تضامن أكراد تركيا مع ذويهم النازحين من كوباني
نزح عشرات آلاف الأكراد من المناطق المحيطة بمدينة كوباني إلى تركيا بسبب المعارك الطاحنة بين تنظيم "داعش" والمدافعين الأكراد. ويسعى أكراد تركيا إلى توفير المساعدات لهؤلاء النازحين، حيث تربطهم أيضا علاقات أسرية.
وفي الجانب التركي من الحدود السورية التركية جلست أم جيان فوق تلة مشته نور، وهي تشاهد سحب الدخان المتصاعدة فوق سماء مدينة كوباني. ومن خلال هدير الطيران الحربي يتعالى صوتها وتقول: "الله يخلصنا منهم"، في إشارة إلى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتتبع أم جيان ما يحدث هناك عن كثب، كما تتفاعل مع الأصوات المتقطعة للمعارك الدائرة داخل كوباني، ثم تشير إلى الجهة الجنوبية منها وتوضح أن ابنها: "جيان هناك، يحارب إلى جانب مقاتلي أكراد تركيا ".
منذ بداية معركة كوباني قبل شهر، انضم الكثير من الشباب لوحدات حماية الشعب الكردية، ومن بين هؤلاء ابنها جيان. وتضيف الأم قائلة: "قبل سنتين التحق ابني بقوات حماية الشعب الكردية، شارك في معارك سري كانيه، وهو الآن يناضل من أجل الدفاع عن كوباني، الله يحميهم وينصرهم".
ثم تحدث والد جيان الذي كان برفقة زوجته بحصرة وقال: "خلص دراسته الجامعية وتخرج بمعدل عال، كنا نأمل في أن يتزوج ويصير عنده بيت وأسرة"، وأضاف قائلا: "اختار أن يلتحق بالقوات الكردية التي تدافع عن المدن الكردية. إنها قضية حياة أو موت. الأكراد يخوضون معركة مصيرية".
"زكو" تبلغ من العمر 62 سنة وتنحدر من قرية ايدق على بعد خمسة كيلومترات من جنوب كوباني. وهي الآن لاجئة عند ابنة أختها، بعد أن أجبرت على النزوح قبل شهر تقريبا. وتقول زكو في لقاء مع DW/عربية: "لم أكن أتخيل أني سأصبح يومًا ما لاجئة "، وتعبر عن ألمها من تطور سرعة الأحداث وتقول: "ما كان بوسعنا أن نأخذ شيئا معنا من البيت، كل شيء بقي هونيك، خفنا يهجموا علينا في أية لحظة فهربنا".
خلال حديث "زكو" في الساعة الثانية بعد الظهر بالتوقيت المحلي، استهدفت غارة جوية قوية منطقة تقع جنوب غربي المدينة، وبقيت زكو واقفة تشاهد تناثر الغبار الأسود في سماء كوباني.
أما زلال خانم من قرية بوزان تبة التركية فقد استقبلت، هي وزوجها، خمس عائلات من أقربائها كلاجئين. ورغم صغر حجم المطبخ لم يمنعها ذلك من تحضير وجبات طعام لهذا العدد الكبير من الأهل.
في الماضي كانت تستعمل الطناجر الكبيرة إلا في الحفلات، وتقول لـ DW - عربية: "نحن سعداء لمجيئهم، ونحاول تقديم كل شيء لهم، رغم أن عددنا الآن كبير، ولكن مآسي الحرب علينا تحملها سويةً".
أما شفان وهو زوج زلال فتتجلى مسئوليته في تأمين حاجيات المنزل والذهاب إلى السوق يوميًا لشراء الخبز والخضراوات واللحم، وفي حديثه مع DW -عربية يلاحظ قائلا: " نمر حاليا بأسوأ الظروف وأهل كوباني اخوتنا، علينا أن نقدم لهم كل ما يمكن"، ورغم ضيق المكان يؤكد شفان على أهمية واجب الضيافة ويقول: "نحن لا نقوم بواجب الضيافة لأهلنا فقط، نحن نتكاتف لمساعدة مقاومة كوباني الصامدة".
معركة كوباني تسببت في نزوح أكثر من 300 ألف شخص، فأكثر من مائتي ألف منهم عبروا الحدود إلى تركيا. وحسب سجلات مكتب اللاجئين التركي AFAD فقد عبر في شهر سبتمبر وحده نحو 190 ألف نازح إلى الأراضي التركية.
غير أن المحامي محمود كالو رئيس لجنة الإغاثة في المجلس الوطني الكردي في كوباني، يعتبر أن "العدد أكبر بكثير"، وقال في مقابلة مع DW/عربية: " العدد يتراوح بين 250 ألفا إلى 300 ألف"، ثم أوضح قائلا: " نزح كثيرون في ريف كوباني المؤلف من 360 قرية.
و معظم هؤلاء لجأوا إلى مدينة سروج الحدودية والقرى التابعة لها، لقربها من كوباني ولوجود علاقات عائلة وأسرية فيما بينهم، كما قصد قسم منهم مدينة أورفة وبعضهم سافر إلى غازي عنتاب ومدن أخرى في تركيا".
ويؤكد ميران حج داوي مختار قرية بتعه التركية الواقعة على بعد 7 كيلومترات من شرق مدينة كوباني أنه "رغم الأعداد الكبيرة التي وصلت إلى قريتنا، فقد كنا على قدر المسئولية"، ويضيف: "منذ اليوم الأول من وصول أهلنا وأقربائنا فتحنا لهم بيوتنا وقدمنا لهم كل ما لدينا، لم ننتظر مساعدات من أحد"، وأوضح أن بلدية سروج والهلال الأحمر التركي ومتبرعين قاموا بتقديم مساعدات للنازحين.
وعن التحديات التي تواجهها منظمات الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية، فقد تحدث المحامي محمود كالو عن "الاعتباطية والعشوائية بسبب غياب برنامج واضح ومخطط لتقديم المساعدات".
وأضاف: " حتى نحن أيضا في المجلس الكردي نعمل بطريقة عشوائية حيث ليست لنا قوائم عن عدد اللاجئين وأماكن تواجدهم. فأعدادهم كبيرة مقارنة بالأموال الإغاثية المقدمة، ولم يتم الوفاء بالوعود الكثيرة" بحسب المحامي محمود كالو.
هذا المحتوى من موقع شبكة ارم الإخبارية اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل