ننشر نص كلمة وزير العدالة الانتقالية أمام الأمم المتحدة.. مصر شهدت طفرة في مجال تعزيز حقوق الإنسان.. حريات المواطنين تأتي على رأس أولويات الحكومة.. وملتزمون بالمعايير الدولية وليس لدينا محتجزون
قال وزير العدالة الانتقالية، إبراهيم الهنيدي، اليوم الأربعاء إن مصر شهدت طفرة في مجال تعزيز حقوق الإنسان في عدة مجالات، وذلك خلال كلمته أمام جلسة المراجعة الدورية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجينف.
وتقوم فكرة المراجعة الدورية للأمم المتحدة على تكرار عرض الملف الحقوقي لكل دولة مرة كل أربع سنوات، لبيان مدى التزامها بما أقرته من توصيات والتزامات، وتقييم جهودها في صيانة حقوق مواطنيها دوريًا.
كانت 125 دولة سجلت حتى الآن رغبتها في توجيه أسئلة وتوصيات إلى مصر.
وقال الهنيدي، خلال كلمته التي بثت على التليفزيون المصري، إنه تم إجراء سلسلة من المشاورات الحكومية بين جميع الهيئات والمؤسسات المعنية والمنظمات للتعرف على رؤيتهم لأوضاع الحقوق والحريات. وأصدرت الحكومة عدة قوانين منذ 2011 من أهمها قوانين تشديد العقاب على جرائم العنف ضد المرأة والحق في الحصول على المعلومات والتأمين الصحي للمرأة المعيلة والأطفال، وقانون تضارب المصالح للمسئولين.
وتابع إن مصر تلقت خلال عام 2010 نحو 165 توصية لتعزيز حقوق الإنسان، قبلت منها 119 توصية وكان يجري تنفيذ 25 بالفعل "على الرغم من الانشغال بالوضع الداخلي الملح".
وفيما يلي نص كلمة الوزير:
السادة رؤساء وأعضاء الوفود
السيدات والسادة الحضور
يسعدنى.. أن أتواجد بينكم اليوم رئيسًا لوفد بلادي خلال جلسة الحوار التفاعلي الخاصة بالمراجعة الدورية الشاملة الثانية لمصر.. مصر مهد الحضارة والثقافة الإنسانية.. البلد الضارب بجذوره في عمق التاريخ والتنوير.. جئتكم من مصر الجديدة المليئة بالأمل والعزيمة على ضمان مستقبل أفضل لشعبها.. الذي سطر منذ يناير 2011 ملحمة إنسانية بطلها البحث عن كرامة الإنسان وحقوقه.. والذي أسست إرادة أبنائه لدولة جديدة.. قوامها المواطنة والمساواة والديمقراطية.. تحترم سيادة القانون وتتبع منهج وقواعد الحكم الرشيد.
وفى البداية.. أود أن أُعبر عن تقديري لإسهام آلية المراجعة الدورية الشاملة كأحد آليات مجلس حقوق الإنسان في الجهود الرامية لتعزيز حماية واحترام الحقوق والحريات.. فقد لمست - من خلال الخطوات التي عاصرناها أثناء الإعداد لعملية المراجعة الدورية - إيجابيات هذه الآلية ودورها البناء.. بما تكفله من فرصة إضافية للتواصل مع القوى الوطنية والشعبية والمجتمع المدني.. وهو ما أسهم في خلق مساحة واسعة من الاستماع والتفاعل.. وأسفر في النهاية عن تطوير حقيقي لمفاهيم وأوضاع حقوق الإنسان في مصر.
ولا يخفى على حضراتكم.. أنه ومنذ خضوع مصر لآلية المراجعة الدورية الأولى في 2010.. شهدت البلاد ظروفًا سياسية واجتماعية غير عادية.. بل وغير مألوفة.. فقد قامت في مصر ثورتان شعبيتان متتاليتان في فترة لا تجاوز الثلاثة أعوام.. كان المحرك الرئيسي لهما هو حماية حقوق المواطن المصري وصون حرياته.. وقد جعلت هذه التغييرات السياسية مطالب الشعب المصري تعبر سقف التوصيات التي قبلتها الدولة في المراجعة الدورية الأولى.. فتجاوزت الآمال قشور الإصلاحات التي كان يضطلع بها النظام السابق بين الحين والآخر.
لقد شهدت مصر في الخامس والعشرين من يناير 2011 ثورة سلمية ضد سلطة حاكمة أوقعت البلاد في حالة من الفساد والتهميش السياسي والاجتماعي.. فثار المصريون وأسقطوا النظام.. وانتخبوا رئيس جمهورية جديد طالبه الشعب بتحقيق إرادته وأهدافه.. بإطلاق الحريات وتحقيق العدالة الاجتماعية.. وتطبيق ديمقراطية حقيقية.. إلا أن الرئيس إنتهج سلسلة من السياسات الإقصائية والممارسات الاستبدادية التي عصفت بسيادة القانون وانتهكت حقوق المصريين وكرست لإنفراد جماعته بالسلطة.. وتبنى هو وأنصاره خطابًا يحض على الكراهية والعنف.
فشعر المصريون أنه يهدم دولة القانون.. ويهدر حقوقهم الأساسية التي حاربوا للحصول عليها.. فقاموا في 30 يونيو2013 بثورتهم الثانية.. التي شارك فيها قُرابة الثلاثين مليون مواطن.. فأسقطوا النظام القائم وقتها بعد عام من تولي السلطة وقاموا بتصحيح مسار الثورة.. وتوافقت القوى السياسية والشعبية على خارطة مستقبل وطنية.. لإعادة بناء المؤسسات الدستورية والتأسيس لنظام ديمقراطى حقيقي.. بدءًا من تعديل الدستور ثم إجراء انتخابات رئاسية ونيابية.. وتم إثر ذلك تشكيل لجنة (الخمسين) من كافة أطياف المجتمع المصري، والتي وضعت مشروع دستور معدل حظى بتأييد ومساندة شعبية ضخمة.. أكدتها نسبة مشاركة كبيرة في عملية الاستفتاء عليه بتواجد غير مسبوق للمرأة.. وتمت الموافقة عليه بنسبة 1،98% من مجموع المشاركين.
السيد الرئيس
إن حقوق الإنسان وحريات المواطنين تأتي على رأس أولويات الحكومة الوطنية التي أدارت خارطة الطريق بعد ثورة 30 يونيو2013.. وخير دليل على ذلك هو وجودى بينكم اليوم بصفتي وزيرًا للعدالة الانتقالية ومجلس النواب.. فقد أنشأت الحكومة هذه الوزارة بعد 30 يونيو.. تفهمًا منها للأسباب التي قامت من أجلها الثورة.. ولإدراكها بوجود خلل أصاب الحياة السياسية والاجتماعية...
وتُعنى الوزارة في الأساس بإشكاليات حقوق الإنسان في مصر.. والوقوف على ما حدث من انتهاك لها، وتهميش للعديد من فئات المجتمع والعمل على تعويض الضحايا.. كما تعمل على اتخاذ إجراءات إصلاحية لدعم الحقوق والحريات.... وأضيف إليها حقيبة وزارة مجلس النواب لتضع أجندة الحكومة التشريعية من خلال رؤية الإصلاح المؤسسي وحقوق الإنسان.
فكان إنشاء الوزارة هو رسالة للتأسيس لدعائم دولة جديدة تتبع مبادئ الإدارة الرشيدة وفلسفة المشاركة المجتمعية الكاملة.
وإعلاءً لمبدأ المحاسبة شكل رئيس الجمهورية لجنة مستقلة لتقصى الحقائق في أحداث العنف التي تلت ثورة 30 يونيو، وذلك برئاسة قاضٍ دولي هو أحد قضاة المحكمة الجنائية الدولية في يوغوسلافيا السابقة.. وأود أن أعلن لكم أن اللجنةَ أنهت بالفعل أعمال التقصى والتحقيق وفى سبيل رفع تقاريرها إلى جهات الاختصاص لاتخاذ شئونها.
ومما يؤكد على الأولوية التي تمثلها حقوق الإنسان في الوعي السياسي المصري، حرص رئيس الجمهورية المنتخب دومًا على التأكيد على الاحترام الكامل لها.. وفى ترجمة عملية لذلك، كان أول قراراته.. قرار بتشكيل لجنة عليا للإصلاح التشريعي.. تتولى عملية متكاملة للإصلاح في ضوء الدستور الجديد.. وتم إسناد إدارتها إلى وزارة العدالة الانتقالية. التي أعدت بالفعل العديد من مشروعات القوانين التي تتعلق بلب إشكاليات حقوق الإنسان في مصر، كمشروع قانون للعدالة الانتقالية يلتزم بالمعايير الدولية ويكفل كشف الحقيقة والمحاسبة، وإنشاء مفوضية المساواة ومكافحة التمييز، وإعداد مشروع قانون لتنظيم بناء وترميم الكنائس.. وفق أحكام الدستور.. كما تم إعداد مشروع قانون مكافحة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.
وأنوه هنا بأن الدستور في حد ذاته يشكل انتصارًا حقيقيًا لحقوق الإنسان وحرياته، وتعبر نصوصه عن التزام وتوجه واضح نحو احترامها.. فاعتبرتها المادة (5) منه ضمن الأسس التي يقوم عليها النظام السياسي للدولة.. وجعل الدستور التمييز والحض على الكراهية جريمة لا تسقط بالتقادم.. وألزم الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية، وأقام علاقة الفرد بها على أساس المواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص.
كما نص على حقوق وحريات لم يكن منصوصًا عليها في النظام الدستوري المصري من قبل.. ووضع العديد من الضمانات لصيانتها.. فجعل الكرامة حقًا لكل إنسان، والتعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم.. وكفل لأول مرة حق الإضراب السلمى، وأطلق حرية الاعتقاد.. وكفل الحرية الشخصية كحق طبيعى وحرية التنقل والفكر والرأى والإبداع الفنى والأدبى وحرية الصحافة والطباعة والنشر.. وحظر التهجير القسرى التعسفى.. ونص على حق تكوين الأحزاب السياسية وحرية تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية بالإخطار، وحظر حلها إلا بحكم قضائى.. كما ألزم الدولة بتخصيص نسبة من الناتج القومى الإجمالى للصحة والتعليم والبحث العلمى.. وأفرد العديد من النصوص لتمكين المرأة وحقوقها وحقوق ذوى الإعاقة والأقزام وحقوق الطفل والمسنين والمغتربين.
وبرغم الظرف التاريخي الذي مرت به مصر، إلا أنها دولة مؤسسية تحترم التزاماتها وتفى بها، ومن بينها تنفيذ توصيات عملية المراجعة التي قبلتها في عام 2010. واسمحو لي أن أستعرض معكم أهم الخطوات التي اتخذت في سبيل تنفيذها:
تم إجراء سلسلة من المشاورات الحكومية بين كافة الهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية، وعدد كبير من ممثلي المجتمع المدني، للتعرف على رؤيتهم لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، ومناقشة التحديات والإنجازات.
أصدرت الحكومة المصرية عدة قوانين وقرارات منذ عام 2011 خلال المرحلة الانتقالية لإنفاذ التزاماتها التعاقدية الدولية في مجال حقوق الإنسان، ومن أهمها قوانين: تشديد العقوبات على جرائم العنف ضد المرأة، وإقرار الحق في تبادل المعلومات، ونظام تصويت المصريين بالخارج في الانتخابات العامة، والتنمية المتكاملة لشبه جزيرة سيناء، ونظام التأمين الصحي للمرأة المعيلة والأطفال دون السن المدرسي، وحظر تعارض مصالح المسئولين مع الدولة، وتنظيم الحق في الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات السلمية.
السيد الرئيس
لقد تلقت مصر خلال عملية المراجعة الأولى 165 توصية، قبلت منها 119 توصية، وكان يجرى تنفيذ 25 توصية أخرى بالفعل. وعلى الرغم من الانشغال بالأوضاع الداخلية الملحة، تم اتخاذ خطوات جادة في اتجاه تنفيذ التوصيات التي قبلتها مصر آنذاك.
أولا: في مجال الحقوق المدنية والسياسية
تحترم التشريعات الوطنية التزامات مصر في إطار العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية إحترامًا كاملًا، فتم تعديل قانون نظام الأحزاب السياسية في عام 2011 ليجعل تكوين الأحزاب بمجرد الإخطار. كما أصبحت اللجنة المعنية بفحص إخطارات تأسيس الأحزاب ذات تشكيل قضائي كامل، فضلًا عن عدم جواز حل الحزب إلا بحكم قضائي، وقد أدى ذلك إلى زيادة عدد الأحزاب السياسية ليصل إلى (96) حزبًا. ومنذ عام 2011 أجريت العديد من الاستفتاءات والانتخابات اتسمت بالنزاهة والحيدة والشفافية.
وفى إطار تعزيز الحوار بين الأديان، أطلق الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذوكسية في يناير2011 مبادرة "بيت العائلة المصرية" وذلك لتأكيد قيم ومبادئ المواطنة للجميع، وأطلق بيت العائلة بالتعاون مع المجتمع المدني حملة لترميم وإصلاح 46 موقعًا كنسيًا أضيرت في الأحداث التالية لثورة 30 يونيو.
وقد شهدت حرية الرأي والتعبير والصحافة والنشر طفرة كبيرة خلال الفترة الماضية، فالدستور والقوانين المصرية لا تفرض أي قيود على وصول المدونين أو الجمهور إلى شبكة المعلومات الدولية. وأصبح اختيار رؤساء الصحف القومية بموجب ترشيحات الصحف، كما تم إلغاء وزارة الإعلام. وجار اتخاذ خطوات إنشاء مجلس مستقل لتنظيم الإعلام وفقًا للدستور.
كما تعكف الحكومة المصرية منذ عام 2011 على مراجعة وتعديل القانون رقم 84 لسنة 2002 الخاص بتنظيم عمل المنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية في مصر، بهدف الخروج بقانون يدعم مشاركة الجمعيات الأهلية في القضايا التنموية المختلفة، وتعزيز العمل الأهلي ودور منظمات المجتمع المدني.. خاصة المعنية بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.. وأؤكد أن عدد الجمعيات الأهلية المسجلة حاليًا بوزارة التضامن الاجتماعي وصل إلى ما يقارب (47 ألف) جمعية.. في حين كان عددها (26 ألف) جمعية عند إعداد التقرير الحكومي السابق المقدم إلى آلية المراجعة عام 2010.
وعلى صعيد مكافحة التعذيب، فقد نص الدستور المصري على أن "التعذيب بجميع صوره وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم...وتكفل الدولة تعويضًا عادلًا لمن وقع عليه الاعتداء". وتقوم النيابة العامة، بالتحقيق في جميع البلاغات الواردة بشأن التعرض للتعذيب أو استعمال القسوة.. وتتخذ فيها الإجراءات التي يتطلبها التحقيق الجنائي.. وتتولى كذلك الإشراف على السجون وغيرها من أماكن الاحتجاز التي تنفذ فيها الأحكام.. وتقوم النيابة بهذا التفتيش المفاجئ بصفة دورية، وبحد أدنى مرة شهريًا وكلما استدعت ظروف الحال..
ثانيًا: احترام حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب:
إن الإرهاب بكافة أشكاله يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وعلى رأسها الحق في الحياة والأمن، وهو ما يشهده العالم بأسره، وتعاني منه مصر الآن،. ولكن على الرغم من حجم العنف والتصرفات الهمجية التي تقوم بها الجماعات الإرهابية في مصر والشرق الأوسط.. والتي تودي يوميًا بحياة الكثير من شهداء الوطن وتروع المجتمع وتفزعه.. إلا أنه حرصًا من الدولة على احترام حقوق الإنسان وصونها تمسكها بتوفير أكبر قدر من الضمانات لها، اختارت ألا تطبق أي إجراء استثنائي أثناء مكافحة الإرهاب.. اكتفاءً بما نص عليه قانون العقوبات وما كفله من ضمانات للمواطنين.. مع إجراء بعض التعديلات عليه. وفضلت عدم إصدار قانون مكافحة الإرهاب..رغم الانتهاء منه والالتزام فيه بمعايير الأمم المتحدة.. والموازنة بين المحافظة على الحقوق والحريات من جانب، وبين إجراءات التصدي لهذه الظاهرة.. انتظارًا لمجلس النواب المنتخب ليتولى إصداره.. وذلك تأكيدًا على حماية حقوق المصريين وكفالة أكبر قدر من الضمانات لهم.و يجب أن يعى شركاؤنا الدوليون، حجم وأثر خطر الإرهاب على مسارنا الديمقراطى..والذي لا توقفه حدود ولا يميز أو يفرق..آملين في دعم وتأييد المجتمع الدولى لنا في محاربته والقضاء عليه.
ثالثًا: في مجال تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:
السيد الرئيس
إن تحقيق أي تقدم على صعيد حقوق الإنسان لن يتأتى سوى بتكامل الجهود في كل من الحقوق المدنية والسياسية وكذلك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي هذا الخصوص، وعلى سبيل المثال لا الحصر، حددت الحكومة المصرية من خلال برامج الضمان الاجتماعي حدًا أدنى للمعيشة للفئات الفقيرة والأكثر فقرًا.. وإعانة للمنكوبين في حالات الكوارث.. كما تم رفع قيمة معاش الضمان الاجتماعي للأسرة بنسبة 50%.. ووضع حد أدنى وأقصى لأجور العاملين بالدولة.
وأعدت مصر استراتيجية شاملة للإسكان بالاشتراك مع المجتمع المدني للفترة من 2012 إلى 2027 لتوفير السكن الملائم للأسر محدودة الدخل، والمرأة المعيلة، والمعاقين، والشباب.. وأصدرت قانونًا للإسكان الاجتماعي.. وساهم الصندوق المصري لضمان ودعم نشاط التمويل العقاري في تنفيذ العديد من المشروعات الإسكانية.. وتقديم برامج لقروض الإسكان.
تحرص الدولة كذلك على تحقيق تنمية شاملة لكافة الفئات والمناطق، خاصةً الأولى بالرعاية، مثل سيناء وجنوب الصعيد والمناطق الحدودية.. وركزت على دعم جمعيات تنمية المجتمع المحلى.. وتم استحداث وزارة جديدة للتطوير الحضارى والعشوائيات..وأخرى للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتعكف الحكومة على تنفيذ استراتيجيات وطنية شاملة لمواجهة البطالة على المدى القصير والطويل، وتكثف جهودها للقضاء على الأمية.
رابعًا: في مجال احترام وحماية حقوق المرأة وتمكينها:
يأتي دور المرأة وحقوقها على رأس أولويات الدولة، وهو ما كرس له الدستور فى العديد من مواده التي بدأنا بالفعل في تطبيقها.. فعلى سبيل المثال، صدر قانون مجلس النواب الجديد الذي أوجب أن يكون نصف مرشحي القوائم الانتخابية ونصف عدد المعينين على الأقل من النساء..
من ناحية أخرى، تتمتع المرأة العاملة في القطاع الحكومي، بمساواة كاملة مع الرجل وتراعي القوانين طبيعتها ودورها في إطار الأسرة.
وقامت الحكومة المصرية بالتنسيق مع المجلس القومي للمرأة بمعاونة النساء الفقيرات اللاتي لا يحملن بطاقات الرقم القومي في الحصول عليها..وتم استخراج نحو 2،7 مليون بطاقة رقم قومي حتى الآن..و ذلك لمساعدتهن في الحصول على الخدمات التي تقدمها الدولة في كافة المجالات.. ونجحت الحكومة في إنشاء "مراكز صحة المرأة" في أغلب المحافظات.
وفي مجال مكافحة العنف ضد المرأة، تم تشديد العقوبات على جريمة التحرش الجنسي في يونيو 2014، كما شمل التعديل لأول مرة تعريفًا مفصلًا وموسعًا لجريمة التحرش. وخصصت وزارة الداخلية خطوط هواتف ساخنة للإبلاغ عن حوادث العنف والاغتصاب وهتك العرض، ومراكز لعلاج ورعاية المغتصبات والمعنفات، بالإضافة إلى تخصيص شرطة نسائية للتعامل مع هذه الحالات. وسنعرض لاحقًا بالتفصيل الخطوات التي يتم اتخاذها في هذا المجال.
خامسًا: في مجال حقوق الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة:
لقد تضمن دستور 2014 حقوقًا وحماية لم تتضمنها الدساتير المصرية السابقة في مجال حقوق الطفل، بما في ذلك الأطفال من ذوى الإعاقة. وتقدم الدولة كافة أنواع الرعاية المتكاملة للطفل من خلال وحدات الخدمة المنتشرة على المستوى الوطني، كدور الحضانة، ومشروع طفل الريف، ودور الحضانة الإيوائية، والأسر البديلة.. وأنشأت مراكز لرعاية وتنمية الطفل العامل..كأحد آلياتها لتحقيق الرعاية والتنمية الاجتماعية، إلى غير ذلك من البرامج والخدمات.
بالنسبة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، أنشئ في 2012 المجلس القومي لشئون الإعاقة.. باختصاصات تنسيقية وإشرافية.. وتم تمثيله في لجنة الخمسين التي اضطلعت بتعديل الدستور الجديد، والذي ألزم الدولة بضمان حقوق ذوي الإعاقة والأقزام في المجالات الصحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مع توفير فرص عمل لهم، وتهيئة البيئة المحيطة لتلبية احتياجاتهم وتيسير ممارستهم لحقوقهم السياسية، وتمتعهم بالمساواة وتكافؤ الفرص... فضمن لهم قانون مجلس النواب الجديد تمثيلًا ملائمًا في البرلمان...ويجري الآن إعداد مشروع قانون متكامل لحمايتهم بالاشتراك مع عدد من الجمعيات الأهلية والمعاقين أنفسهم.. ويتم النظر في تعديل معظم اللوائح والقرارات الوزارية بما يتسق مع الدستور والاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة.
وتم الانتهاء من إعداد قاعدة بيانات المعاقين.. وإدخال بيانات 13 ألف حالة، وحصر نحو 400 ألف حالة.. تم توزيعهما على المديريات والإدارات لاستكمال بياناتهم وتحديد نوع إعاقتهم.. تمهيدًا لاتخاذ اللازم نحو تدبير ما يحتاجونه من خدمات.
سادسًا: في مجال التعاون مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان:
تهتم مصر بالتعاون مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان. وقد تُرجم هذا الاهتمام في استقبال مصر لزيارات من وفود من المفوضية في أعقاب ثورة 25 يناير، في عام 2011، و2012، ومرتين في 2014.
استهدف هذا التفاعل تنفيذ برامج للتعاون الفني بين مصر والمفوضية في ثلاثة قطاعات هامة.. وهى الأمن، والقضاء، والبرلمان، وذلك في إطار بناء القدرات ونشر الوعي بحقوق الإنسان على المستوى الوطني، ضمن برنامج تعاون فنى طموح توصلت إليه الحكومة مع المفوضية السامية.
تضمنت الزيارات المتبادلة أيضًا مشاورات جادة لاستكمال خطوات استضافة مصر للمقر الإقليمي لمكتب المفوض السامي لدول شمال أفريقيا. ويسعدني في هذا الخصوص أن أعلن لكم أن مصر سلمت أمس بالفعل إلى المفوض السامى، المسودة المصرية لاتفاقية إنشاء المقر الإقليمي، والتي حظيت بتوافق وطني مدعوم بإرادة سياسية من القيادة العليا للدولة. وستشهد الفترة المقبلة تكثيفًا للمشاورات مع المفوضية للانتهاء من صياغة الاتفاقية، تمهيدًا لتوقيعها، وطرحها أمام مجلس النواب لدى انعقاده.
وعلى صعيد التعاون مع آليات المجلس، استقبلت مصرفى أبريل 2010 عقب إتمام عملية المراجعة الأولى لها،المُقررة الخاصة المعنية بالاتجار في البشر. كما وجهت الحكومة في مارس 2014 الدعوة لعدد من المقررين الخاصين، من بينهم المقرر الخاص بتعزيز العدالة والحقيقة، وجار الترتيب للمواعيد الملائمة لإتمام هذه الزيارات.
سابعًا: في مجال نشر ثقافة احترام وحماية حقوق الإنسان:
السيد الرئيس
إن ضمان الإعمال الأمين لحقوق الإنسان يرتبط بشكل كبير بنشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع. وإدراكًا من الدولة لأهمية ذلك في دعم جهودها التشريعية والتنفيذية في مجال حقوق الإنسان، قمنا بتطوير المناهج التعليمية المختلفة بتضمينها معلومات حول حقوق الإنسان والحريات العامة تتفق والمستوى الذهني والتطور العقلي للطلاب، وأصبح القانون الدولي لحقوق الإنسان مادة أساسية في المناهج الجامعية لعدد من الكليات ككلية الحقوق، وأكاديمية الشرطة.
وتقدم الحكومة المصرية دعما ماليًا وفنيًا للجمعيات العاملة في مجال حقوق الإنسان التي يتضمن نشاطها توعية المواطنين بحقوقهم القانونية والدستورية. كما تم تطوير آليات وزارة الداخلية وإنشاء قطاع لحقوق الإنسان والتواصل الاجتماعي.
السيد الرئيس
إن ما عرضت له يمثل جزءًا يسيرًا من الخطوات المتخذة في سبيل تعزيز وإعمال حقوق الإنسان المصري وحرياته الأساسية.. ليس فقط تنفيذًا لإلتزاماتنا الدولية ذات الصلة.. وإنما تلبية مباشرةً لمطالب الشعب المصري، التي تخطت مثلما ذكرتُ في البداية سقف التوصيات التي تلقيناها في 2010.
والأمر لا يقتصر على سن القوانين والتشريعات ولكن أيضًا من خلال السياسات والبرامج التنفيذية، وهو الأمر الذي نحن بصدده حاليًا.. وندرك تمامًا حجم التحديات التي نواجهها في كثير من القطاعات من واقع الممارسة العملية، خاصة في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تحظى بأولوية وتحتاج – في ذات الوقت – إلى بناءٍ للقدرات وزيادة الموارد المخصصة لها.
وختامًا.. يسر الوفد المصري الاستماع الآن إلى توصياتكم والرد على التساؤلات في حوار وتفاعل بناء تطرح فيه كل الأفكار والرؤي