رئيس التحرير
عصام كامل

الفلاح الفصيح: ثورة الجياع قادمة.. ونحن وقودها

فيتو

تزايدت التنبؤات بقيام ثورة للجياع، نتيجة تردى الأوضاع، وارتفاع معدلات البطالة وانهيار الاقتصاد المصرى بسبب فشل الحكومة فى الوفاء بالتزاماتها تجاه المواطن المصرى، ومن بين الذين يتعرضون لمعاناة شديدة، وسقطوا من حسابات حكومة د. هشام قنديل، الفلاح الذى يمثل ٥٠٪ من تعداد الشعب المصرى .. وفى ظل التجاهل الواضح لمشكلاته، سواء فى توفير آليات الإنتاج أو ارتفاع أسعارها، فضلًا عن فشلها فى تسويق المحاصيل التى يزرعها، إلى جانب تعرضه للسجن، بسبب ديون بنك التنمية والائتمان الزراعى.." فيتو" التقت "الفلاح الفصيح" محمد برغش عضو اللجنة التأسيسة السابق، والمدافع الأول عن حقوق الفلاح المصرى لتتناول معه أهم مشكلاته فى هذا الحوار:

- هل تتوقع اندلاع "ثورة الجياع" خلال الفترة القادمة؟
* نعم.. فنحن دولة أصبحت تستورد ٥٥٪ من غذائها، بعد أن كانت "سلة غلال" الشرق، وفى ظل الارتفاع الجنونى للدولار، فى مقابل الجنيه المصرى، الذى يواصل الانخفاض فى قيمته الشرائية، إلى جانب الاقتصاد الذى أصيب بجالة تشبه الشلل الكامل، والعجز عن تحقيق قفزات نمو تحقق لمصر دفعة للأمام.. فماذا ننتظر؟!.. والبطالة ارتفعت لحوالى ١٥٪، والفقر المدقع وصل إلى ٤٠٪، ولا توجد بدائل سوى أننا نتراشق سياسيًا، وبعضنا يريد أن يبلغ ما يريد، حتى وإن كانت مصر هى الثمن، وهذا يقتضى رسالة إلى العقول لتسكن الرؤوس، بحيث يكون الهواء مصريا خالصا، لنغير المعادلة الصعبة، ويتحرك الاقتصاد للأمام ليلبى احتياجات الشعب، من الغذاء والكساء، وتحل أزمة البطالة، ومن هنا نحذر من ثورة الجياع، لأنها ربما تؤدى إلى احتراق الأخضر واليابس.
- وأين الفلاح المصرى من كل هذه المشكلات؟
* الفلاح المصرى هو المقهور الوحيد، والمظلوم منذ بداية ثورة ٢٥ يناير إلى الآن، فالكل حقق مكاسب على الأرض، والكل يصب على الفلاح المصرى عقده النفسية، ويمارس الاستعلاء والإقصاء عليه، لدرجة أنه فى تأسيسية الدستور أعداد الفلاحين لم تصل لعدد ممثلى قرية، ومعهم العمال، ونفس الأمر بالنسبة للأحزاب، ولذلك نجد أن حقوق الفلاح تعرضت للانتهاك، فكان من المفترض أن يكون نصف المسفيدين الشورى "٤٥ عضوا" من العمال والفلاحين، لأن نسبتهم لا تقل عن ٥٠٪ فى الدستور القديم والجديد، إلا أنه حدث العكس، ووزعت العضوية، كهدايا وعطايا للأحزاب الصديقة الرفيقة والمناصرة من ١٠ مقاعد للأقل.
ومن المضحك المبكى أن بعض هذه الأحزاب لم ينجح رؤسائها أو أعضاؤها فى انتخابات مجلس الشعب المنحل أو فى مجلس الشورى الذين تم تعيينهم به.
- ولكن هناك أزمات جديدة أصبحت تهدد الفلاح المصرى.. فهل يمكن أن تكون وقودًا لثورة الجياع؟
* على مدى عامين الفلاح فشل فى بيع محاصيل القطن والذرة والبطاطس والموالح، وأصبح يحصل على أدنى الأسعار لمحصول القصب والبنجر، وكل موارد الدولة للفلاح ذهبت هباء، كى نختبر مصداقية الدولة نسأل: لماذا لم تقم بنوك التنمية والائتمان الزراعى بوضع كشوف على باب كل جمعية تعاونية زراعية، والتى تقترب من ١٠ آلاف جمعية فى كل قرى مصر بأسماء من تم إعفاؤهم من الديون المتعثرة، ومن ثم رفع ١٠ آلاف جنيه من حساباتهم، نظرًا لالتزامهم بالسداد، كما وعد د. محمد مرسى كى يطمئن الفلاح أن ما يصدر عن الحكومة تحقق على أرض الواقع، بدلا من التصريحات الإعلامية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، أضف إلى ذلك مشكلة المبيدات، وكل مستلزمات الإنتاج، حيث وصلت شيكارة الكيماوى إلى ١٧٠ جنيها، وكل مستلزمات الإنتاج ارتفعت ما بين ٢٠٠ إلى 500٪.. فهل ارتفعت أسعار المحاصيل وما ينتجه الفلاح بنفس النسبة؟.. بطبيعة الحال هذه الأزمات ستجعل الفلاح المصرى يشارك فى ثورة الجياع، لأنه جزء أصيل من المجتمع.
- وكيف سيكون دور فلاحى مصر فى هذه الثورة، التى يؤكد البعض قرب حدوثها؟
* لا تسأل عن دور الفلاح فقط، فهو أول من يعانى، بل اسأل عن حال المجتمع الذى يمثل الفلاحين فيه نسبة ٥٠٪، لذلك أحذر من بيدهم أمر مصر أن يذهبوا للبحث عن حلول للمشكلات التى يعانى منها المصريون، وأولها الفلاحون، وإلا سيكون تظاهر الفلاحين واعتصامهم، وحواريها، ويكفى أن يكون الفلاحون دوما مغيبين بقصد عن كل ما يهم حياتهم ومستقبل أولادهم، وكفاهم أن يكونوا نهر الجباية القذرة لبعض التجار غائبى الضمير، ومصانع بئر السلم للمبيدات، وما تبقى لن يسد جوعا.. وتسأل: هل سجون مصر ستتسع للفلاحين الذين لن يستطيعوا سدادا ديونهم، أم تتحول مصر كلها إلى سجن كبير؟.. وهنا اسأل الرئيس مرسى :ماذا أنت فاعل بالفلاحين الذين ينتجون غذاء مصر لتنقذهم من الجوع، وتؤمنهم؟.. وماذا ستفعل لو توقف الفلاحون عن الزراعة، أو لجأوا للزراعات العقابية، حيث يمتنعون عن زراعة بعض المحاصيل الغذائية، والأنواع الأخرى التى تعد عماد الاقتصاد المصرى، خاصة أن رئيس الجمهورية جلس مع كل فئات الشعب المصرى، ولم يكلف نفسه بالجلوس مع الفلاحين لسماع هموهم ومشكلاتهم.. وأخيرا هناك أمران كلاهما مر؛ أولهما، بطالة، وثانيهما الجوع.. فماذا يفعل الإنسان، وهو ينظر لأولاده هذه الحالة؟!!.
الجريدة الرسمية