لماذا يخسر الجيش في سيناء؟!
تكبَّدت قواتنا المسلحة خسائر فادحة في مستنقع شمال سيناء، هذه هي الحقيقة، لا ينبغى إنكارها أو الحياد عن الاعتراف بها، تجاهُل سطوع الشمس، لا ينفى وجود ضوئها، وتناسى وجود الإرهاب، لا ينفى أننا نكتوى بناره يوميًا!
نعود للسؤال الافتتاحى: لماذا يخسر الجيش في سيناء كُل هذا العدد من الأبطال شهداءً ومُصابين؟ مبدئيًا الجيش ليس مخولًا لمواجهة الإرهاب، لا الجيش المصرى ولا أي جيش، وهُناك قاعدة بديهية مُسلَّم بها على مستوى العالم تاريخيًا وجغرافيًا: الجيش يخسر دائمًا في المُدن وفى مواجهة المدنيين.. لماذا؟!
أي جيش مهما تعاظمت قوته، فهو مؤهَّل ومُدرَّب لمواجهة جيش نظامى، في حرب مفتوحة، أو حتى عمليات مُحددة، موقع كُل طرف منها معروف، تستخدم سلاحك فورًا مُمتلكًا زمام المُبادرة، لا أن تنتظر تلقى الضربة الأولى، قبل أن تُفكِّر في الرَد، وهذا للأسف ما يحدُث لجنودنا البواسل في سيناء، فعليهم ـ للأسف الشديد ـ أن يتلقوا دائمًا الضربة الأولى من مدنيين، قادمين من قلب موقعهم، وبعدها يبدأ التفكير في الرَد، لو كان لسَّه فيه روح!
للتوضيح أكثر: عندما يكون على الجيش مواجهة المدنيين، فليس في استطاعته التفريق بين الآثم والمُجرم، إلا بعدما تندلع المعركة التي يضع شروطها ويختار مكانها وموعدها الإرهابيون، يعنى بداية المعركة وزمام المُبادرة، هو شىء في يد الإرهابيين، وليس في يد الجيش، مثلًا لو كمين أو نقطة تمركُز للجيش وشهد اقتراب سيارة عادية، في أحوال الحرب، ومواجهات الجيوش، سيتم نسف هذه السيارة من على بُعد عشرات الكيلومترات، وبدون تفاهم أو تحذير، فالسيارة غير التابعة لنا، إذن هي تابعة لجيش العدو بالتأكيد.. أما في حالة الإرهاب، وبالخصوص في سيناء، فهذه سيارة يُحتمل أن تحمل إرهابيين، ويُحتمل أيضًا أن تحمل مدنيين عاديين، لذا ينبغى الانتظار، وينبغى التأكُّد من كونهم إرهابيين، وحتى لو تأكدنا من ذلك (في وقت متأخِّر)، فينبغى أن نُحاول القبض عليهم، هذه مأساة حقيقية، وهى السبب الأكبر لخسائرنا في سيناء!
الجيش في مُستنقع المدينة، غير قادر على دكَّها بدبابات وطائرات ومُدرعات، عليه أن يتواجد في الشوارع، تحت رحمة قذائف تنطلق من منازل عادية، منازل يقطنها نساء وأطفال وعجائز، عليه أن يتلقى دائمًا الضربات الأولى في الكمائن أو الطرقات، وعليه أن يحمل هَم الحفاظ على أرواح المدنيين الأبرياء، والمُشكلة أن الإرهابى مش مكتوب على وِشه إرهابى!
طُرح مُنذ فترة حَل تهجير أهالي الشيخ زويد، والمنطقة الحدودية مؤقتًا لقلب سيناء، ثم دك هذه المنطقة بكُل ما فيها من شرور وأنفاق لملاعين تركوا قضية فلسطين، وتفرغوا لبث الإرهاب في بلادنا، بالتعاون مع ملاعين الداخل من أنصار الجماعة الإرهابية، ورئيسها المُجرم الذي أصدر قرارات رئاسية بإخراجهم من السجون، بعدما أخرج كثيرًا منهم مع جماعته الملعونة في واقعة فتح السجون إبان ثورة يناير، وأعتقد أن هذا هو الحَل الوحيد المُناسب، من أجل الفصل بين المدنيين الأبرياء، وبين الإرهابيين القتلة، ومن ثم القضاء عليهم بلا تحذيرات أو اعتبارات لأبواق النشطاء ومُحترفى الثورات، والأكلين بنهم على موائد المصائب التي تُصيب الوطن!
أعتقد أن هذا هو الحل المُناسب، رغم ما يُصاحبه من تخريف وتشكيك من جانب نُشطاء الغبرة، ومُنظِّرى الفساد والخراب، والقائلين إن قال إيه دى فُرصة علشان إسرائيل تدخُل تاخُد سينا تانى، يعنى إنت بتشيل مدنيين من على الحدود، وتحُط بدالهم جيش، علشان إسرائيل تدخُل؟ يعنى إسرائيل خايفة تدخُل علشان المدنيين موجودين، بس الجيش عادى محدش بيخاف منه؟ سامحنى إنت لو بتفكر كده، أو بتصدَّق اللى بيقول كده، تبقى حُمار كبير!
الغريب أن البعض أيضًا قال إن هذا الحل (حل التهجير المؤقت)، سيسمح بنزوح سُكان غزة، واحتلالهم لرفح المصرية وما جوارها، صلاة النبى أحسن، ده (أبو مازن) رئيس فلسطين نفسه شهد بأن المُخرِّف المُتآمر اللعين (محمد مُرسى) كان راغبًا في تنفيذ هذا الحل الأمريكى الإسرائيلى، لولا وقوف القوات المُسلحة في وجهه العِكِر، ثم ماذا عن تهديدات الإرهابى (محمد البلتاجى) وتأكيده على قدرته هو والجماعة على إيقاف هذه العمليات، لو تراجع (السيسي) عن الإطاحة بمرسي من مقعد الرئاسة؟ وهل يُمكن لعاقل إنه يصدَّق حكاية إخلاء المنطقة من سُكانها، من أجل القضاء على الإرهاب، والأنفاق الله يحرقها ويحرق مَن أقامها ومَن استفاد منها، ومَن عبرها، وتقول لى علشان الغزاوية يدخلوا ويحلوا عن دماغ إسرائيل؟ يعنى إحنا بنقفل الأنفاق علشان الغزاوية يدخلوا سينا؟ سامحنى إنت لو صدقت الحكاية دى تبقى حُمار زى الحُمار اللى في نهاية الفقرة السابقة أيضًا!
أخيرًا.. لابُد من وقف دماء أبطال الجيش بأى ثمن، وعندما يكون الخيار أمامنا بين الدولة وبين الجماعة، فلا يُمكن إلا أن نختار الدولة، وعندما يكون الخيار بين الجيش أو ميليشيات الإرهاب، فبالتأكيد لا حديث بعد ذلك، وعندما يكون الوطن بشعبه وجيشه في مواجهة حفنة من الخونة والمتآمرين والمضحوك عليهم، فليذهب الجميع إلى الجحيم، ويبقى الوطن وشعبه وجيشه، حُماة الوطن، لا حُماة الجماعة الإرهابية ومسعوريها!