هل الإعلاميون ضد مصر؟!
يشهد المشهد السياسي المصرى حالة من الهيستيريا والفوضى في كل شيء، فلا أحد يدرك حجم التحديات الداخلية والخارجية التي تمر بها الدولة المصرية بعد التخلص من سرطان الدولة الإخوانية، فالجميع إما مرتبك يمارس العشوائية والتخبط في كل شيء وإما يبحث عن مصالحة ومكاسب سياسية أو خاصة، ولكن الأزمة الحقيقية هي حالة الهيستيريا الإعلامية التي تشهدها مصر، فلا قواعد ولا قوانين ولا مبادئ حاكمة لقواعد المهنة فتحول الإعلامي مقدم البرنامج لرئيس جمهورية وقاض وطبيب ومفكر وخبير وكل شيء يقول ما يشاء ويهاجم بشراسة من يريد ولا خطوط حمراء حتى الأمن القومى المصرى أصبح لا قيمة له في قاموس هؤلاء المخربين، فمن العار إطلاق لفظ إعلامي عليهم فكما تعلمنا أن الإعلام مهنة نقل الحقيقة والواقع للناس بلا تصيد أو مزايدة والأهم هو غياب الدور الحقيقي للإعلام وهو إعلام الناس للمشاركة في رفع الوعى الثقافى والمجتمعى لحث الشعب للمشاركة في صناعة المستقبل وتنمية الوطن.
الرئيس السيسي في جلساته المتعددة مع رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين طالبهم بالمشاركة في تنمية الوطن عبر المشاركة الحقيقية في رصد الواقع لرصد الأزمات وتسليط الضوء على كل الظواهر السلبية لعلاجها وتعظيم الإيجابيات لنتحول لمجتمع منتج مزدهر، ولكن العكس بعض الإعلاميين يتوهمون أن تمجيد الرئيس ومهاجمة كل من يعارضه أو يحاول نقد سياساته جريمة وخطيئة كبرى والرئيس ذاته رفض ذلك في منشور رئاسي صدر في الأيام الماضية يطلب بالشفافية والوضوح وعدم المغالاة في تأويل وتفسير تصريحات وحوارات الرئيس لأن الرجل يؤمن بأن الوطن للجميع كلنا شركاء في بناء وتنمية مصر.
الكارثة الحقيقية المثيرة للاستغراب والتساؤل هي لغة خطاب بعض الإعلاميين والألفاظ التي تصل في بعض الأحيان للتجريح والسب والقذف وإلقاء التهم سواء على أفراد أو مؤسسات أو حتى دول لنا معها علاقات دبلوماسية فتلك التصرفات تضر الأمن القومى المصرى خارجيا على الأقل والخطورة الأكبر هو حالة التخبط الإعلامية في علاقات مصر الخارجية خصوصا حالة الهياج الإعلامية ضد بعض إخفاقات وتصرفات الإدارة الأمريكية مع مصر وكذلك قطر وتركيا وإثيوبيا وهنا لاندافع عن تلك الدول إن أسهمت في الإضرار بالأمن القومى المصرى ولكن الخلافات بين الدول لها إستراتيجيات أخرى ووسائل ضغط وخلافه.
فمثلا الدعم الأمريكى للإخوان تراجع بعد التأكد من أن 30 يونيو ثورة شعبية ضد السرطان الإخوانى وبعد التيقن من أن الإخوان رعاة الإرهاب والتطرف في العالم وها هى العلاقات الأمريكية تعود بقوة وحصلت مصر على طائرات الأباتشى وأزمة سد النهضة في طريقها للحل وقطر في طريقها لتوطيد العلاقات مع مصر والقصد هو عدم التطرف والمغالاة في الهجوم على الدول للحفاظ على الأمن القومى المصري وعلاقاتها الدولية.
السلام الاجتماعى والحفاظ على النسيج المجتمعى المصرى غائب عن كثير من الإعلاميين خصوصا في القضايا المتعلقة بأزمات وصراعات الحراك السياسي الدائر في مصر كلها فمثلا بدلا من أن نتسائل لماذا وقع قطاع من شباب مصر في براثن الإخوان وأصبحوا وقودها في حربها لتدمير مصر وبدلا من أن نحاسب الوزارات المقصرة في ذلك نرى العجب في تغطية بعض القنوات لما يحدث في الجامعات، فالجميع يعلم أن ساحات الجامعات هي أرض المعركة الأخيرة للحرب الإخوانية لتدمير الدولة المصرية وبدلا من احتواء الشباب ومحاولة خلق حالة حوار معهم نرى البعض يطالب بفصلهم وحبسهم والبعض تطرف وطالب بنزول القوات الخاصة للقضاء على تلك التصرفات المشينة لبعض الشباب ضحايا الفكر الإخوانى والبعض تطرف وطالب بتأجيل العام الدراسى والسؤال هنا هل يدركون تداعيات استخدام العنف مع هؤلاء الشباب وهل يدركون أن العنف سوف يجعلهم قنابل موقوتة تنفجر في وجه المجتمع فنرجو من كل صاحب نافذة إعلامية إشاعة السلام الاجتماعى والحب وإعلاء قيمة الحوار للمشاركة في عبور مصر نحو المستقبل.
الإعلام الذي لا يشارك في عمليات التنمية إعلام جاهل ومخرب لا قيمة له والبعض يدخل المصريين في قضايا وهمية مثل حرب الفتاوى والتصريحات الدينية غير المسئولة مثل عيد الأضحى مذبحة بشرية وأن سيدنا إبراهيم علية السلام ليس نبيا والحوارات المثيرة للغرابة في الجانب الدينى لأحد الإعلاميين فهل هذا إعلام !
في النهاية المشهد الإعلامي المصرى منفلت غير منضبط لعدم إدراك الكثيرين تحديات وخطورة المرحلة التي تمر بها مصر والأهم هو عدم تقدير بعضهم الحرية، والأخطر هو غياب البعد الوطنى والإعلام التنموى ويظل السؤال قائما متى ينضبط الإعلام المصرى ؟
dreemstars@gmail.com