رئيس التحرير
عصام كامل

"البطل صديق"



كان المشهد بالغ الاستفزار، عندما اصطف رئيس "حزب الوسط"، المهندس "أبو العلا ماضى"، ونائبه المحامى "عصام سلطان"، وبينهما القيادى الإخوانى الدكتور "محمد البلتاجى"، أمام منصة مجلس الشورى، وكاميرات التليفزيون، عشية الاستفتاء على مشروع الدستور، الذى وضعته أغلبية دينية، ليقدموا لنا دروسا، فى كيفية قراءة دستورهم، واستيعابه، والاقتناع بمواده العبقرية، وبالتوازى مع تلك الدروس، لم يخلُ الأمر من دروس أخرى فى "الردح"، والتخوين لمن لم يبارك دستورهم.

وبعيدا عن أزمة الدستور، فإن اجتماع الثلاثة، فى مشهد واحد، هكذا، والحديث بلسان واحد، هكذا، بغض النظر عن  أن الثلاثة ممن شاركوا فى صياغة جريمة الدستور، فإن المستفز حقا، فى الأمر، من وجهة نظرى، أن ذلك المشهد، الذى ضم رئيس حزب "الوسط"، ونائبه، وبينهما "بلتاجى" الإخوان، قدم دليلا متجددا، على أن هذا الحزب، الذى كنا نستبشر به خيرا، عندما أبصر النور، بعد ثورة يناير، لم يضف جديدا للحياة السياسية فى مصر، بل جاء ذراعا جديدة وطويلة وغاشمة، لحزب "الحرية والعدالة"، الموصوف بالذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، وبدا للجميع، أن ما كان يدعيه قادة الحزب، القادمون من جماعة الإخوان، من الاختلاف الشديد مع الجماعة فى كل شيء، لم يكن اكثر من "سلسلة أكاذيب"، وبدا ذلك فعليا، من مشاهد سياسة عدة، رآها القاصى والدانى، فى الفترة الأخيرة.

إن حزب "الوسط"، الذى حصل على مشروعية وجوده، في 19 فبراير 2011، بعد 15 عاما من التيه داخل لجنة شئون الاحزاب، كان يخدع الرأى العام، بأن من ضمن اهدافه: إطلاق الحريات العامة، وتحقيق إصلاحات سياسية ودستورية، وتحقيق استقلال القضاء، وإلغاء حالة الطوارئ، وإقرار التعددية الفكرية والسياسية، وتعزيز الديمقراطية، والإيمان بالحرية الاقتصادية مع تحقيق العدالة الاجتماعية، بالإضافة إلى إجراء إصلاحات في مجالات الصحة والتعليم، وتدعيم الهوية الثقافية المصرية داخل انتمائها العربي والإسلامي.

ولكن ها هى الأيام، تثبت أن الحزب، ليس سوى أذرع وخلايا، لحزب "الحرية والعدالة" الإخوانى، وأنه ظله فى المشهد السياسى، يتحدث باسمه، ويتلقى أوامره من مكتب الإرشاد مباشرة، ولا يعصى له أمره، ويشارك فى دستور لا علاقة له من قريب أو بعيد، بأهدافه المزعومة، التى نشأ من أجل الدفاع عنها.

إن ما يفعله حزب "الوسط" حاليا، لا يختلف كثيرا عن أدوار الراحلين "إسماعيل ياسين" و"عبدالسلام النابلسى"، عندما كانا يقدمان دور "السنيد"، أو "صديق البطل"، يدوران فى فلكه، ويقدمان له ما يريد من خدمات.

والآن، وبعدما أصبح "اللعب على المكشوف"، ينبغى على قادة حزب "الوسط"، أن ينزعوا الأقنعة من فوق وجوههم، لأن حقيقتهم غدت معروفة للجميع.

الجريدة الرسمية