رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء الاقتصاد ينتقدون اعتزام الحكومة اللجوء للأسواق العالمية لتعزيز ماليتها.. السعيد: سيؤدي إلى تحمل فائدة مرتفعة.. حجازي: يجب التفاوض مع صندوق النقد أولا.. الفقي: السندات المصرية ذات مخاطر عالية

 ممتاز السعيد وزير
ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق

انتقد خبراء الاقتصاد تصريحات هاني قدري وزير المالية حول أن مصر قد تلجأ لأسواق السندات العالمية العام القادم لجمع ما يصل إلى 1.5 مليار دولار لتعزيز ماليتها العامة، قبل الاستفادة من موارد صندوق النقد الدولي، مؤكدين أنه من المستحيل في الوقت الراهن الحصول على ضمانة من أية دولة للسندات، خاصة بعد أن طالبت مصر من الإمارات والولايات المتحدة ذلك دون جدوى.


من جانبه أكد الدكتور ممتاز السعيد، وزير المالية الأسبق، أنه من الأفضل أن تلجأ الحكومة الحالية للاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل الاتجاه إلى طرح سندات بالأسواق العالمية، لافتا إلى أن حصول مصر على شهادة ثقة من الصندوق سيعزز من ثقة المستثمرين في السندات المصرية، إذ إن الصندوق يعطي الشهادة بناء على تأكده من أن الاقتصاد يسير في الطريق الصحيح.

وأشار السعيد إلى أن إصرار الحكومة على طرح السندات بالسوق الدولي في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية الحالية سيرغمها على تحمل أسعار فائدة مرتفعة للغاية، ومن ثم سيشكل المزيد من الأعباء على الاقتصاد المصري الذي يواجه الكثير من التحديدات المختلفة، لذلك هذا ليس حلا مجديا في الوقت الراهن.

وأوضح أنه بالرغم من تحسن التصنيف الائتماني لمصر وتغيير نظرة وكالة "موديز إنفستورز سرفيس" للتصنيفات الائتمانية، المستقبلية لمصر من السلبي إلى المستقر، إلا أن مصر مازالت بحاجة لرفع تصنيفها الائتماني للحصول على ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية.

وأضاف وزير المالية الأسبق أنه وارد أن تلجأ مصر لطلب الحصول على ضمانات من دول أخرى للسندات، ولكن الأمر لايزال يشوبه الكثير من الغموض، متسائلا: هل ستكون الإمارات هي الدولة التي ستلجأ الحكومة لها للحصول على ضمان طرح السندات الدولية كخطوة للترويج بالأسواق العالمية؟!، مؤكدا أن الأمر يحتاج لمزيد من التوضيح.

وأكد الدكتور المرسي حجازي وزير المالية الأسبق، أن الحكومة الحالية ينبغي أن تستغل تحسن علاقتها في الوقت الحالي بصندوق النقد الدولي، بعد الإقدام على عدد من الإصلاحات الاقتصادية التي خشيت الحكومات السابقة من اتخاذها كرفع الدعم عن الطاقة، وذلك لاستكمال المفاوضات والحصول على القرض، قبل الاتجاه لأسواق السندات العالمية لجمع الأموال بهدف تعزيز ماليتها العامة.

وأوضح حجازي أن التفاوض مع صندوق النقد الدولي سيمهد الطريق لطرح السندات الدولية بالسوق الدولي بأسعار فائدة مخفضة، ولكن إرجاء التفاوض مع الصندوق والاتجاه لطرح السندات سيكون سببا مباشرا في رفع الفائدة عليها بشكل قد لا يتحملة الاقتصاد المصري الذي يعاني في الفترة الأخيرة من الأزمات المتتالية بسبب طبيعة المرحلة.

وأضاف وزير المالية الأسبق أن الخروج من هذا المأزق مرهون بقدرة الحكومة الحالية ونجاحها في الحصول على ضمانات من الدول الأخري للسندات، ما سيساهم في الترويج لها بالأسواق العالمية وكسب ثقة المستثمرين، كذلك لو تمكنا من الحصول على تسهيلات ائتمانية من قبل الدول التي ترغب في مساندة مصر، وبالتالي المساهمة في تخفيض سعر الفائدة على تلك السندات.

وفي سياق متصل قال الخبير الاقتصادي الدكتور فخري الفقي، المستشار السابق لصندوق النقد الدولي إن طرح مصر للسندات الدولية لا يمكن أن يتم إلا بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، مؤكدا أن التصنيف الائتماني للسندات الحكومية المصرية لا يرقي لتسويقها والترويج لها بالأسواق العالمية.

وأوضح الفقي أن التصنيف الائتماني للسندات التي يتم الترويج لها بالأسواق العالمية لا ينبغي أن يقل عن BBB، حتى يطمئن المستثمرين ويقبلون على شرائها، لافتا إلى أن التصنيف الائتماني للسندات المصرية من قبل وكالات التصنيف العالمية هو CCC، ما يعني أنها سندات ذات مخاطر عالية، ومن ثم يصعب الترويج لها بالأسواق العالمية.

وأشار المستشار السابق لصندوق النقد الدولي إلى أن تحسن التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري لن يتحقق الا بالحصول على شهادة ثقة من صندوق النقد الدولي، وهو أمر يتوقف على تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وانخفاض معدلات البطالة وارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي، كذلك تحسن مناخ الاستثمار من خلال تعديل التشريعات الاقتصادية، وصدور قانون الاستثمار الموحد، بالإضافة إلى ضرورة تحسن الوضع الأمني واستكمال خارطة المستقبل والانتهاء من الانتخابات البرلمانية.

وأكد الفقي أنه من المستحيل أن تغامر أي من الدول الأخري لإعطاء مصر ضمانة للسندات، محذرا من طرح سندات بالسوق الدولي في الوقت الحالي إذ ستكون بفوائد مرتفعة تبلغ 8% مقارنة بفائدة 2.5% على السندات التي لا تواجه مخاطر، وهو ما يشكل عبئا على الاقتصاد المصري، إذ يزيد من مخاطر التعثر وارتفاع الدين.

وأشار الدكتور علاء رزق، الخبير الاقتصادي، إلى أنه من غير المنطقي لجوء مصر لأسواق السندات العالمية لتعزيز ماليتها العامة، قبل اللجوء إلى صندوق النقد الدولي، موضحا أن الخطوة الأولى تعتمد بشكل مباشر على شهادة صندوق النقد، وعلي تصنيفات الائتمان العالمية، لما لهما من قدرة على كسب الثقة العالمية.

وأضاف رزق أن مصر دولة عضو بالصندوق كما أنها من الدول المؤسسة له، مؤكدا أن حصة مصر بالصندوق تبلغ 1.6 مليار دولار، ويحق لها الحصول على 25% منها، أي ما يقدر بـ 400 مليون دولار دون مشروطية من الصندوق.

واستطرد رزق أنه في حال رغبة الدولة العضو في الحصول على الحد الأقصى لها والبالغ 200% من حصتها بالصندوق، فعليها أن تخضع لشروط الصندوق والتي تتضمن مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والمالية وتغيير بعض السياسات النقدية وانتهاج سياسات تستهدف الاتجاه للاقتصاد الحر، لافتا إلى أن هذه الخطوات بدأت مصر بالفعل في الاتجاه اليها.

وأضاف الخبير الاقتصادي، أن رفع الدعم مؤخرا أحد أهم التوجهات الكاشفة للعلاقة بين مصر والصندوق كخطوة نحو الحصول على القرض البالغ 4.8 مليار دولار، ومن ثم الحصول على شهادة من أكبر المؤسسات المالية التي يثق بها المستثمرين وبالتالي جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

وأبدى رزق عن عدم تفاؤله بالمؤتمر الاقتصادي المقرر إقامته نوفمبر المقبل؛ بسبب تصاعد العمليات الإرهابية في الفترة الحالية، ومن ناحية أخرى غياب المؤسسة التشريعية التي تجعل الحديث عن قانون الاستثمار الجديد بلا جدوي، متوقعا أن المؤتمر سيكون مجرد محفل لجمع المساعدات وليس لجذب الاستثمارات.

الجدير بالذكر أن المساعدات المالية من الإمارات والسعودية والكويت، بعد 30 يونيو، ساهمت في سد الاحتياجات التمويلية لمصر في الفترة الماضية، إلا أن عدم تجدد هذه المساعدات بنفس قيمتها السابقة اضطر الحكومة الحالية للجوء إلى الأسواق والمؤسسات العالمية كآليات جديدة للتمويل.
الجريدة الرسمية