عاشوراء الحسين والوجه المخفي من الإسلام
هل يمكن لأحد ممن يضعون ثقتهم بمن يسمون أنفسهم علماء الإسلام أو قادة التيار الإسلامي، أن يصدق أن هؤلاء القوم كتموا وأخفوا الكثير من حقائق الدين (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ)، أي باعوا رضا الخالق بثمن بخس، واشتروا رضا الطغاة والجبابرة مقابل ما يَنفذُ ويَبلى، وكل من عليها وما عليها فان؟!!
لنأخذ نموذجا على ذلك، ما رواه البخاري عن بيعة عبد الله بن عمر للحجاج الثقفي (نائبا) عن عبد الملك بن مروان عام 73 للهجرة، في حين لم يروا حرفا واحدا عن واقعة استشهاد الإمام الحسين بن علي عليه السلام، حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله يوم العاشر من محرم عام 61 للهجرة.
روى البخاري: حدثنا عبد الله بن دينار قال: شهدت ابن عمر حيث اجتمع الناس على عبد الملك قال: كتب: إنِّي أقرُّ بالسمع والطاعة لعبد الملك أمير المؤمنين، على سنَّة الله وسنَّة رسوله ما استطعت، وإنَّ بنيَّ قد أقرّا بمثل ذلك.
يجهد الأمويون المعاصرون بأطيافهم المتنوعة، دواعش ورسميون لطمس واقعة استشهاد الإمام الحسين وما تقدمه من دروس وعبر ومحوها من الذاكرة الجمعية للأمة الإسلامية، لأن البخاري لم يتطرق إليها، ربما لأنها كانت حادث سير عادي، وأن المصابين والضحايا لم يسجلوا محضرا في قسم الشرطة، ومن ثم فإن استحضارها يضر بأجواء السلام والوفاق التي تعيشها الأمة الإسلامية، التي لا يعكرها غير المتطرفين الشيعة الذين يصرون على استذكار واقعة استشهاد (ابن بنت نبيهم)، وكأن محمدا صلى الله عليه وسلم كان نبي الشيعة دون سائر المسلمين.
لماذا يصر الأمويون بأطيافهم على اعتبار إحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين سيد شباب أهل الجنة (بدعة وكل بدعة وضلالة)؟ لأن الواقعة الكارثة حدثت سنة 61 بينما هم يذكرون واقعة بيعة ابن عمر لسفاح بني أمية عام 73هـ بالتفصيل الممل، ويتجاهلون واقعة قتله على يد ذلك السفاح بعد طعنه برمح مسموم أثناء طوافه بالكعبة.
إنها سياسة التعتيم التي برع بنو أمية من يومها وحتى الآن في استخدامها، حيث لا يمكن للغالبية رؤية حقائق الدين والتاريخ من وراء تلك الظلمات المتراكمة، ظلمات بعضها فوق بعض، والويل ثم الويل والثبور وعظائم الأمور لمن يجرؤ على البوح بما عرفه ورآه خلف الأسوار.
لطالما أمرنا الحق تبارك وتعالى بالنظر في ملكوت السماوات والأرض، وكيف بدأ الخلقَ وكيف كان عاقبة الذين من قبلنا (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا)، بينما يصر هؤلاء الأغبياء السفهاء على أننا ولدنا ليلة أمس.