الخداع الإستراتيجي في الهجرة النبوية!
رغم أنه عليه الصلاة والسلام نبي الله ورسوله والمبشر من رب العزة بالعصمة من الناس إلا أنه لم يترك أي مناسبة إلا ويعلمنا عدم الاتكال..ويعلمنا الفرق الكبير بين الاعتماد على التخطيط وعلى المنطق وعلى معطيات الواقع وبين التواكل والاعتماد فقط على الدعاء والتسبيح بغير عمل.. هو رسول الله عليه الصلاة والسلام وقد تعهد رب العزة بإتمام رسالته..
ورغم ذلك يخفي عليه الصلاة والسلام - عند الهجرة - موعد هجرته.. ولا يعلم بموعدها إلا نفر قليل من خاصته..ويرتب قبل الخروج كل شيء..من سيبقى مكانه ليس فقط لخداع المشركين وإنما لتأدية وإرجاع ما لديه من أمانات وما عليه من ديون.. ويخطط تخطيطا محكما..الطعام في الرحله مسئولية أسماء..الطريق مسئولية عبد الله بن أريقط مع تأمين ولائه كاملا حيث ظل على شركه!.. والقوم ينتظرون في يثرب..والهجرة من مكة في الجنوب إلى يثرب في الشمال..لكنها للخداع تنطلق أولا إلى الجنوب وليس إلى الشمال كما يقول المنطق لكن وللخداع يجب أن يكون التفكير عكس المنطق !
بعد إرهاق المشركين..يبدأ الرسول الكريم السير شمالا..لكن ليس بالطريق المعتاد إنما بالقرب من الساحل وفي الطريق لا يسير مسافات طويلة ويتعمد محو أثر السير في أغلب المسافات مع السير المتعرج غير المنطقي أيضا وعند وصوله ليثرب يتغلب على الحرج البالغ في قبول دعوات المؤمنين باستضافته بترك الأمر لرب العالمين وفي المكان الذي تستقر أمامه راحلته !
لم يترك الرسول الكريم العظيم شيئا للصدفة..ولم يتوقف عند الدعاء والابتهال إلى الله..ولا إلى تذكر عهد الله له..والسؤال: هل يقلد الإسلاميون فعلا رسولنا العظيم ؟ هل يتخذونه فعلا أسوة حسنة ؟ أم تراهم أبعد الناس عنه وعن سيرته وعن دروسه مهما قصرت جلابيبهم أو استطالت لحاهم !
كل عام وأنتم جميعا بخير!