رئيس التحرير
عصام كامل

خاب ظنكم.. وضل سعيكم!


زي ما قال الرئيس إحنا في حرب مع الإرهاب والمشوار طويل، وقال: سقط شهداء بالأمس واليوم وسيسقط غدا، ومن سقطوا شهداء.. سقطوا من أجل مصر.

وقال: إحنا في حرب وجود، ومصر لازم تعود كما كانت ويزيد، وكرر.. كما كانت ويزيد، وأكد أن الخيار الذي كان أمامنا هو إما أن يواجه الشعب هذا الإرهاب المحتمل وإما أن يواجهه الجيش!.. وكان القرار أن الجيش والشرطة معا يواجهان ويدفعان الثمن أرواح ودماء.

ملامح الرجل التي طلت علينا مع أول رسالة منه للشعب المصري وحتى قبل وقوع هذه المجزرة - التي ارتكبتها أياد آثمة – تغيرت وتبدلت فبعد أن كانت الابتسامة لا تفارق وجهه، وهو في أصعب المواقف، غابت عنه وحل محلها غضب لن يهدأ وإصرار لن يتراجع وعزيمة لن تفتر حتى يحقق الهدف ويثأر للشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء وللشعب المصري كله.

كلمات الرئيس جاءت حادة وشاملة ووافية ورسائل موجهة.. صار الغضب بركانا.. ولم يعد في رصيد صبره الكثير.. سيغير نهج المواجهة وسيضرب بيد من حديد على من يعرض أمن الوطن للخطر.. صارت الرسالة مطلبا شعبيا.

الرئيس لم ينس ما قاله للشعب، والشعب لم ينس ما سمعه من الرئيس.. لن ينجح رئيس بدون الشعب، ولن يحكم رئيس بعيدا عن الشعب، ولذلك سمع الرئيس كلام الشعب وصدع لأمره.

الأغلبية الكاسحة التي طلبت الرئيس للحكم، التي انتخبته لم تفعل ذلك فقط لأنه خاض معها معركة تطهير الوطن من حكم الإرهابية وعزل بإرادة الشعب مندوب الجماعة في القصر الرئاسي وتحمل مخاطر لم يكن مضطرا لتحملها!! الأغلبية اختارته لأنه ابن المؤسسة العسكرية التي تعرف معنى الوطن وحدوده وأمنه القومي..

الأغلبية كانت تريد رئيسا منضبطا يعرف معنى المسئولية الوطنية وقادر على اتخاذ القرار في وقت قياسي، وجنديا في ميادين القتال والتنمية والاستقلال الوطني لا يعرف الهزيمة، وإذا وقعت لا قدر الله لا يستسلم لها ولا ينكسر بسببها ويخرج منها قويا كما كان ويزيد، لذلك كرر الرئيس مصر ستعود كما كانت ويزيد.

صحيح الدم غالي.. لكن الوطن أغلى، وصحيح المشوار صعب.. لكن تصور ضياع الوطن أصعب، ولهذا فشلت رسائلهم وخاب ظنهم وضل سعيهم عندما تصوروا أن هذه الجريمة النكراء سوف تنال من الشعب المصري ومن الجيش المصري ومن الشرطة المصرية، لم يكن هدفهم الأول هو إسقاط أكبر عدد من الضباط والجنود كما حدث، فقد سقط قبلهم أعداد في ميادين العزة والكرامة ذودًا عن تراب الوطن في معارك العدو ومعارك الخسة والنذالة التي يخوضوها الآن.. كان الهدف هو النيل من روح الجيش المعنوية وروح الشعب.. ويجيء الرد سريعا مباغتا..

المصابون يطلبون العودة إلى مواقعهم للثأر لزملائهم وهم يقسمون بأغلظ الأيمان، وأهالي الشهداء والشعب يطلبون القصاص ويحتسبونهم شهداء عند ربهم يرزقون، ويقولون للرئيس وقيادات الجيش" كلنا فداء لمصر وكلنا مستعدون أن نرتدي زي الشرف.. طبعا الوطن غالي!! وبلا شك هذه هي عبقرية الشعب المصري يسبق دائما رموزه وقيادته بخطوة أو خطوات عندما يشعر أن الوطن في خطر.

كان الهدف تصدير صورة للخارج بأن الجيش المصري غير قادر على السيطرة على سيناء وحدود الدولة، ويجيء الرد سريعا ومباغتا أيضا وتبدأ عمليات التطهير النوعي واصطياد الفئران وعمل شريط حدودي عازل يقضي على عمليات التسلل والتهريب والفرار، وتنتقل قواتنا المسلحة لتفرض سيادة الدولة على كامل الأرض، ويستجيب أهالينا في سيناء طوعا إلا من بعض قليل مدفوع بنوازع الشر والأجندات الخارجية ومثل هؤلاء سيستجيبون كرها!!

لا شيء يعلو على المصلحة الوطنية والأمن القومي.. كان الهدف توصيل رسالة أن مشروع القناة الجديدة ومشروع تنمية المحور في خطر لتهريب الاستثمارات الخارجية فتتعثر خطة التنمية.. ويجيء الرد سريعا.. أكبر الشركات العالمية اليابانية والصينية والروسية تطلب القيام باستثمارات في المحور وجاهزة للمشاركة الفاعلة في المؤتمر الاقتصادي الدولي في فبراير القادم من أجل مصر، وأكبر 50 شركة أمريكية ورجال أعمال على موعد قريب في القاهرة.

كل هذه الرسائل سقطت وتبخرت وذهبت مع الرياح، وخاب ظنهم وضل سعيهم وتبقى مصر وتبقى عزيمة المصريين، وتبقى عبقرية الشعب المصري الذي يعشق التضحية بالغالي والنفيس لمصر؛ لأنه يدرك حقيقة المعركة التي تخوضها مصر.. معركة الوجود.
الجريدة الرسمية