رئيس التحرير
عصام كامل

استفتاء الموت والدم


سيذكر التاريخ للدكتور محمد مرسي ولجماعة الإخوان المسلمين وقبلهم للجنة التأسيسية للدستور أنهم أقاموا أول استفتاء في تاريخ البشرية علي دم المصريين ..  اللجنة هرول مجلس الشعب المنحل الي تكوينها قبل حكم المحكمة الدستورية بحل المجلس , ثم هرولت اللجنة نفسها إلي التصويت علي الدستور قبل حكم المحكمة الدستورية بحلها أيضا ..  وفي الحالتين كان في الاثنين , المجلس واللجنة ,عوارا قانونيا يستدعي الحل .

 بماذا يمكن ان تصف الذي يهرول أمامك دائما ، إما خائف أو لص ، وفي الحالتين ليس طبيعيا , وخصوصا ان ما يهرول اليه معروف لدي القاصي والداني انه خطأ، وكان هناك ألف طريق وطريق لتصحيح الخطأ لو سلمت النوايا .

وبعيدا عن مجلس الشعب الذي لم يعد يتذكره أحد , فالدستور المزعوم جاء بمواد كثيرة جدا تقيد حركة الأمة نحو المستقبل وتفتح الباب للديكتاتورية ومصادرة الحريات والاستيلاء علي أموال الشعب وتوزيعها بما يريح الحكام .

فسر لي من فضلك مادة تقول إن هناك حدا أعلي وحدا أدني للأجور إلا في حالات الاستثناء ، والاستثناء هو ما عانينا منه من النظام السابق ، فلقد ابتدع حكاية المستشارين التي يشغلها دائما عسكريون خرجوا الي المعاش وضباط شرطة خرجوا الي المعاش وقضاة ويتقاضون الملايين من جميع المؤسسات ويقدر الخبراء ما يتقاضونه مابين عشرين وخمسة وعشرين مليار جنيه في العام .. ناهيك عن الوظائف المحجوزة لأولاد الباشوات الحكام وأقاربهم ، وهي بدورها بالآلاف .

فسر لي من فضلك كيف يكون تكوين النقابات حرا علي ألا تزيد عن نقابة واحدة في كل نشاط، وهذا يعني حل جميع النقابات المستقلة التي ناضل أصحابها ليخرجوا بنقاباتهم عن سيطرة الدولة التي جعلت النقابات جزءا من أجهزتها الفاسدة لا علاقة لها بحقوق العمال وتخضع لوزير القوي العاملة .. هكذا يسدل الستار علي نضال العمال عبر سنوات حكم مبارك  .

فسر لي حضرتك حظر العمل الجبري إلا بقانون ، يقول المتخرصون إن ذلك يقصد به الجنود في الجيش الذين يؤدون واجبا وطنيا في العمل في المشاريع الاستثمارية ، هذا ليس واجبا وطنيا ، الواجب الوطني هو الدفاع عن الوطني،  أما الصناعة والزراعة فعمل تجاري يجب ان تكون أجورهم فيه مساوية لاجور العاملين في هذا المجال من خارج الجيش .

 ويقول المتخرصون انه يقصد به الأمن المركزي ، وهذا عمل آخر من اعمال السخرة لأنه ليس من عمل جنود الجيش ضرب الشعب ولا حماية النظام .

 وكثير جدا من المواد لن استطرد فيها لكن المهم أن مقاومة هذا الدستور السلمية قوبلت بميليشيا مسلحة علي باب قصر السيد الرئيس، وسال دم، ومات شباب، ولما دافع المعارضون عن أنفسهم قيل إنهم الذين بدأوا ,وإنهم حاملو السلاح .. وكل الصور والكليبات توضح العكس الي درجة مذهلة ،  وينتقل الموت الي الاسكندرية الجميلة فيتسبب واعظ كان عليه أن يلزم البيت في هذه السن لكنه جعل من الجامع مكانا للسياسة , ويدعو الناس إلي التصويت بنعم لأن هذا هو الإسلام ,وتشتعل الأمور.. ويسيل دم .. ويخرج أقطاب الحرية والعدالة يقولون إن المسيحيين في الجامع هم السبب لأنهم اعترضوا علي الشيخ ويسجلون لأول مرة أن المسيحيين يصلون الجمعة !!

 والمراقب يري أن كلامهم عن المسيحيين يتكرربقوة هذه الأيام مما يشير الي رغبة قوية في ايقاظ الفتنة الطائفية التي يريدونها ليكون لهم مبرر قسمة البلاد والاتحاد مع غزة وتكوين امارة اسلامية تدور في فلك السعودية وينقل الرئيس الذي يعطيه الدستور هذا الحق العاصمة .. مقابل امن اسرائيل .. ويتحقق المخطط الامريكي القديم في تقسيم مصر كما حدث في السودان بعد دستور وضعه الإسلاميون هناك أيضا، وكان بينهم أحد اقطاب الاسلاميين هنا .. علي ان ذلك كله لا يهمني بقدر مايهمني أن دما أسيل علي عتبات القصر الذي يدخله الرئيس ورجاله كل يوم كأنهم يعبرون عتبة السلامة .

ibrahimabdelmeguid@hotmail.com

الجريدة الرسمية