الملف الأسود لوزارة الداخلية
اعتقالات وحشية، إهانة، سحل، تحرش، هتك عرض، اغتصاب، تعذيب، إزهاق لأرواح أبرياء داخل الأقسام والسجون... هذا هو «الملف الأسود» للشرطة في عهد السيسي، طبقًا لادعاءات تنظيم الإخوان الإرهابي.
وليس معنى هذه الادعاءات أن الشرطة «ميت فل وأربعتاشر»، أو أنها بلا خطيئة.. فالضباط والأمناء والعساكر ليسوا ملائكة أو أنبياء، بل مجرد بشر، منهم الصالحون، وهم كُثر، ومنهم دون ذلك، ووزير الداخلية نفسه اعترف بتجاوزات وانحرافات بعض رجاله، وأحالهم إلى التحقيق، وأخذوا عقابهم.
والحقيقة المؤكدة أن تجاوزات بعض أفراد الشرطة لا يجوز تعميمها على المنتمين للجهاز ووزارة الداخلية ككل، كما يسعى الإخوان وبعض نشطاء ومنظمات حقوق الإنسان، التي قد تفتح «جيوبها» لأموال الخارج مقابل مهاجمة «الداخلية»؛ في محاولة للنيل منها بعدما فشلوا في النيل من القوات المسلحة.
فإهانة أمين شرطة أو إهانة ضابط لمواطن أو اعتدائه على متهم أو تعذيبه للحصول منه على اعتراف بالإكراه ليس معناه أن كل الضباط تحولوا إلى جزارين، وأن حجز الأقسام تحول إلى «سلخانات تعذيب».
وليس تحرش أمين شرطة، غير سوي، بمتهم، أو هتك عرض متهمة معناه أن كل رجال الشرطة «ذئاب بشرية»، لا هم لهم سوى إشباع غرائزهم الشاذة.. وليست وفاة متهم داخل أحد السجن معناه أن السجون تحولت إلى معتقلات «جوانتامو وأبو غريب».. فكل هذه الحالات تجاوزات «فردية»، ولم ترق بعد إلى ما يمكن اعتباره سلوك الأغلبية بجهاز الشرطة.. فالله عز وجل يقول «ولا تز وازرة وزر أخرى».
والأهم من ذلك كله، علينا- قبل أن نلقى الاتهامات جزافًا- أن نتيقن من هذه التجاوزات، ومَنْ المتسبب فيها، ونفضحه على رءوس الأشهاد.. فكم من مرة أشاع نشطاء ومنتمون للإخوان أنهم تعرضوا للتعذيب في الأقسام والسجون، ثم ثبت كذبهم وافتراؤهم.
وكم من مرة زعموا أنهم تعرضوا للاغتصاب وهتك عرضهم، ثم ثبت بالدليل القاطع أن الشرطة بريئة من هذا الاتهام الشنيع، الذي إن صح لكان معظم سجينات الإخوان «حوامل»، اللهم إذا كان الشرطي «المُغتصِب» ضحيته يستخدم «واقيًا ذكريًا»!
لقد التقيت عددًا من الطلاب، الذين تربطني بهم علاقة احترام وتقدير متبادل، وأُخلي سبيلهم مؤخرًا بعد القبض عليهم لمشاركتهم في عدة تظاهرات العام الماضي، وسألتهم عن تعرضهم لتعذيب أو تحرش أو حتى إهانة.. فأقسموا بالله أن هذا لم يحدث على الإطلاق، مؤكدين أن ما يدعيه الإخوان محض افتراء.. فأيهما نصدق، رواية هؤلاء، أم روايات الإخوان ومَنْ سلك مسلكهم؟
باختصار «الداخلية» ليست مؤسسة «شيطانية»، كل العاملين فيها من «الأبالسة»، بل شأنها شأن أي مؤسسة في الدولة، من الممكن تطوير أدائها إلى الأفضل، والارتقاء بمستوى تعامل أفرادها مع المواطنين والمتهمين على حد سواء، لكنها لن تكون أبدًا مؤسسة «ملائكية» كما يريدها البعض!.