رئيس التحرير
عصام كامل

سبعة ألغام.. تواجه جابر عصفور


أطل علينا الدكتور جابر عصفور، قبل إسناد حقيبة وزارة الثقافة إليه في يونيو ٢٠١٤، برؤية جديدة لإصلاح المنظومة الثقافية للدولة، بعد أن تبعثرت أشلاء الثقافة والمثقفين يمينًا ويسارًا.

خصوصا وأنه أحد أعمدة الثقافة في مصر، خلال ما يزيد عن أكثر من ربع قرن مضى، فإسهاماته في قضايا المثقفين وخاصة تلك التي تتعلق بحرية الإبداع والترجمة والنقد الأدبي والرؤى السياسية والتي تجعله الأقرب إلى دائرة صناع القرار، وقبل اختيار عصفور وأدائه في الوزارة بالقبول والرفض من جانب المثقفين، ولكن يظل تاريخه الفكري هو الشافع له في حكومة محلب، طالما أنه يملك رؤية وإستراتيجية -كما يقول دومًا- قد تحيي الحياة الثقافية بعد مماتها.

والحقيقة أن الدكتور جابر عصفور لم يتهاد أو يتوان في تطهير وزارة الثقافة من فسادها العضال، وإقالة القيادات المترهلة والمتخاذلة التي لا تتناسب مع طبيعة المرحلة وطبيعة مهمته الحالية، التي أعلن عنها بأنها خدمة وطنية في توقيت صعب من تاريخ عمر الأمة.

ولكن لازال حال الثقافة يسأل.. لماذا لم يخض المثقف التنويري معركته الحقيقية في الثقافة حتى الآن؟ لماذا لم ينفذ أو يفتتح أيا من المشروعات الثقافية المتوقفة والتي وعد بها المصريين من قبل، لضرب جذور الإرهاب والفكر المتطرف وليس فروعه؟.

وإذا كان لا يعلم عصفور الوزير وليس المثقف بأن وزارته تواجه سبعة ألغام تجعلها على شفا حفرة، قد تودي بحياة رؤيته وإستراتيجيته لإصلاح المنظومة الثقافية، فوجب علينا إخباره.

المسرح القومي 
والذي أحاطه كثيرًا من التساؤلات بعدما تأخر افتتاحه كما وعد الوزير مع احتفالات نصر أكتوبر، حتى نتفاجأ أن السبب الرئيسي وراء ذلك هو عدم وجود تمويل كافٍ من الحكومة، مع خوف القيادات الثقافية من تحمل المسئولية والتوقيع على المستخلصات المالية!! مما ينبئ عن أن المسرح القومي لن يفتتح قبل ٢٠١٥.

مسرح عبد الوهاب بالإسكندرية 
لازال مشروع تطوير مسرح محمد عبد الوهاب بحي الإزاريطة بالإسكندرية عالقًا في أدراج وزارة الثقافة، فلم يدق فيه مسمار واحد كبداية لأعمال التطوير الفعلي، على الرغم من إتمام التعاقد مع جهاز الخدمة الوطنية -وزارة الدفاع - حيث تقدر تكلفة أعمال الترميم والتطوير بنحو ٣٥ مليون جنيه تقريبًا، ١٥ مليون جنيه للإنشاءات و٢٠ مليون جنيه للتجهيزات، وتشمل عملية تطويره تحويل المسرح إلى قاعات مغلقة؛ ليعمل طوال السنة وليس في الصيف فقط، بالإضافة إلى إنشاء قاعات تدريب للفرق الفنية والبروفات الخاصة بها، وكذلك تطوير مبنى المسرح، ليتسع إلى أكثر من 600 مشاهد ومكتبة بها قاعات استماع ومشاهدة وأيضا قاعة سينما.

متحف جمال عبد الناصر 
ذلك المتحف القاطن في منطقة منشية البكرى، ويحمل بين جدرانه ذاكرة الأمة الناصرية بكل ما فيها من رجال وأحداث، يعاني منذ أربعة أشهر من شلل نصفي بعدما توقفت إجراءات أعمال ترميم وتطوير المرحلة الثانية، دون أن يُعلم أحدًا لماذا؟! على الرغم أن المعلومات كلها تفيد وجود اعتماداته المالية. 

دار الكتب - باب الخلق 
أما بالنسبة لدار الكتب بحي باب الخلق، فحالها يرثى له، بعد طمس ملامحها نتيجة الدمار الذي طال مبناها التاريخي العريق ومقتنياته من تراث إنساني، بسبب حادث التفجير الإرهابي البغيض، والذي استهدف مديرية أمن القاهرة، في ٢١ يناير الماضي، ودعمت منظمة الإليكروم للمحافظة على التراث المعماري والتاريخي لوزارة الثقافة ماليًا وماديًا في إعادة ما دمره الإرهاب، إلا أن الوزارة نفسها أبت على دعم نفسها، فمشروع إعادة ترميم دار الكتب لازال متوفقا بسبب ضياع الرسومات التنفيذية الأصلية لمبنى الدار، وسط أكوام التراب فيما ينطبق عليها المثل الشعبي "هم يضحك وهم يبكي".

مسرح المنصورة القومي 
ولم يكن مسرح ماريللي أقدم مسارح الأقاليم والذي أعاد بناؤه المهندس الإيطالي ماريللي عام ١٩٠٢ والذي يحوي على زخارف نادرة على الطراز الإيطالي، أوفر حظا من سابقته، والذي ضربه أيضًا يد الإرهاب الأسود عندما استهدف مبنى مديرية أمن الدقهلية في ٢٤ ديسمبر٢٠١٣، حيث تقف وزارة الثقافة مكتوفة الأيدي بعدما وقعت في شباك محافظ الدقهلية الذي رفض إخلاء الجهات المحيطة بمبنى المسرح القومي لإمكان الاستفادة من كامل المساحة وتحويله إلى مركز ثقافي عالمي يشمل على دار للأوبرا ومسرحا قومي يليق بتاريخه.
بحجة أن مستأجري المحال الواقعة على جانب المسرح، رافضين الخروج منها إلا بعد الحصول على تعويض مادى مناسب !!.

دار الكتب بالفسطاط 
على الرغم من انتهاء كافة الأعمال الإنشائية بأكبر أرشيف وطني في الشرق الأوسط، إلا أنه تم إرجاء تحديد موعد افتتاحه أكثر من مرة، فتارة سمعنا أن تأجيل افتتاحه يرتبط بأداء الرئيس عبد الفتاح السيسي لليمين الدستورية.. وقد فعلها الرجل ولم تفتتح الدار..
وتارة أخرى سمعنا أن افتتاحها مرتبط بحضور الشيخ القاسمي حاكم الشارقة، كي يشارك المصريين فرحتهم بهذا الصرح الوطني العظيم.. فلماذا إذن تتوانى وزارة الثقافة في إرسال دعوة له وهو الداعم الأساسي لإقامة الدار والمحب للأعمال الثقافية ؟! 

مسرح طنطا 
ولا يزال مسرح طنطا ينتظر من يعيده إلى الحياة من جديد والذي يعد من أحد أهم وأكبر ثلاثة مسارح في الدول هو افتتحه رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا عام ١٩٣٦، خاصة وأن وزارة الثقافة قد تعاقدت بالفعل مع المقاول المسند إليه المشروع شركة "الإنجاز" والتي توقفت عن العمل به، منذ ما يقرب من ثمانية أشهر دون أي أسباب، ومنذ ذاك الحين لم يتم إسناد المشروع أو تكليف أي أحد باستكماله أو متابعته، خصوصا وأن هذا المشروع تشوبه علامات استفهام كثيرة.

الجريدة الرسمية