مصادر تونسية: «الغنوشي» تحالف مع «السبسي» للإطاحة بـ«المرزوقي»
أكدت مصادر مُقربة من حركتي "نداء تونس" برئاسة (الباجي قائد السبسي)، و"النهضة الإسلامية" برئاسة (راشد الغنوشي)، أن رئيسي الحركتين عقدا أمس الخميس، اجتماعًا تشاوريًا على وقع ارتفاع نسق الحراك السياسي المرتبط بانتخابات الرئاسة.
وقالت المصادر لـ«العرب» إن هذا الاجتماع الأول من نوعه منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية التي انتهت بهزيمة حركة النهضة الإسلامية، وبصعود حركة "نداء تونس" تم بترتيب من وداد بوشماوي رئيسة منظمة "أرباب العمل"، وذلك خلافًا لما أعلنه في وقت سابق زياد العذاري، الناطق الرسمي باسم حركة "النهضة الإسلامية" المحسوبة على جماعة الإخوان.
وكان «العذاري» نفى عقد هذا الاجتماع بين الغنوشي والسبسي، وذلك في خطوة وصفها المراقبون بأنها مُحاولة للإبقاء على تماسك قاعدة حركة النهضة التي تستعد لعقد دورة جديدة لمجلس الشورى وسط تباين حاد في الآراء بات يُهدد بانقسام الحركة.
وتخشى حركة النهضة الإسلامية من اتساع الفجوة بين قيادتها والكوادر الوسطى التي برزت في أعقاب الإعلان عن نتائج الانتخابات، والتي عكستها حالة الغضب والاستياء التي سادت آخر اجتماع لمجلس الشورى، وذلك على خلفية التقارب مع حركة "نداء تونس" التي تنظر إليها قاعدة النهضة على أنها «امتداد لمنظومة الاستبداد».
ويرى مراقبون أن هذا الاجتماع كان مُتوقعًا بين الشيخين لاعتبارات عديدة أبرزها التحول الظاهري الذي طرأ على مواقف الغنوشي، وهو تحول يندرج في إطار المناورات التكتيكية التي بدأها بتغيير مفردات خطابه السياسي في مسعى للظهور في صورة «الديمقراطي والحريص على التوافق».
وبحسب مصادر «العرب»، فإن اجتماع الشيخين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي هدف إلى «تهدئة الأجواء السياسية التي سادها نوع من الاحتقان المُرشح للتفاعل في اتجاهات مُتعددة قد تُعكر صفو الانتخابات الرئاسية» المُقرر تنظيم دورتها الأولى في 23 نوفمبر الجاري.
وأوضحت أنه تم خلال هذا الاجتماع بحث إمكانية مُشاركة حركة النهضة الإسلامية في الحكومة المُقبلة التي يُفترض أن تشكلها حركة "نداء تونس"، إلى جانب استعراض التطورات السياسية والأمنية في البلاد، على ضوء الحملات الانتخابية للاستحقاق الرئاسي.
وأكدت في هذا السياق أنه تم التطرق إلى «التهديد الذي بات يشكله منصف المرزوقي الذي يسعى إلى استدراج العناصر السلفية وأفراد روابط حماية الثورة المحظورة، بالإضافة إلى أنصار النهضة الغاضبين من الموقف السياسي الجديد للغنوشي، إلى مربع العنف».
وتعالت خلال اليومين الماضيين الدعوات إلى لجم المنصف المرزوقي الذي بدا كأنه انفلت من عقاله، من خلال استحضاره لمفردات حربية في خطابه السياسي وممارسات أنصاره خلال حملته الانتخابية، حيث برزت أصوات «تُبشر التونسيين بحمام دم» إن فاز السبسي بالرئاسية، فيما ذهب البعض الآخر من أنصاره إلى حد التلويح بحرب أهلية.
ودفعت هذه التطورات الخطيرة التي تُنذر بموجة عنف جديدة في البلاد، النيابة العامة إلى فتح تحقيق عدلي في مسعى لوضع حد لمثل هذه الممارسات التي من شأنها تعكير الوضع الأمني في هذه الفترة الدقيقة، لا سيما أنها ترافقت مع عودة رصاص المجموعات الإرهابية ليضرب من جديد في شمال غرب البلاد في هجوم إرهابي استهدف حافلة لنقل العسكريين.
ولا تستبعد الأوساط السياسية أن تكون نتائج هذا الاجتماع مُقدمة مهمة لجهة حسم حركة النهضة الإسلامية موقفها بخصوص المُرشح الرئاسي الذي تعتزم دعمه، كما لا تستبعد أن يستند إليها راشد الغنوشي لجهة مواجهة معارضيه من المحسوبين على جناح الصقور، خلال اجتماع مجلس الشورى الذي يُتوقع أن يُعقد مساء اليوم الجمعة ليتواصل على مدى يومين.
ويُنتظر أن يتم خلال هذا الاجتماع الذي تنتظر غالبية المرشحين للاستحقاق الرئاسي، البت في مسألة المُرشح الذي يُفترض أن تدعمه حركة النهضة.
وهي مسألة تسببت في انقسام الآراء والمواقف بين جناح «الحمائم» الذي يرفض دعم المرزوقي، ويُبقى الباب مفتوحًا أمام دعم بقية المترشحين، وجناح «الصقور» الذي يتمسك بصدور قرار واضح بدعم المرزوقي الذي تُؤكد المؤشرات أنه سيكون خارج اللعبة التي سيعكسها المشهد السياسي الجديد.