"الفلول والأزلام" بين مصر وتونس.. التقدم إلى الوراء!
عن المعاني ذاتها وبلطف بالغ تختلف المصطلحات بين مصر وتونس.. فمحكمة النقض عندنا هي محكمة التمييز هناك.. واتحاد العمال عندنا هو اتحاد الشغل هناك.. والنشرة المحلية مثلا هي النشرة الجهوية هناك.. وأخيرا الفلول عندنا هم الأزلام هناك!
مصر وتونس يربطهما رباط كبير جدا تضاعف في الفترة الأخيرة.. فبعد استقلالها في الخمسينيات ورغم عدم إيمان بو رقيبة بشكل كبير، بفكرة القومية العربية وكان أقرب لفكرة الارتباط بأوربا - أوربا تتنصل حتى الآن من تركيا رغم تقدمها ورغم الارتباط الجغرافي للاختلاف في الدين فقط وليس الدين واللغة معا - إلا أنه قام بتكريم الفن المصري أروع تكريم من خلال رموزه الكبار أم كلثوم وعبد الوهاب..
وفي عهد بن علي ،تضاعف التكريم حيث زار بن علي عبد الوهاب في بيته وقال إنه زعيم الفن العربي وزيارته في بيته واجبة، في حين كرم الفنانة صابرين مندمجا في خيال أم كلثوم، وكأنه أراد أن يعيد التاريخ وما فعله بو رقيبة مرة أخرى!
في السنوات الأخيرة تشابهت الظروف.. لتنتقل من أفلام مصرية يتم تصويرها على الأراضي التونسية في السبعينيات وتفاعل واحترام كبيرين مع أغنية علية التونسية الشهيرة "ما تقولش أيه اديتنا مصر"، إلى شبه اندماج فني في الثمانينيات والتسعينيات والألفية الجديدة من خلال أعمال مشتركة واستقبال فنانين ومشاركة في مهرجانات قرطاج تحديدا، وتبادل تجاري وسجال كروي بين الفرق التونسية والمصرية بدأ مع عتوقة وطارق دياب - نجما الكرة التونسية - إلى نجوم الصفاقسي والأفريقي والأهلي والزمالك، وبالطبع ساهمت تكنولوجيا الاتصال ومن بينها الفضائيات في الأمر، وقد أدى ذلك إلى نفوذ قوي للهجة المصرية في تونس خصوصا عند الأجيال الجديدة، ستلمح ذلك في صفاقس كما هو في بنزرت، ومن سوسة إلى القيروان ومن بئر الباي الهادئة البسيطة على أطراف العاصمة إلى دمارت الجميلة الأرستقراطية على أطرافها الأخرى!
في السياسة الأحوال متشابهة.. كلاهما يؤدي دوره عربيا على قدر المستطاع وليس في صفوف القيادة، وكلاهما له عمالة في أوربا وليبيا وكلاهما تطلع للتنمية، وكلاهما استولي على السلطة بتزوير إرادة الناس، وكلاهما اعتمد الأمن طريقا لبقاء نظامه بما سمح للصوص الكبار بإفساد الحياة الاقتصادية رشوة واستغلالا للنفوذ، وهو ما أدى إلى زحف الجماعات الإسلامية والإخوان تحديدا إلى الناس من خلال العمل الأهلي والشعبي، واستغلال العاطفة الدينية وهو ما أدى في الأخير، إلى تسطيح العمل الحزبي الحقيقي وإضعاف التيارات المدنية، وهي التي ناطحت كلا النظامين في كلا البلدين وتم سحقها تماما إما من خلال تمزيقها داخليا وتفتيتها أو من خلال إفسادها برشوتها بطرق مختلفة بالتعيين في المجالس البرلمانية، أو تفويت دوائر لها أو من خلال التغاضي عن فسادها أو حتى بترهيبها والسيطرة عليها بكروت تستخدم عند الضرورة!
كانت النتيجة المنطقية لما سبق تغييب القوى المدنية، لتستولي القوى الدينية على السلطة المتآكلة في كلا البلدين بينما ساهمت المقارنة بين الحال الجديد في عهد الإخوان وما قبله إلى المفاضلة بين السيئ والأسوأ، ويكون الفرار من الأسوأ هو حلم الأحلام.. فالفرق كبير بين من يتركك تصرخ دون الالتفات إلى مطالبك أو حتى قد يسجنك عند الاختلاف معه وبين من يقتلك للسبب نفسه ويكون الاختيار الأول مؤكدا بطبيعة الحال!.. وقد جرى ذلك في مصر قبل تونس لأسباب عديدة نعرفها جميعا..
ولكن الاختبار الديمقراطي الشعبي تم هناك أولا من خلال الانتخابات البرلمانية، وربما وإلى حد كبير سيتم هنا أيضا.. وكما عاد "الأزلام" سيعود "الفلول".. أو كما عاد رجال بن علي أو بو رقيبة من قبله.. سيعود رجال مبارك والحزب الوطني.. ولأننا نؤمن أنه لا إرادة فوق إرادة الشعب.. ولا سلطان عليه في اختياراته ولا يجوز الحجر عليها ولا تزويرها، وعلى الشعب تحمل المسئولية في انحيازاته إلا أننا لا نتوقف عند ذلك مجردا إنما ننظر إلى ما أبعد منه.. وكما كتبنا عن البرلمان وانتخاباته منذ ستة أشهر كاملة.. نستكمل غدا السيناريو المتوقع هنا وهناك.. بعد إعادة انتخاب رجال النظام السابق هناك أو في حالة إعادة انتخابهم هنا أيضا!
في السنوات الأخيرة تشابهت الظروف.. لتنتقل من أفلام مصرية يتم تصويرها على الأراضي التونسية في السبعينيات وتفاعل واحترام كبيرين مع أغنية علية التونسية الشهيرة "ما تقولش أيه اديتنا مصر"، إلى شبه اندماج فني في الثمانينيات والتسعينيات والألفية الجديدة من خلال أعمال مشتركة واستقبال فنانين ومشاركة في مهرجانات قرطاج تحديدا، وتبادل تجاري وسجال كروي بين الفرق التونسية والمصرية بدأ مع عتوقة وطارق دياب - نجما الكرة التونسية - إلى نجوم الصفاقسي والأفريقي والأهلي والزمالك، وبالطبع ساهمت تكنولوجيا الاتصال ومن بينها الفضائيات في الأمر، وقد أدى ذلك إلى نفوذ قوي للهجة المصرية في تونس خصوصا عند الأجيال الجديدة، ستلمح ذلك في صفاقس كما هو في بنزرت، ومن سوسة إلى القيروان ومن بئر الباي الهادئة البسيطة على أطراف العاصمة إلى دمارت الجميلة الأرستقراطية على أطرافها الأخرى!
في السياسة الأحوال متشابهة.. كلاهما يؤدي دوره عربيا على قدر المستطاع وليس في صفوف القيادة، وكلاهما له عمالة في أوربا وليبيا وكلاهما تطلع للتنمية، وكلاهما استولي على السلطة بتزوير إرادة الناس، وكلاهما اعتمد الأمن طريقا لبقاء نظامه بما سمح للصوص الكبار بإفساد الحياة الاقتصادية رشوة واستغلالا للنفوذ، وهو ما أدى إلى زحف الجماعات الإسلامية والإخوان تحديدا إلى الناس من خلال العمل الأهلي والشعبي، واستغلال العاطفة الدينية وهو ما أدى في الأخير، إلى تسطيح العمل الحزبي الحقيقي وإضعاف التيارات المدنية، وهي التي ناطحت كلا النظامين في كلا البلدين وتم سحقها تماما إما من خلال تمزيقها داخليا وتفتيتها أو من خلال إفسادها برشوتها بطرق مختلفة بالتعيين في المجالس البرلمانية، أو تفويت دوائر لها أو من خلال التغاضي عن فسادها أو حتى بترهيبها والسيطرة عليها بكروت تستخدم عند الضرورة!
كانت النتيجة المنطقية لما سبق تغييب القوى المدنية، لتستولي القوى الدينية على السلطة المتآكلة في كلا البلدين بينما ساهمت المقارنة بين الحال الجديد في عهد الإخوان وما قبله إلى المفاضلة بين السيئ والأسوأ، ويكون الفرار من الأسوأ هو حلم الأحلام.. فالفرق كبير بين من يتركك تصرخ دون الالتفات إلى مطالبك أو حتى قد يسجنك عند الاختلاف معه وبين من يقتلك للسبب نفسه ويكون الاختيار الأول مؤكدا بطبيعة الحال!.. وقد جرى ذلك في مصر قبل تونس لأسباب عديدة نعرفها جميعا..
ولكن الاختبار الديمقراطي الشعبي تم هناك أولا من خلال الانتخابات البرلمانية، وربما وإلى حد كبير سيتم هنا أيضا.. وكما عاد "الأزلام" سيعود "الفلول".. أو كما عاد رجال بن علي أو بو رقيبة من قبله.. سيعود رجال مبارك والحزب الوطني.. ولأننا نؤمن أنه لا إرادة فوق إرادة الشعب.. ولا سلطان عليه في اختياراته ولا يجوز الحجر عليها ولا تزويرها، وعلى الشعب تحمل المسئولية في انحيازاته إلا أننا لا نتوقف عند ذلك مجردا إنما ننظر إلى ما أبعد منه.. وكما كتبنا عن البرلمان وانتخاباته منذ ستة أشهر كاملة.. نستكمل غدا السيناريو المتوقع هنا وهناك.. بعد إعادة انتخاب رجال النظام السابق هناك أو في حالة إعادة انتخابهم هنا أيضا!