب مادة ضده. وشخصيًا أرجح أن تنشط الإدارة الأميركية فى عملية السلام فى السنتين الأخيرتين من الولاية الحالية.

وسنرى البداية فى زيارة أوباما إسرائيل فى الشهر القادم.

عصابة الحرب تعرف ذلك وتتوقعه، فهناك هجوم يومى على باراك (حسين) أوباما، وعلى كل سياسة له وموقف، وقد رأيت مثل ذلك ضد هاغل، وأكتفى هنا بعناوين من ميديا العصابة، مثل: «صدقية هاغل مُزِّقَت إرباً»، و «تشاك هاغل لا يستحق تعيينه وزيراً للدفاع»، و «ثقة تشاك هاغل فى فيدل كاسترو»، و«احتواء (محاصرة) هاغل».

خوف المحافظين الجدد ولوبى إسرائيل من تشاك هاغل مبرَّر جداً، فالرجل له مواقف ضد الحرب ودعاتها، وضد إسرائيل وجرائمها، وكلامه فى جلسات تثبيته وزيراً للدفاع لا يعنى تغييراً فى مواقفه، وإنما مصلحة شخصية أمام هجوم عصابة الحرب عليه.

فى 2002 رحَّب هاغل بخطة السلام العربية، أو اقتراح الأمير وقتَها عبدالله بن عبدالعزيز، الملك الآن، قيام دولة فلسطينية فى حدود 1967 تعيش بسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل.

وجريدة «لنكولن جورنال ستار» نشرت له فى 12/1/2003 مقابلة قال فيها إن إسرائيل تحصر الفلسطينيين مثل حيوان فى قفص، وانتقد انقسام الشعب الفلسطينى على نفسه، ودعا «فتح» و «حماس» إلى الوحدة.
وفى 2007 صوَّت ضد تعديل كايل-ليبرمان فى مجلس الشيوخ، الذى طالب باعتبار الحرس الثورى الإيرانى منظمة إرهابية.

وفى 2008 تحدث هاغل عن «لوبى يهودي» يهدد أعضاء الكونغرس، وفى حين أنه سحب هذا الكلام خلال جلسات تثبيته، وقال إنه كان يجب أن يقول «لوبى مؤيد لإسرائيل»، فإننى أقول إن لوبى إسرائيل اشترى أعضاء الكونغرس ووضعهم فى جيبه.

ومع أن هاغل تكلم فى لوبى يهودى يؤيد إسرائيل، إلا أن عصابة الحرب، من محافظين جدد وليكوديين أميركيين يخونون «بلادهم» كل يوم لصالح إسرائيل، هاجموه بحدة وشدة، واعتبروا كلامه خيانة لإسرائيل والعلاقة الخاصة المزعومة.

المهم الآن أن يبدأ الثلاثى أوباما وكيرى وهاغل العمل لمصالح أميركا لا إسرائيل، فهذا يكفينا.

نقلًا عن الحياة اللندنية

الجريدة الرسمية