رئيس التحرير
عصام كامل

«السيسي» لصحيفة «عكاظ»: رصيدنا كافِ لنيل مقعد «مجلس الأمن».. مُصمم على تجاوز «العثرات» رغم ثُقل «التركة».. أثق في قدرة الشعب على اختيار «نواب الب

 الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن الوقفة الشجاعة والحاسمة والقوية لخادم الحرمين الشريفين، وحكومة المملكة، والعديد من قادة وشعوب المنطقة، إلى جانب الشعب المصري، جاء في توقيت «حساس» للغاية أراد فيه الشعب أن يستعيد هويته، لافتا إلى أن المصريين يقدرون هذه الوقفة.


وأوضح في حواره لجريدة «عكاظ» السعودية، أن دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لعقد مؤتمر دعم الاقتصاد المصري، يعد استكمالا للمواقف الجادة والحكيمة الداعمة لمصر التي تمر بمنحنى يتطلب معاونة كافة الأشقاء لها وهي تعبر نحو الاستقرار والتنمية، مشيرا إلى أنه من هذا المنطلق يؤمن بأهمية تفعيل العلاقات مع المملكة في مختلف المجالات، لما فيه صالح الشعبين، ويصب نحو تقوية وضع البلدين إقليميًا ودوليًا.

«الضمير الإعلامي»

وتطرق «السيسي» لدور وسائل الإعلام والاتصالات في الآونة الأخيرة وتأثيرها بشكل ملحوظ على المواطن العربي، وقال: «أصبحت وسائل الإعلام مصدرًا رئيسيا لاستقاء المعلومات السياسية والاقتصادية بل وحتى الدينية، ومن ثم فقد أصبحت تساهم في تشكيل وعي المواطنين في مرحلة تعد الأخطر في تاريخ المنطقة العربية، ومن ثم فإن المسئولية المهنية والضميرية التي تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية قد تضاعفت بدورها».

وتابع: «أما فيما يتعلق بتناول الأوضاع في مصر في الإعلام الغربي، فأرى أن البعض لا يروقهم حضور مصر الدولي.. أولئك الذين كانوا يأملون أن تواجه مصر مصير أطراف أخرى في المنطقة وتنجرف إلى هوية الصراع والتناحر فتفشل وتذهب قوتها.. وهو ما لم يحدث بإرادة من الله.. ومن ثم انطلقت بعض هذه الأطراف تحاول بث سمومها في بعض وسائل الإعلام.. ولقد سمعنا مؤخرا عن تمويل بعض الأطراف لبعض الصحف ومراكز الأبحاث لاستخدامها لأغراض أخرى غير الأهداف التي يتعين أن تحققها من عرض للرأي والرأي الآخر وتناول كافة القضايا بحيادية وموضوعية.. وأعود هنا مرة أخرى إلى قضية «الضمير» سواء كان إنسانيًا أو مهنيًا أو فكريًا».

مصر ومقعد مجلس الأمن

وأكد السيسي أن رصيد مصر الدولي، كافِ لإنجاح المساعي المصرية في الحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن كممثل للقارة الأفريقية.

وقال: «تسعى مصر إلى الحصول على دعم جميع الدول لترشحها للعضوية غير الدائمة في مجلس الأمن عن الفترة 2016 - 2017 وقد سبق انتخاب مصر كعضو غير دائم في المجلس أربع مرات، كما أنها تشارك بفاعلية في أنشطة جميع الوكالات المتخصصة وتستضيف العديد من المكاتب الإقليمية التابعة لهيئات الأمم المتحدة».

وأضاف الرئيس: «تعد مصر مساهمًا رئيسيًا بالقوات في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة حيث تساهم حاليا بـ 2569 من عناصر الشرطة والقوات المسلحة الذين يعملون تحت لواء الأمم المتحدة في تسع بعثات لحفظ السلام. هذا فضلا عن دور مصر الفاعل إقليميًا ودوليا وعلى صعيد القارة الأفريقية، والذي يتسع ليشمل المجالات التنموية ونقل الخبرات الفنية من خلال تأسيس الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، والتي تباشر نشاطها منذ الأول من يوليو 2014».

وأشار السيسي إلى دور الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا والذي تأسس منذ عام 1983، وتابع بقوله: «أعتقد أن كل هذا الرصيد المصري كفيل بإنجاح المساعي المصرية للحصول على مقعد غير دائم في مجلس الأمن».

الشعب ونواب البرلمان

وأعرب السيسي، عن ثقته في قدرة الشعب المصري، على اختيار من يمثله ويخاف على بلده في انتخابات مجلس النواب المقبلة.

وقال السيسي في حواره مع جريدة «عكاظ» السعودية: «صحيح أن هناك فئة لا تفكر في مصلحة مصر، بقدر ما تعمل لخدمة توجهات رفضها الشعب المصري وحسمها بثورتيه التاريخيتين في 25 يناير وفي 30 يونيو، وأنا أقول لهؤلاء وهم والحمد لله قلة قليلة.. إن مصر الشعب.. ومصر الدولة.. ومصر المستقبل لن تفرط في مكتسباتها ولا في طموحها للسير نحو مزيد من العمل المؤسساتي تحقيقًا للديمقراطية وترسيخًا لمبادئ العدالة وبث روح الأمل والتفاؤل في قلوب الناس وبناء مصر على أسس جديدة قوية ومتينة».

ونفى الرئيس السيسي تدخل الدولة لضمان قيام برلمان يرسخ مبادئ ثورتي يناير ويونيو، مضيفًا: «الأمر متروك لاختيارات الشعب.. والعمل الوطني المنظم التي تقوم به النخب الواعية كفيل بتحقيق تطلعات المصريين إلى تأسيس أول برلمان قوي ومتجانس وفعال وأمين على مصالح مصر ومستقبل شعبها.. ونحن كدولة لا نتدخل في هذه التفاصيل بعد أن وضع الدستور كل شيء في نصابه».

«التركة» ثقيلة !

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الشعب المصري تجاوز أصعب تحدٍ، وتمكن من تصحيح مساره خلال عام واحد فقط، بإرادته الحرة وبسرعة أذهلت الجميع إقليميًا ودوليًا، مشيرا إلى أن هذا الشعب غني بالقامات الوطنية الشريفة القادرة على تحويل مساره نحو الأفضل.

واعترف خلال حواره، بأن التركة ثقيلة، لكنه مصر على خوض التحدي وتجاوز العثرة، لافتا إلى أنه لن يستسلم أو يتوقف وسيحقق ما ثار من أجله الشعب.

وتابع: «لقد بدأنا بقناة سويس جديدة تحفر بهمة ونشاط.. وها هم المصريون يتسابقون في ثمانية أيام ليقدموا تمويلا سريعا لتدشين هذه القناة. أليس هذا عاملا إيجابيًا يجعلنا نتفاءل؟ كل المشاكل قابلة للحل، طالما أن هناك شعبا واعيا يدرك أنه بات له دور في عملية الاستقرار والتنمية.. كل المشاكل قابلة للحل طالما أن هناك شعبا عازما على تجاوز الصعاب والتقدم نحو مستقبل أفضل، سنمضي من مشروع كبير لآخر، لن نتوقف ولن يهدأ لنا بال قبل تعويض ما فات، واللحاق بركب التقدم في كافة المجالات».

مصر والسودان

وكشف الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن وجود ثقة متبادلة بين مصر وإثيوبيا والسودان، فيما يتعلق بأزمة سد النهضة، بعد تجاوز أخطاء سابقة أدت إلى زعزعة الثقة مع الجانب الأثيوبي.

وقال: «نحن لا نسعى أبدًا للإضرار بأية دولة أو بمصالحها، كما إننا لا نقبل أن نتعرض لضرر يؤثر على مواردنا الحيوية ومن حق إثيوبيا أن تحقق التنمية لشعبها، ومن حقنا كدولة مصب أن نحصل على حصتنا من المياه دون نقصان، لا سيما إننا نعاني من شح مائي، وعجز في مواردنا المائية».

وأضاف الرئيس: «الأمور تحل بالتفاهم وإيجاد الحلول على أرضية من الثقة المتبادلة، وهذا ما نفعله نحن والسودان وإثيوبيا في هذه المرحلة، بعيدا عن أخطاء سابقة أدت إلى زعزعة الثقة بين الجانبين نتدارك تلك التوجهات حاليا وأثق أن هناك حلا يمكن بلورته على أرض الواقع، ولدينا كفاءات تبحث الأمر، وتجتهد في إيجاد الحلول».

وعما أثير حول وجود توتر جديد في العلاقة بين القاهرة والخرطوم حول منطقة «حلايب»، أشار الرئيس السيسي، إلى وجود روابط اجتماعية وتاريخية وثيقة بين البلدين. قائلًا: «الرئيس البشير كان منذ أيام بالقاهرة، تفاهمنا حول موضوعات كثيرة، على كافة الأصعدة الثنائية والإقليمية والدولية، واتفقنا سويًا على البدء بالعمل المشترك في الموضوعات التي تحظى بالتوافق بين الجانبين وأن نطرح الموضوعات الخلافية جانبًا، كما أننا أكدنا سويًا على تجاهل محاولات الإثارة الإعلامية التي تستهدف الوقيعة بين البلدين والشعبين الشقيقين».

«داعش»

فيما أرجع ظهور تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، وغيرهما من التنظيمات والجماعات الإرهابية، إلى خلافات دول المنطقة التي انتشرت وطالت المنطقة بآسرها.

وقال السيسي ردًا على سؤال حول أسباب ظهر تلك التنظيمات: «هناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ذلك.. وكان على دول المنطقة أن تتداركه بشيء من التعاون والتنسيق الوثيقين.. إلا أن ما حدث هو العكس.. لأن آفة الخلافات انتشرت وطالت المنطقة.. بأسرها».

وأضاف الرئيس السيسي: « ما يحدث الآن يتحمل مسؤوليته الجميع وإن كان علينا ألا نلتفت الآن إلى الماضي، وأن نعمل بإخلاص ومسئولية على إعادة الثقة فيما بيننا، ونهتم بشئون أوطاننا ومصالح شعوبنا، ونحافظ على مكتسباتنا منعًا لأي انهيارات جديدة لا مصلحة لأحد فيها بمن فيهم الأطراف التي أشعلت الوضع هنا أو هناك وفقًا لحسابات خاطئة بكل تأكيد».

وأشار إلى أن إغفال تلك الأطراف لإرادة الشعوب، وعملها بعيدًا عن تلك الإرادة سببًا رئيسيًا لإشعال الوضع في المنطقة، متابعًا بقوله: « وهو ما تجاوزناه في مصر والحمد لله لإيماننا بالله أولًا وأخيرًا.. ثم بالشعب المصري الذي عزز ثقة الأمة في قياداتها المخلصة».

أزمة اليمن

وعن أزمة اليمن قال السيسي، إن ما حدث في اليمن هو نتاج سلسلة من الأخطاء، سواء في الحسابات أو التقدير لطبيعة الأحداث والتطورات التي تقع في المنطقة ومنها ما حدث في سوريا بالأخص، مشيرا إلى أن معظم أبناء الشعب اليمني لم ولن يقبلوا بتغيير هويته الثقافية مهما كان الضغط شديدًا والتدخلات الخارجية قوية لدعم الجماعة التي تتحرك الآن لتفرض واقعًا جديدًا على اليمن لا يناسبه.

وأكد «السيسي»، خلال حواره بصحيفة «عكاظ» السعودية، أنه لا مصر ولا المملكة ولا غيرهما من دول العالم المحبة للسلام والحريصة على عدم تعريض الملاحة الدولية للخطر مستعدون للقبول بأي تهديد لمصالح الجميع من أي نوع كان ومن أي طرف يجيء.

وأضاف الرئيس: «نحن في مصر ويشاركنا الإخوة في السعودية وفي الإمارات العربية المتحدة وغيرها مع إرادة الشعب اليمني الرافض للفوضى أو الذهاب باليمن نحو التشرذم والتقسيم، وسوف لن يكون مقبولًا أبدًا أن يتحول اليمن إلى أرضية خصبة تشتعل فيها حروب أهلية وتهيمن عليها شرور الإرهاب، ومن باب أولى أن نقف بكل قوة بوجه تصدير هذا الوضع إلى دول الجوار، أو ضرب مصالح دول المنطقة والعالم تحت أي مبرر أيًا كان مصدره».

وحول الدور الإيراني في تأجيج الأحداث بالمنطقة، أوضح الرئيس، أن إيران أو غير إيران تدرك تمامًا أنه ليس في مصلحتها أن تقود المنطقة إلى مزيد من الدمار لأن لذلك مردودًا سلبيًا ضخمًا ليس على المنطقة فحسب، وإنما على أي أطراف تحاول أن تصب الزيت على النار بدل أن تعمل على التهدئة وترك دول المنطقة وشعوبها لحالهم يقررون مصيرهم بأنفسهم.

وأكد أن هناك تعاون واتصالات جارية كفيلة باتخاذ كافة التدابير التي لن تسمح بانفجار الموقف، موضحا أن دول المنطقة قادرة على وضع حد لما يحدث ويجري في مختلف أرجاء البلاد.
الجريدة الرسمية