سلام لمصر وشعبها.. سلام لكندا وشعبها
الأربعاء الماضي كان يومًا من الأيام الحزينة.. حينما استيقظنا على انفجار قنبلة في ميدان النهضة بالجيزة، مخلفة إصابة ستة من رجال الشرطة وعدد من المدنيين، وبعدها بساعات، وفي كندا كانت حادثة مقتل حارس شرف النصب التذكاري بأوتاوا، العريف "ناثان سيرلو"، وهي الحادثة الإرهابية الثانية بعد حادث كيبيك، حينما قام شاب متطرف يدعي "مارتن أحمد رولو" بدهس شرطيين نتج عنه مقتل الشرطي "باتريك فانسو"، وإصابة الآخر.
وبصرف النظر عن ألم تلك الحوادث وما خلفته من ضحايا، إلا أن الأمر يعكس خطأ في المعالجة في تلك الدولتين. ففي مصر يبدو أن الأمر سيظل كذلك انفجارات وضحايا، وكل ما تقدمه الدولة هو زيارة المصابين بالمستشفيات وتقديم التعازي لأهالي القتلي، ومسئول يشارك بالجنازة، ولف النعش بعلم مصر، وباقي الأمور البروتوكولية دون أن نجد تحقيقا جادا من الشرطة أو البحث داخل الشرطة نفسها، في ظل حديث عن اختراقات لهذا الجهاز من قبل جماعة الإخوان وحلفائهم.
حادثة وراء حادثة دون تحديد موقف واضح للدولة من التيارات السلفية، والتي هي امتداد لتلك الجماعة، بل وأعضاء تلك التيارات هم أنفسهم أعضاء الجماعة، أمور تجعلك تشعر بأن اليد مازالت رخوة. وفي كندا لم يكن الأمر أفضل حالًا، ففي حادث كيبيك الإثنين الماضي، القاتل "مارتن رولو" اعتنق أفكار الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش". وتم منعه من السفر إلى تركيا من قبل، وكان رهن التحقيق والمراقبة، إلا أنه تم الإفراج عنه يوم التاسع من أكتوبر الحالي، فقام بتنفيذ جريمته بحق أبرياء يوم الحادي والعشرين من هذا الشهر، أي بعد أقل من أسبوعين من الإفراج عنه. وهو واحد من بين تسعين شخصا لهم نفس التوجس. الأمر المحير أن الشرطة قالت، إنها أفرجت عن "رولو" لعدم كفاية الأدلة، وأنها رأت أن اعتناقه للأفكار المتطرفة ليست جريمة في كندا!، وها نحن دفعنا ثمن تلك الأفكار المتطرفة، فما الحال إذن الآن. وهل مازالت الشرطة ترى بأن هذه الأفكار ليست جريمة!.
وفي الحادث الكندي الثاني، الذي حدث يوم الأربعاء الماضي، كان القاتل هو "مايكل زيهاف" وهو اعتنق أفكار داعش منذ أكثر من عام، ومتورط في قضايا نصب وعنف وحيازة مخدرات والتي تم سجنه بسببها "ستين يومًا" فقط!. أمور كثير في مصر وكندا تحتاج للمراجعة واستخلاص الدروس للمستقبل، وكما قال ستيفن هاربر بعد الحادثة الأخيرة، "إن هذه الأحداث سوف تقودنا إلى تعزيز قدرتنا ومضاعفة جهودنا وجهود الأجهزة الأمنية، والعمل مع الحلفاء حول العالم لمحاربة هذه التنظيمات الإرهابية".
ولن نحصل على ذلك الأمان ما لم نجفف المنابع سواء في مصر أو في كندا، ومحاصرة تلك الأفكار القاتلة المتطرفة ومنع انتشارها، فتلك الأفكار التي تدعو للقتل هي جريمة بلا شك. وعلينا تتبع حياة هؤلاء الإرهابيين لمعرفة أين درسوا؟ ومع من تقابلوا؟، وما هي دور العبادة التي تعلموا بها تلك الأفكار؟، والبحث عن مجموعات وأفراد لهم هذا الفكر ومحاصرته أينما وُجد.
في مصر نطالب السيسي بالتفويض الذي منحناه إياه، وفي كندا، نطالب رئيس الوزراء "ستيفن هاربر" بما وعد به، بأن كندا لن تكون تحت تهديد وأن كندا ستظل آمنة، ولن تكون ملاذًا للإرهابيين.
أما عن من قُتلوا، شهداءً للواجب والوطن، في مصر وفي كندا فسنظل نفخر بهم، وسلام لأرواحهم، وتعزية لعائلاتهم ومحبيهم، وهم إن كانوا قد دفعوا حياتهم ثمنًا الآن، فربما يدفعها آخرون غدًا إذا لم يتغير الحال ويؤخذ الأمر بمأخذ الجدية. بالتأكيد لا نطالب بقمع أو بانتهاك حريات، لكن نطالب بتفعيل القانون وحزمه، والاستفادة من أخطاء الماضي من أجل مستقبل آمن لنا ولأولادنا.