رئيس التحرير
عصام كامل

تجربة الجنزوري يا محلب !


ليس مقبولًا أن يدور محلب مع أخطاء وإهمال مختلف الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة.. ينقل تلميذة مشكورا هنا، أو يتصل ليتابع أزمة تلميذ هناك.. ورغم أن هذا شيئًا رائعًا يسعدنا جميعا، إلا أن سعادتنا ستكون أكبر لو لم يقع الإهمال أصلا.. لو لم نصحو كل يوم على وفاة تلميذ هنا، أو سقوط تلميذ هناك بالإهمال والفوضى والتقصير هنا وهناك !

من الأفضل جدا لنا، وللمهندس محلب، أن يكون الانضباط عنوان كل شيء.. والعمل الجاد قانون الأداء لكل الموظفين العموميين، بل وكل من يتعامل مع الناس حتى في القطاع الخاص !

وعند الدكتور الجنزوري كان الحل.. وقد شاهدنا ذلك بأنفسنا حتى أن عددًا من الوزراء والمسئولين المحترمين، اعتادوا الرد على ما كنا نكتبه يوميا.. ومنهم من يتصل بنفسه، في إحداها أجهش الدكتور مفيد شهاب بالبكاء، ولكن لهذا حديث آخر نروي فيه تفاصيل المكالمة، ما يعنينا أن التجربة لم تستمر.. إذ تخلص الفاسدون من الجنزوري نفسه، وانتهى الأمر بانفجار يناير وما قبله من غضب فئوي متتابع !

كانت تجربة الجنزوري تقول ببساطة بإلزام كل الهيئات والمؤسسات العامة بمتابعة ما تنشره الصحف والتحقيق فيها والرد عليها.. وأن تلتزم الوزارات والمحافظات المصرية بالتعامل مع ذلك مركزيا ولا مركزيا.. أي أن تقوم المديريات في الأقاليم بالشيء نفسه، وليس الوزارات في العاصمة فقط.. وبذلك.. شعر المسئولون أنهم تحت رقابة المواطن وأن أي شكوي في أي صحيفة ستجد طريقها للتحقيق والمتابعة.. وحدث ذلك بما فيها شكاوى ضد وزارة الداخلية، أصدر الجنزوري بنفسه قرارات الإفراج عن بعض المواطنين بما يمنحه قانون الطوارئ لوزير الداخلية.. وكان هو يرى أنه رئيس وزير الداخلية وأن ذلك من حقه!

ذهب الجنزوري.. وأفسد من جاء بعده التجربة.. وذهب من جاء بعده ومن جاء بعد من جاء بعده.. وتبقى تجربة الرجل تنتظر من يعيدها للحياة.. ونراها أفضل كثيرًا من انفجارات محتملة أو خسائر تحت أي بند لإهمال حكومي يتزايد!
محاربة الإهمال من المنبع وقتله في مهده أفضل كثيرا من معالجة آثاره..!

الجريدة الرسمية