رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي والسبسي.. و"صيد الأفاعي"


"أينما مر الإخوان يخلفون وراءهم الخراب والدمار".. تلك حقيقة مرة اكتوت بها شعوب خدعتها شعارات كاذبة ترفعها جماعة الإخوان الإرهابية، ولنا في خراب الصومال ومصر وليبيا واليمن والسودان وبدرجة أقل في تونس الدليل.. لكن لحسن الحظ أن بعض الشعوب أفاقت سريعا على هول ما اقترفت من إثم في حق نفسها وبلدها، حين منحت صوتها الانتخابي لجماعة تتاجر بالدين حتى تصل إلى الحكم.


انتفضت الشعوب العربية بصور متعددة للتخلص من فاشية "الإخوان"، ولم تكن لتنجح لولا سخر الله لها قادة يؤمنون بالأرض والوطن وحق الشعب في تقرير مصيره، ويعرفون تفاصيل مخطط أمريكا لتفتيت المنطقة على أيدي "الإخوان" مقابل توليهم الحكم.

يقول البعض إن تونس ألهمت مصر للاحتجاج على حكم مبارك في 25 يناير، رغم أن ما حدث جزء من مؤامرة كبيرة على "أم الدنيا"، لكن واقعيا فإن الرئيس السيسي ألهم الزعيم التونسي السبسي، للتخلص من "الجماعة" وإسقاط حكومة "إخوانية" بعد سقوطها في مصر وليبيا واليمن والحبل على الجرار.

حقق السبسي وحزبه "نداء تونس" المفاجأة بهزيمة "نهضة" الغنوشي وأزاحه عن الحكم، ولم يكتف بذلك بل أعلن ترشحه للرئاسة، واختار "تحيا تونس" شعارا لحملته الانتخابية تماما كما فعل الرئيس السيسي من قبل.. ولا ريب في ذلك فلكل منهما سمات مشتركة تتعدى التشابه في الاسم، حيث لا يفصل بينهما سوى "نقطة" زيادة في اسم رئيس مصر.

يتمتع السيسي والسبسي بالكاريزما والحضور الطاغي والوقار، ويتكئ كلاهما على تاريخ مشرف ومناصب قيادية مستحقة أنجزا من خلالها الكثير.. والأهم من كل هذا أنهما صادا بحنكة ودهاء "أفاعي الإخوان".

قرأ العالم أجمع هزيمة الغنوشي وإخوان تونس وفوز السبسي رمز الحكم السابق، أن التوانسة فضلوا إعادة حكم بن علي وبورقيبة، على استمرار حكم "الإخوان" الذي انكشفت عوراته في دول عدة أهمها مصر، لكنني أتوقف هنا عند صوتين برزا كنغمة نشاز في لحن جميل.

الصوت الأول هو الكاتب فهمي هويدي، الذي يلف ويدور ويسهب من غير معنى دفاعا عن "الإخوان"، كما يتفنن في إلصاق كل نقيصة وإساءة بالحكم في مصر، ويستشهد في كتاباته اليومية بإسرائيل تارة وحماس تارة أخرى أو قطر وتركيا تارة ثالثة؛ للتشويش على القرارات والإنجازات المصرية والتشكيك فيها لا لشيء سوى الانتصار لـ "الإخوان"..

وفي هذا السياق، برر هويدي الهزيمة المدوية لإخوان تونس، بأنها "الممارسة الديمقراطية الناصعة"، وأن الغنوشي لم ينهزم بل أصبح شريكا في القرار بعد أن كان الحاكم وصاحب القرار، وزاد في تبييض صفحة "الإخوان"، بأن تراجع "الجماعة" في الانتخابات ناتج عن توليها الحكم الانتقالي خلال السنوات الثلاثة الماضية بما فيها من مشكلات وأزمات وتأسيس دستور.

لن أطيل حول تبريرات هويدي، الذي "يغبط تونس ويحسدها" على ديمقراطية الانتخابات، وكأن انتخابات مصر لم تكن نزيهة!!.. واكتفى بأنه آن الأوان لأن تلتفت حكومتنا لسموم مقالاته اليومية الرامية إلى تأليب الرأي العام والتحريض على الدولة!!

الصوت النشاز الثاني، لا يحمل من اسمه أدنى نصيب، فلا هو منصف ولا مرزوقي، وأعني الرئيس التونسي الحالي الذي قفز إلى الحكم، لينبطح صاغرا لتعليمات حزب النهضة وراشد الغنوشي.. تحالف الحزب الذي يرأسه المنصف المرزوقي مع الإخوان في الانتخابات الأخيرة ولحقت به هزيمة نكراء، ولأنه يريد الاستمرار في الحكم، "أخذته العزة بالإثم" وبدلا من أن يتحدث عن برنامجه الانتخابي للرئاسة، راح يحذر التوانسة من انتخاب رموز النظام السابق ويقصد السبسي.. لكن التوانسة أذكى من إعادة انتخاب رئيس انبطاحي مهزوز أفشل المرحلة الانتقالية، وإن تكلم ازداد اهتزازا وتسبب في مشكلات دبلوماسية، مثلما أساء إلى مصر في الأمم المتحدة ودعا إلى إطلاق سراح مرسي وزمرته دون التطرق إلى الأزمات التي تعصف ببلده.

خلاصة القول، أن السبسي سينهي حكم المرزوقي بعد أيام، وعلى الرئيس السيسي إصدار أوامره بصيد كتابات هويدي وأمثاله ممن يسيئون إلى مصر.
الجريدة الرسمية