خبراء اقتصاد: إمكانيات مصر الضعيفة تحول دون جذب الاستثمارات.. «هاشم»: إعلان الحكومة عن تخطيطها لجذب استثمارات بقيمة 10 مليارات دولار أمر غير منطقي.. «رزق»: تصريحات وزير الاستثمار &
انتقد خبراء الاقتصاد تصريحات وزير الاستثمار، أشرف سالمان، حول اتجاه البلاد لجذب 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية خلال العام الجاري، في ظل الأوضاع الحالية التي يعيشها الاقتصاد القومي، في ظل التحديات والصعوبات التي يواجهها المستثمر في مصر، وخاصة تلك المتعلقة بنقص الطاقة والعمالة المدربة.
العمالة غير مدربة
وقال الدكتور صلاح هاشم، أستاذ التخطيط والتنمية بجامعة الفيوم، إن جذب 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية خلال العام الحالي، أمر غير منطقي في ظل الظروف الحالية، لافتًا إلى أن الإصلاحات التشريعية وحدها لا تكفي لجذب الاستثمارات.
وأوضح أستاذ التخطيط أن الدولة ينبغي أن تتعامل مع 3 ملفات أساسية حال رغبتها في جذب الاستثمارات الأجنبية، الأول هو الملف الأمني، الثاني تطوير وتحسين البنية الأساسية بالمناطق الصناعية، والثالث هو ملف الطاقة، موضحًا أن القطاع الصناعي واجه خلال الفترة الماضية أزمات متتالية، بسبب نقص الطاقة، وعلى الحكومة الحالية ضرورة وضع سياسات وخطط للتعامل مع هذه الملفات، كخطوة تمهيدية لجذب الاستثمارات.
وأشار «هاشم» إلى أنه من غير المنطقي الحديث عن جذب استثمارات جديدة وهناك أكثر من 3603 مصانع مغلقة لم تنجح الدولة في إعادتها للإنتاج مرة أخرى.
كلام في الهواء
ووصف الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادي والإستراتيجي، تصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان، حول سعى الحكومة الحالية لجذب 10 مليارات دولار كاستثمارات أجنبية خلال العام الجاري، بقوله: «مجرد كلام في الهواء»، مؤكدًا أن الأمر على أرض الواقع مختلف تمامًا ويحتاج إلى التعقل والمصداقية.
وأوضح «رزق»، أن الاقتصاد المصري بإمكانياته الهائلة يستوعب هذه الاستثمارات بل ضعفها أيضًا، لكن الأمر يواجه عددًا من التحديات على رأسها أن الدولة لم تستطع حتى الآن تحديد النمط الاقتصادي الذي تتبعه بشكل واضح، مطالبًا بضرورة إيجاد آليات حقيقية لمكافحة الفساد من خلال جهاز مستقل عن السيطرة الحكومية، وإلا سيصطدم المستثمر مع عدد من الأمور المشوهة لمناخ الاستثمار كالرشوة المقنعة والوساطة والمحسوبية.
وأكد الخبير الاقتصادي أن اتجاه الدولة لجذب هذا الحجم من الاستثمارات الأجنبية المباشرة يقتضي تفعيل آليات جادة لتسوية النزاعات مع المستثمرين، مع الاهتمام بتطوير البنية الأساسية المتهالكة والتي تلعب دورًا رئيسيًا في طرد الاستثمارات بشكل عام.
وأشار «رزق» إلى أن العنصر البشري في مصر غير مؤهل للعمل بالمشروعات الاستثمارية، وبالتالي فإن مصر على الرغم ما تتمتع به من إمكانيات فإنها لا تملك الأدوات التي تمكنها من جذب الاستثمارات.
وأضاف أن التعديلات التشريعية لن تضمن جذب الاستثمارات، إذ أن دولة مثل العراق تمتلك أفضل دستور في العالم، ولا تعمل به بينما لا تملك بريطانيا دستورًا ولكنها دولة تحترم المؤسسات، وبالتالي فإن الأمر ليس وضع قوانين وتشريعات، وإنما إرادة حقيقية لتفعيلها، مؤكدًا أن إصدار القوانين قبل مجلس النواب يشكل تهديدا للمستثمر، إذ أن البرلمان بعد تشكيله يملك حق تغيير القوانين وتعديلها وفقًا للدستور.
شهادة ثقة
وفي سياق متصل انتقد الدكتور صلاح جودة، مدير مركز الدراسات الاقتصادية، تصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان، حول استهداف الحكومة الحالية جذب 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية خلال العام الحالي، مؤكدًا أن جذب الاستثمار الأجنبي يتوقف على عدد من الأمور التي لا يتوافر أغلبها في الاقتصاد المصري.
وأوضح «جودة» أن جذب الاستثمارات الخارجية يتوقف على حصول الاقتصاد المصري على شهادة ثقة من قبل صندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أنه من غير المنطقي الحديث عن جذب الاستثمار الأجنبي، دون أن تحسم الدولة أكثر من 31 قضية تحكيم دولي مع مستثمرين عرب وأجانب مما يكبد الاقتصاد ما يقرب من 100 مليار جنيه.
وأكد مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن المستثمر إلى جانب حاجته لتشريعات مشجعة والتخلص من التشريعات المعوقة لعملية الاستثمار، يحتاج إلى توفير الأراضي بأسعار معقولة، وليس بالأسعار المرتفعة التي تطرح الآن، لافتًا إلى أنه في ظل البيروقراطية الحالية لن تتمكن الدولة من جذب أي استثمارات، إذ أن إجراءات التسجيل في مصر تستغرق 365 يومًا، في حين أنها لا تتجاوز الـــ3 أيام في الدول الأخرى، وتستغرق 24 ساعة في أستراليا.
وأضاف «جودة» أنه إلى جانب كل هذه المعوقات، فإن مصر تواجه أزمة حادة في الطاقة، كما تعاني من نقص في العمالة مدربة، متسائلا: «لماذا سيأتي المستثمر إلى مصر بعد كل هذه المعوقات؟ وأمامه دول أكثر جذبًا للاستثمار من حيث سهولة الإجراءات وتوفير احتياجاته».
ومن ناحية أخرى قال صلاح الدين فهمي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، إن تصريحات وزير الاستثمار أشرف سالمان، أمر لا يخرج عن كونه استهداف مشروع، قد تستطيع الدولة تحقيقه أو لا.
نوع من الاستقرار
وأوضح «فهمي» أن العبرة في نهاية الأمر بالاستثمارات المحققة وليس المستهدفة، لافتًا إلى أن استثمارات أجنبية تدخل السوق المصرية تسهم في جذب المزيد من الاستثمارات الأخرى، إذ أنها تعكس نوعًا من الاستقرار في البلاد، وأن الاقتصاد بدأ الطريق الصحيح.
وأشار إلى أن جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي السبيل الوحيد لرفع معدلات النمو الاقتصادي وتنشيط الاقتصاد المصري، مستبعدًا أن تنجح الدولة في ظل الأوضاع الحالية في أن تجذب استثمارات أجنبية بـ 10 مليارات دولار.
وأضاف أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، أن اتجاه الدولة لجذب الاستثمارات الخارجية يقتضي محاربة البيروقراطية والروتين، وتفعيل الشباك الواحد الُمنشئ منذ 2011 دون جدوى، بالإضافة إلى الإصلاح الاقتصادي والتشريعي الذي تنتهجه الحكومة الحالية.