غريب في بيتي
اسمحوا لى بأن أستعير عنوان الفيلم الذي قامت ببطولته الرائعة سعاد حسنى رحمها الله والقدير نور الشريف أطال الله في عمره ومتعه بالصحة. هذا الغريب هو الملل والحزن والوحدة.
نعم أصبحت غريبة في يبتى، البيت أصبح ساكنًا فلم يعد يجلجل فيه صوت زوجى وهو يلقى على تحية الصباح باللغة الفرنسية..
«بونجور يا هانم».. كان يعشق باريس ولغة أهلها وكثيرًا ما حاول تعلم هذه اللغة وتمنى أن يتقنها واستعان بالسيديهات والكتب وأيضًا بابنته التي أغراها بأن يدفع لها أجر التدريس ولكنه قط لم يتقنها.
نعم أصبحت غريبة في بيتى فالبيت أصبح ساكنًا لم يعد يعج بالضيوف والزوار الوافدين بموعد أو دون ميعاد فقد كان البيت يشبه دوار العمدة في الريف. كان يحب الناس فأحبه الناس وأصبحوا يلجئون إليه في مشكلة واجهتهم، قد لا يتمكن من حلها ولكنه كان دائما يهون عليهم ويسرى عنهم دون ملل أو كلل.
بيتى لم يعد بيتى فلم يكن يضمنى وحدى قط سوى الشهور الأخيرة التي قضاها في المستشفى فترة مرضه. كنت على يقين أنه سيعود ليقضى معى شهر رمضان الكريم ولكنه لم يعد إلى البيت وعاد إلى خالقه.
أذهب إلى غرفة مكتبه التي كان يقضى فيها نصف يومه وأتخيله مستلقيًا على كرسيه يداعب كيبورد الكمبيوتر وأفيق على أصابع لا تتحرك وكرسي خال.
أعرج إلى غرفة نومه ربما كان مستلقيًا على سريره يشاهد التلفاز، الغرفة خالية..ساكنة..حزينة والتفاز مغلق منذ غادر الغرفة إلى المستشفى. كل شيء قد تغير، الغرفة أصبحت كئيبة فقد خلت من صاحبها. أكاد أسمع صوت الجدران وكأنها تسألنى أين ذهب. يا الله العقل والدين والصبر!
كان بيتًا جميلًا ولم يكن جماله في أثاثه أو رياشه أو موقعه ولكنه كان جميلًا بوجوده، بصوته المجلجل، بقفشاته التي لا تنقطع، بحكاياته وطريقه سرده لها. كان جميلًا بالصداقة والتراحم والحب والتفاهم وذكريات نصف قرن عشتها معه.
